قال الناصري في كتابه “الاستقصا في تاريخ المغرب الأقصى
حقد عَلَيْهِ السُّلْطَان فاستصفى عَامَّة أَمْوَاله وأجرى عَلَيْهِ أَنْوَاع الْعَذَاب وبيعت دوره وأصوله وَكتبه وَجَمِيع مَا يملك هُوَ وَأَوْلَاده ونساؤه ثمَّ صَار يُطَاف بِهِ فِي الْأَسْوَاق وينادى عَلَيْهِ من يفْدي هَذَا الْأَسير وَالنَّاس ترمي عَلَيْهِ بِالدَّرَاهِمِ والحلى وَغير ذَلِك من النفائس أَيَّامًا كَثِيرَة فَيذْهب الموكلون بِهِ بِمَا يرْمى عَلَيْهِ حَيْثُ ذَهَبُوا بأمواله وَبَقِي على ذَلِك قَرِيبا من سنة فَكَانَ فِي ذَلِك محنة عَظِيمَة لَهُ ولعامة الْمُسلمين وخاصتهم وَلما دنا وَقت شَهَادَته رَحمَه الله وَقد أيس من نَفسه كتب بِخَطِّهِ رقْعَة وأذاعها فِي النَّاس يَقُول فِيهَا مَا نَصه: {الْحَمد لله يشْهد الْوَاضِع اسْمه عقبه على نَفسه وَيشْهد الله تَعَالَى وَمَلَائِكَته وَجَمِيع خلقه أَنِّي مَا امْتنعت من الْمُوَافقَة على تمْلِيك من ملك من العبيد إِلَّا لِأَنِّي لم أجد لَهُ وَجها وَلَا مسلكا وَلَا رخصَة فِي الشَّرْع وَأَنِّي إِن وَافَقت عَلَيْهِ طَوْعًا أَو كرها فقد خُنْت الله وَرَسُوله وَالشَّرْع وَخفت من الخلود فِي النَّار بِسَبَبِهِ وَأَيْضًا فَإِنِّي نظرت فِي أَخْبَار الْأَئِمَّة الْمُتَقَدِّمين حِين أكْرهُوا على مَا لم يظْهر لَهُم وَجهه فِي الشَّرْع فرأيتهم مَا آثروا أَمْوَالهم وَلَا أبدانهم على دينهم خوفًا مِنْهُم على تَغْيِير الشَّرْع واغترار الْخلق بهم وَمن ظن بِي غير ذَلِك وافترى على مَا لم أَقَله وَمَا لم أَفعلهُ فَالله الْموعد بيني وَبَينه وحسبنا الله وَنعم الْوَكِيل وَالسَّلَام وَكتب عبد السَّلَام بن حمدون جسوس غفر الله ذَنبه وَستر فِي الدَّاريْنِ عَيبه صَبِيحَة يَوْم الثُّلَاثَاء الثَّالِث وَالْعِشْرين من ربيع الثَّانِي سنة إِحْدَى وَعشْرين وَمِائَة وَألف اه
°°°°°°
منقول من كتاب الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى المؤلف: شهاب الدين أبو العباس أحمد بن خالد بن محمد الناصري الدرعي