شرح النبوة:
يقول الدكتور سفر الحوالي إن الشراح البروتستانت -وإليهم تنتمي المدرسة الأصولية- يفسرون بابل بأنها الكنيسة الكاثوليكية في آخر الزمان -أي منذ بضعة قرون إلى نـزول المسيح- ويؤولون صفات بابل الجديدة الواردة آنفاً بأنها مدينة روما ويتنبأون بهلاكها.
والحقيقة أن هذا الوصف لا ينطبق على مدينة ضالة في تدينها بل هو على إمبراطورية ضالة في غطرستها وتحديها لخالقها اعتداداً بقوتها وهيمنتها ، ولذلك فمن السهل علينا إثبات خطأ ” بيتـز ” في شرح سفر الرؤيا ، وذلك بذكر الصفات التي ذكرها هو نقلاً عن السفر :-
أ-((الزانية العظيمة الجالسة على المياه الكثيرة التي زنى معها ملوك الأرض وسكر كل سكان الأرض من خمر زناها)) (ص245).
ب-((المياه التي رأيت حيث الزانية جالسة هي : شعوب وجموع وأمم وألسنة)) (ص245). – نعلم أن أكبر خزان للمياه يوجد بأمريكا الشمالية أي أمريكا و كندا علما أن كندا قد رهنت إحتياطاتها المائية لأمريكا-
ج- بعد تدميرها ((يبكي تجار الأرض وينوحون عليها لأن بضائعهم لا يشتريها أحد فيما بعد ، بضائع من الذهب والفضة والحجر الكريم واللؤلؤ والبز والأرجوان والحرير والقرمز ..والعاج والخشب والنحاس والحديد والقرفة والبخور والطيب والخرد والزيت والحنطة والبهائم غنماً وخيلاً ومركبات… كل هذه البضائع تجارها سيقفون من بعيد من أجل خوف عذابها يبكون وينوحون ، ويقولون ويل ! ويل ! … خربت في ساعة واحدة ! (انظر : ص259-260 ).
إنها دولة الرفاهية والتجارة العالمية والشركات العملاقة ..فأين روما من هذا ؟
ثم يقول السفر : ((رفع ملاك واحد قوي حجراً كرحى عظيمة ورماه في البحر قائلاً : هكذا بدفْعٍ سترمى بابل المدينة العظيمة ولن توجد فيما بعد )) (ص262).
ويقول : ((لأن تجارك كانوا عظماء الأرض إذ بسحرك ضلت جميع الأمم وفيها وجد دم (أتباع) أنبياء وقديسين وجميع من قتل على الأرض )) (ص263).
وحينئذٍ كما يقول السفر : تهلل الشعوب ويهلل من في السماء قائلين : ((المجد والكرامة والقدرة للرب إلهنا لأن أحكامه حق وعادلة إذ قد دان الزانية العظيمة التي أفسدت الأرض بزناها وانتقم لدم عبيده من يدها)) (ص263). – الزنا هي كناية على أشد درجات الإفساد و التواطئ على الإفساد-
إذن ليست روما ولكنها أمريكا وعقوبتها في الأسفار إما ربانية “رياح ” كما سبق أو إعصار ((كيف صارت بابل دهشاً بين الشعوب ؟ طلع البحر على بابل فغمرها بهدير أمواجه ، وصارت مدنها دماراً . أرضاً قاحلة مقفرة…)). [أرمياء 51 : 42-43]
وفي دانيال ومتّى “زلازل وأوبئة” على الأرض ولبابل -بلا ريب- النصيب الأوفر منها!!
..وإما بشرية يرسلها الله : ((أيتها القائمة على المياه الغزيرة الكثيرة الكنوز ، قد حان أجلكِ ، بنفسه أقسم رب القوات : أملأك رجالاً كالجنادب فيصيحون عليك بهتاف الانتصار ؟ هو الذي صنع الأرض بقوته وثبّت الدنيا بحكمته)). [نفسه 51 : 13-14]
فما هتاف الانتصار الذي ينشده جند الله بعد تدمير رجسة الخراب يقيناً أو بعد تدمير أمريكاً غالباً :
إنه هتاف عجيب يورده أشعياء : ((استيقظي استيقظي البسي عزك يا فلسطين -في الأصل صهيون-البسي ثياب فخرك يا أورشليم يا مدينة القدس فإنه لا يعود يدخلك أقلف ولا نجس انفضي الغبار عنك قومي اجلسي يا أورشليم حُلَّت قيود عنقك أيتها الأسيرة)). – هذا على أن زوال إسرائيل رهين بزوال حبل أمريكا الذي يمكنها من الوجود كما قال سبحانه و بحبل من الناس- [52 : 1-2] ويمتن الله على عباده المؤمنين الذين يفرحون بنصره قائلاً : ((لأني حينئذٍ أجعل للأميين (في الأصل الشعوب) شفة نقية (لا شفة نجسة كشفة إسرائيل) ليدعو جميعاً باسم الرب وليعبدوه كتفاً على كتف)). [صفيناء 3 : 9]
يعلم الناس عامة وأهل الكتاب خاصة أنه ما من أمة تعبد الله كتفاً على كتف كالبنيان المرصوص إلا أمة الإسلام. وهم أطهر الناس شفة وحسب شفاههم طهارة أنها لا تسب الله فتقول إن له ابناً أو إنه يجهل وينسى ويندم -تعالى الله عما يقول المشركون علواً كبيراً-.
تطبيق النبوة على الأحداث الأخيرة:
يقول الدكتور فاروق الدسوقي في كتاب: القيامة الصغرى على الأبواب ((ص: 431 – 441 )): وهكذا نجد أن سفر الرؤيا قد أفرد الإصحاح الثامن عشر كله لتفصيل عبارة واحدة وردت في الإصحاح السابع عشر عن دمار بابل الجديدة مستهلاً الإصحاح بقوله ( وصرخ بشّدة بصوت عظيم قائلاً سقطت, سقطت بابل العظيمة وصارت مسكناً لشياطين ومحرساً لكل روح نجسة, ومحرساً لكل طائر نجس وممقوت .. )
ليس السقوط المذكور هنا إلا نفس السقوط المذكور في الإصحاح السابق في قوله ( .. خمسة سقطوا .. ) أي سقطوا في قبضة الوحش الصهيوني وسكنت نفسه الخبيثة جسد بابل الجديدة فصارت أداة طيعة في يده يحكم بها الأرض, ومن ثم صارت مسكناً للشياطين, أي لهذه النفوس اليهودية الخبيثة كما أنها صارت محرساً لكل طائر نجس وممقوت وهذه الطيور إشارة إلي الطيران العسكري الأمريكي وإلي الصواريخ الأمريكية الحاملة للقنابل النووي والهيدروجينية وكل هذا أصبح من سلطان الصهيونية .
ثم علل النص هذا السقوط وفسره فقال ( لأنه من خمر غضب زناها قد شرب جميع الأمم وملوك الأرض زنوا معها وتجارة الأرض استغنوا من وفرة نعيمها .. )
وهذا بيان لسيطرة بابل السياسية والاقتصادية على دول وشعوب الأرض من خلال ملوك وحكام خونة لشعوبهم ولله تعالى ولرسوله بالإضافة إلي السيطرة العسكرية التي أشار إليها بالطيور النجسة الممقوتة, إذ بسلاح الطيران تهدد أمريكيا الدول وتحكم به الشعوب, وهي تمتلك أسلحة الدمار الشامل وتحرمها على غيرها من الشعوب الإسلامية ولا تحرمها على إسرائيل .
( ثم سمعت صوتاً آخر من السماء قائلاً: اخرجوا منها يا شعبي لئلا تشتركوا في خطاياها ولئلا تأخذوا من ضرباتها )
وهذا نداء للمؤمنين بالله تعالى وملائكته وكتبه ورسله وهم المسلمين لكي يخرجوا منها ولا يعيشوا فيها مهما كانت الأسباب والدوافع, وذلك حتى لا يقعوا في خطاياها من ناحية, وحتى لا يأتي عليها الدمار وهم فيها فيهلكوا من ناحية أخرى .
( لأن خطاياها لحقت السماء وتذكر الله آثامها .. ) كان الأولى أن يكون التعبير ( وذكر الله آثامها .. ) إذ قوله ( تذكر ) يفيد أنه جاء بعد نسيان وسبحان ربي لا يضل ولا ينسى, ولا شك أن هذا من خطأ المترجم .
( جاوزها كما هي أيضاً جازتكم, وضاعفوا لها ضعفاً نظير أعمالها, في الكأس التي مزحت فيها امزجوا لها ضعفاً )
أي أن الجزاء من جنس العمل, وكما ظلمت وطغت أمريكيا واستخدمت كل أساليب الشر لحكم الشعوب الضعيفة فسيأتي الوقت الذي تضعف فيه وتجازى من الدول الأخرى كما كانت تجازيهم .
( بقدر ما مجّدت نفسها وتنعمت, بقدر ذلك أعطوها عذاباً وحزناً لأنها تقول في قلبها : أنا جالسة ملكة ولست أرملة ولن أرى حزناً, من أجل ذلك في يوم واحد ستأتي ضرباتها موتاً وحزناً وجوعاً وتحترق بالنار, لأن الرب الإله الذي يدينها قوى )
لقد قالت المرأة الزانية وأيقنت بقلبها أنها ستظل هكذا الأقوى والأغنى بين الأمم, لقد نطق بها بوش رئيسها الحادى والأربعون عندما صرح بعد حرب الكويت : إن القرن الواحد والعشرين هو قرن الولايات المتحدة الأمريكية .
لقد ضمن القوة والغنى قرناً على الأقل كأن الأمر بيده وبيد سيده الوحش الخفي, ناسياً خالقه وجاهلاً أنه للجبابرة بالمرصاد ويملي لهم ثم يأخذهم بغتة فلا يفلتون من يده سبحانه .. ( من أجل ذلك في يوم واحد ستأتي ضرباتها موتٌ وحزن وجوع وتحترق بالنار ) .
كل هذا في يوم واحد ( لأن الرب الذي يدينها قوى ) وسينقسم الناس حيال آثار هذه الزلزلة العظيمة ودمار أمريكيا بعامة ونيويورك بخاصة إلي فريقين :
الأول : الملوك والحكام العملاء والخونة الذين كانوا يسيرون في ركابها يطيعونها وينفذون مخططاتها على حساب شعوبهم, ومعهم أعوانهم وإخوانهم من الماسون والروتارى والوزراء وكبار الموظفين المنتفعين المرتشين الخونة الذين قبضوا ثمن خياناتهم مما سرقوه ونهبوه من أقوات الشعوب غير عابئين بشيء لأنهم تأكدوا أن وجودهم في مراكزهم وعلى كرسي الحكم مرهون برضاء الوحش ورضا أمريكيا عليهم .
هؤلاء سيهولهم الحدث عندما يشاهدون بأعينهم دمار اللات والعزى التي عبدوها في لحظة واحدة, وحينما يرون بأعينهم دخان حريقيها سوف يبكون وينوحون ( وسيبكي وينوح عليها ملوك الأرض الذين زنوا معها وتنعموا معها ) لأنهم حينما يبكون عليها إنما يبكون على أنفسهم لأن هذا الزلزال الذين سيدمر معبودتهم الكبرى أمريكيا سوف يزلزل ويدمر عروشهم وأنظمتهم أيضاً, وإنهم سيذهلون ( حينما ينظرون دخان حريقها ) بأعينهم .
لكن كيف وهي بعيدة عنهم في أقصى الأرض وهم كل واحد منهم في أرضه .؟!
إن هذا لا يكون إلا في هذا العصر الذي يشاهد الناس فيه كل يوم أحداث العالم في الشرق والغرب على السواء, يوم يرونها على شاشة التلفاز .
((تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد)) الحج :2
هؤلاء الملوك لن يروها محترقة عن كثب أو عن قرب بل سيكون ذلك بعيد ( واقفين من بعيد لأجل خوف عذابها قائلين ويل, ويل المدينة العظيمة بابل المدينة القوية لأنه في ساعة واحدة جاءت دينونتك ) .
إن بابل اسم يطلق على الدولة العالمية أي على الولايات المتحدة الأمريكية, كما يطلق أيضاً على عاصمتها العالمية نيويورك, وقوله المدينة العظيمة يفيد أنها نيويورك وليست الولايات المتحدة وهذا كله يحدث في يوم واحد بل في ساعة واحدة لأن ضربة الزلزال العظيم لا تستغرق إلا دقائق أو ثواني .
ومن هذا الفريق الأول أيضاً التجار الذين استغنوا من التجارة معها وهؤلاء سيبكون وينوحون عليها أيضاً ( ويبكي تجار الأرض وينوحون عليها لأن بضائعهم لا يشتريها أحد فيها بعد ) -لأن الإنهيار الإقتصادي سيأخد فترة من الوقت قبل أن يتحقق-.
فلا يعلم أحد إلا الله عزل وجل مقدار الآثار الاقتصادية المترتبة على خسف نيويورك بخاصة وأجزاء أخرى من أمريكيا بعامة .
فهذا الدمار شيء بعيد عن تصور الناس إذ كل ما فيها من مدينة غنية بناها أهلها خلال عشرات السنين بل خلال قرون, فهل يمكن أن يتصور الإنسان ذهاب هذا كله وفناءه في ساعة واحدة كأنه كان سراباً ولم يكن حقيقة ماثلة وواقعة قائما على الأرض ؟!
إن صعوبة تصور فناء هذه المدينة المتقدمة هي التي تجعل الناس يشكون في صحة هذا النبأ العظيم, نبأ زلزال الأرض الكبير ولكن يؤكد حدوث هذا الدمار لهذه المدنية المادية الظالمة القاسية المتوحشة قوله تعالى (( .. حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلا أو نهاراً فجعلناها حصيداً كأن لم تغن بالأمس .. )) فستصير هذه المدينة المزخرفة رمادا وهشيما كأنها لم تكن .
( وكل ربان وكل الجماعة في السفن والملاحون وجميع عمال البحر وقفوا من بعيد وصرخوا إذ نظروا دخان حريقها قائلين : أية المدينة مثل المدينة العظيمة .. )
أي أنه لا يوجد في الأرض مدينة تضاهي هذه المدينة في العظمة والقوة والغنى الوفير وهذا ينطبق على الولايات المتحدة كدولة وعلى نيويورك كمدينة تلك (( التي لم يخلق مثلها في البلاد )) – لعل أمريكا هي عاد الثانية أو الآخرة التي لمح إليها القرآن- .
والذين سيرددون هذا القول هم بحارة السفن الذين يرتادون موانئ العالم ويعرفون أنه لا يوجد ميناء مثل نيويورك ولا توجد دولة يذهبون إليها مثل الولايات المتحدة, وحيث أنه لا يوجد على الأرض دولة مثلها كما لا يوجد ميناء على الأرض في عظمة نيويورك, فإن هذه العبارة دليل واضح على أن بابل الجديدة هي الولايات المتحدة بعامة ونيويورك بخاصة .
بعض الملاحظات على ما نقلته عن كتاب القيامة الصغرى على الأبواب :
1- يقول الدكتور أن المبنى هو مبنى هيئة الأمم المتحدة والتي من خلاله يتحكم اليهود بالعالم, وهذا خطأ من المؤلف, لأن المبنى كما رأينا هو مبنى التجارة العالم واليهود لم يتحكموا في العالم إلا عن طريق التجارة والمال وليس بقوات الأمم المتحدة, كما أن المبنى الذي شبهها بإرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد, فهو قطعاً ليس مبنى الأمم المتحة إنما هو مبنى التجارة العالمي والذي هو أطول عمارتين في العالم .
2- يقول المؤلف أن الدمار الذي سيحل بمدينة نيويورك هو بفعل زلزال, والذي حدث هو بسبب طائرات وليس بسبب الزلازل .
3- يقول المؤلفة أن مدينة نيويورك سوف يصيب الدمار كل أجزاءها, والذي حدث هو انهيار أكبر مبانيها, والتفسير الذي قام به الدكتور لنصوص من التوراة ومدعمة بآيات من القرآن الكريم جاء موافق للحقيقة بنسبة 90% !! فسبحان الله العظيم
°°°°°°°°°°°
المرجع
مقالتين للدكتور سفر الحوالي و محمد دسوقي مع ملاحظات بالخط الأحمر