https://www.youtube.com/watch?v=Quj0qf8h7b8
الشاعر الشهيد: هاشم الرفاعي
أبتاهُ ما ذا قد يَخُطُّ بناني . |
والحبلُ والجلادُ ينتظران؟ . |
|||
هذا الكتابُ إليكَ منْ زنزانةٍ . |
مقرورةٍ صخرية الجدرانِ . |
|||
لم يبقَ إلاّ ليلَةٌ أحيا بها . |
وأُحِسُّ أنَّ ظلامها أكفاني . |
|||
ستمرُّ يا أبتاهُ لستُ أشكُّ في . |
هذا وتحملُ بعدها جثماني . |
|||
k k k | ||||
الليل من حولي هدوءٌ قاتلٌ . |
والذكرياتً تمولاُ في وجداني . |
|||
ويهدني ألمي فأنشُدُ راحتي . |
في بضع آياتٍ مِنَ القرآنِ . |
|||
والنفسُ بينَ جوانحي شفاقةٌ . |
دبَّ الخُشوعُ بها فهزَّ كياني . |
|||
قدْ عشتُ أُومنُ بالإله ولم أذقْ . |
إلاّ أخيراً لذّة الإيمان . |
|||
k k k | ||||
والصمتُ يقطعهُ رنينُ سلاسلٍ . |
عبثتْ بهنّ أصابعُ السَّجّانِ . |
|||
ما بينّ آونةٍ تمرُّ وأُختها . |
يرنو إليّ بمقلتَيْ شيطان . |
|||
من كوةٍ بالبابِ يرقبُ صيدَهُ . |
ويعودُ في أمنٍ إلى الدورانِ . |
|||
أنا لا أحسُّ بأَيّ حقدٍ نحوهُ . |
ماذا جنى فتمسُّهُ أضغاني؟ . |
|||
هوَ طيِّبُ الأخلاقِ مثلُكَ يا أبي .بي |
لمْ يبدُ في ظمأ إلى العدوانِ . |
|||
لكنّه إنْ نامَ عنّي لحظةً . |
ذاقَ العيالُ مرارةَ الحرمانِ . |
|||
فلربّما ـ وهو المروع سحنةً . |
لوْ كانَ مثلي شاعراً لرثاني . |
|||
أوْ عادَ منْ يدري ـ إلى أولادهِ . |
يوماً، تذكّرَ صورتي فبكاني . |
|||
وعلى الجدار الصَّلبِ نافدةٌ بها . |
معنى الحياة غليظةُ القضبان . |
|||
قدْ طالما شارفتُها متأملاً . |
في السائرين على الأَسى اليقظانِ . |
|||
فأرى وجوماً كالضباب مصوِّراً . |
ما في قلوب الناس منْ غليانِ . |
|||
نفسُ الشّعورِ لدى الجميع وإن هُمُ . |
كتموا… وكانَ الموتُ في إعلاني . |
|||
ويدورُ همسٌ في الجوانحِ: ما الذي . |
بالثورةِ الحمقاءِ قدْ أغراني؟ . |
|||
أو لمْ يكُنْ خيراً لنفسي أَنْ أُرَى . |
مثل الجموع أسيرُ في إذعان . |
|||
ما ضرّني لوْ قدْ سكتُّ وكلّما . |
غلب الأسى بالَغتُ في الكتمانِ . |
|||
هذا دمي سيسيلُ يجري مطفِئاً . |
ما ثارَ في جنبيّ من نيرانِ . |
|||
وفؤاديَ الموّارُ في نبضاتِهِ . |
سيكفّ منْ غدهِ عن الخَفقَانِ . |
|||
والظلمُ باقٍ… لنْ يحطّمَ قيدَهُ . |
موتي ولَنْ يودي به قرباني . |
|||
ويسير ركبُ البغي ليسّ يضيرهُ . |
شاةٌ إذا اجتثَّتْ منَ القُطعانِ . |
|||
k k k | ||||
هذا حديثُ النفسِ حينَ تشفّ عن . |
بشرِيّتي وتمورُ بعد ثوانِ . |
|||
وتقولُ لي: إنَّ الحياةَ لغايةٌ . |
أسمى منَ التصفيقِ للطُغيانِ . |
|||
أنفاسُكَ الحرّى وإن هي أُخمدتْ . |
ستَظلّ تَعْمُرُ أُفْقَهُمْ بدخانِ . |
|||
وقروحُ جسمكَ هو تحتَ سياطهم . |
قسماتُ صبحٍ يتّقيهِ الجاني . |
|||
دمعُ السجين هناك في أغلالِه . |
ودَمُ الشهيدِ هُنا سَيَلْتقيانِ . |
|||
حتى إذا ما أفعِمتْ بهما الرُّبا . |
لمْ يبقَ غيرُ تمرّدِ الفيضان . |
|||
ومنَ العواصف ما يكونُ هبوبُها . |
بعدَ الهدوء وراحة الربّانِ . |
|||
إنّ احتدام النارِ في جَوفِ الثّرَى . |
أمرٌ يُثيرُ حفيظةَ البركانِ . |
|||
وتتابعُ القطراتِ يَنزلُ بعدَهُ . |
سيلٌ يَليه تدفّقُ الطوفانِ . |
|||
فيموجُ يقتلعُ الطغاةَ مزمجراً . |
أقوَى مِنَ الجَبروتِ والسُّلطان . |
|||
k k k | ||||
أنا لَستُ أدري هَلْ سَتُذْكَرُ قصّتي . |
أمْ سَوفَ يَعدُها دُجى النسّيانِ؟ . |
|||
أو أنني سَأكونُ في تاريخنا . |
مُتآمراً أمْ هادِمَ الأوثانِ . |
|||
كلُّ الذي أدريهِ أنّ تَجَرّعي . |
كأسَ المذلة لَيْسَ في إمكاني . |
|||
لَو لمْ أكُنْ في ثورتي مُتَطلّباً . |
غَيرَ الضياء لأمتي لكفاني . |
|||
أهوَى الحياةَ كريمةً، لا قَيدَ، لا . |
إرهابَ، لا استخفافَ بالإنسانِ . |
|||
فإذا سَقطتُ، سَقَطتُ أحملُ عِزّتيِ . |
يَغلي دُمُ الأحرار في شَرَياني . |
|||
أَبَتاه إن طَلَعَ الصباحُ على الدُّنا . |
وأضاءَ نورُ الشَّمسِ كلَّ مَكانِ . |
|||
واستقبلَ العُصفورُ بَينَ غصونِه . |
يَوماً جَديداً مشرقَ الألوانِ . |
|||
وسَمِعتَ أنغامَ التفاؤُل ثَرّةً . |
تَجري على فَمِ بائعِ الألبان . |
|||
وأتى يَدُقُّ كما تَعوّدَ بابَنا . |
سَيَدُقُّ بابَ السجنِ جَلاّدانِ . |
|||
وأكون بعد هنيهةٍ متأرجحاً . |
في الحبل مشدوداً إلى العيدانِ . |
|||
ليكن عزاؤك أنَّ هذا الحبلَ ما . |
صَنعتْهُ في هذه الرُّبوعِ يدانِ . |
|||
نَسجوهُ في بَلدٍ يَشُّع حضارةً . |
وتُضاءُ مِنهُ مشاعِلُ العِرفان . |
|||
أو هكذا زعموا… وجيء به إلى . |
بلدِ الجريحِ على يَدِ الأعوان . |
|||
أنا لا أُريدُكَ أن تعيشَ مُحطَّماً . |
في زحمةِ الآلامِ والأشجانِ . |
|||
أنّ ابنكَ المصفودَ في أغلالِه . |
قد سيقَ نحوَ الموتِ غيرَ مُدانِ . |
|||
فاذْكُر حكاياتٍ بأيامِ الصبا . |
قد قُلتَها لي عن هوى الأوطانِ . |
|||
وإذا سَمعتَ نشيج أمي في الدُّجى . |
تبكي شباباً ضاع في الريعانِ . |
|||
وتُكَتَّمُ الحسراتِ في أعماقها . |
أَلَماً تُواريهِ عَن الجيرانِ . |
|||
فاطلبْ إليها الصفّحَ عني، إنّني . |
لا أبتغي منها سوى الغُفْرانِ . |
|||
ما زالَ في سمعي رنينُ حديثها . |
ومَقالِها في رحمةٍ وحَنانِ: . |
|||
أَبُنَيّ، إني قد غدوتُ عَليلةً . |
لَمْ يَبْقَ لي جَلَدٌ على الأحزانِ . |
|||
فَأَذِقْ فُؤادي فرحةً بالبحثِ عَن . |
بنتِ الحلالِ ودَعْكَ من عصياني . |
|||
كانت لها أُمنيّةٌ ريّانةٌ . |
يا حُسنَ آمالٍ لها وأَماني . |
|||
والآن لا أدري بأي حَوانِجٍ . |
ستبيتُ بَعدي أم بأي حنانِ . |
|||
k k k | ||||
هذا الذي سَطَّرْتُهُ لكَ يا أبي . |
بعضُ الذي يجري بفكرٍ عانِ . |
|||
لكنْ إذا انتصرَ الضياءُ ومُزّقتْ . |
بيد الجموع شريعةُ القُرصانِ . |
|||
فلسوف يذكرني ويُكْبِرْ هِمَّتي . |
مَنْ كان في بلدي حليفَ هَوانِ . |
|||
وإلى لقاءِ تحت ظل عدالة . |
قُدسيَّة الأحكامِ والميزانِ c |