زي الشهر ده في ٢٠١٢ توفى والدي رفاعي سرور رحمه الله ..
آخر كلمات سمعتها منه كان على باب الشقة قبل نزوله لصلاة العصر _ التي توفي فيها _ :
شايفك متضايقة .. اجهزي وهسفرك اسكندرية ..
انتظرته وما طلعش ..
أتذكر آخر كلماته وكل كلماته و أعيش بها وقودا يعين نفسي على البقاء ..
كيف يكون مثله ارهابي متوحش وقد بكاه كل من عرفه وكل من سمع عنه ومنه ..
كيف يكون مجرماً يتاجر بدماء الشباب وهو الذي ربى أبنائه هو على فكره وكانوا أول المبتلين ، وبدلا من يقطف ثمار أيديهم ستة أطباء ومهندسين ، صار يتابع زيارتهم في السجون عشر سنوات في عهد مبارك !
كيف يكون صاحب مصلحة وهو الذي توفى ولم يقطف أي ثمار دنيوية ، بل عاش على الكفاف ومات عليه ..
كيف يكون مريض بكراهية المجتمع وقد خرج هذا المجتمع بكل أطيافه في جنازته حتى احدى الفتيات التي كانت على وشك التنصر وقتها !
كيف لمثله ان يوصف بالجهل واشعال الفتنة وهو من ألّف مصنفات يعاد طبعها منذ ستين عاماً وترجمت الى عدّة لغات ، ولم يجرؤ أحد على نقدها نقد علمي وفكري ومنهجي اللهم إلا من بعض الردح والسفسطة على التوك شو ..
كيف لمثله ان يوصف بنشر الكراهية وتلك البسمة التي لم تفارقه والتي يحيى بها الله قلوباً منهكة إلى يومنا ..
سلوا طرفته ونكاته التي أضحك بها الجميع من اخوانه في أوقات الحبس والتعذيب حتى اشتهر بذلك ، فطلب منه ضابط التحقيق ذات مرة نكتة ، زي ما بيضحك صحابه وبيسمعهم !
سلوا محمد رفاعي سرور شماس الكنيسة الذي رأى حباً لم يره إلا في عين الإرهابي المتوحش _ فأبى إلا ان يحمل اسمه ويموت به !
سلوا إفطار الصائمين في المسجد المجاور والذي كان يقف عليه بنفسه حتى صارت سنّة في المنطقة كلها وصارت البيوت تتنافس في تجهيز طعام الصائمين وإحضاره للمسجد ..
سلوا عائلة كبيرة أبناء وحفدة كيف كان يشع أملاً وإيجابية وحسن ظن بينهم _في أحلك الظروف المادية والمعنوية ، حتى صار أيقونة الفأل والثقة رغم كل البهدلة والبلاء .. وسلوا كل من سأله يوما : انت ربيت كل دول ازاي !
سلوا بنيه كيف كانوا صغاراً في السابعة والعاشرة وقد تعلموا معاونته في حل مشاكل البيوت وعلاج مس الشيطان ودعم أهل البلاء !
سلوا جسده المتعب المنهك والذي اكتسب وزنا وبدانة من سجون الانفرادي والجلوس بالسنوات بين أربع حيطان ، فعاش يكافح القلب والصدر حتى توفي !