فوائد في التعامل مع الفتن
التزود بالطاعات والإكثار من الأعمال الصالحة حصن حصين من الفتن وزاد قوي في التصدي لها عند حلولها |
عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: بادروا بالأعمال ستاً: طلوع الشمس من مغربها، أو الدخان، أو الدجال، أو الدابة، أو خاصة أحدكم، أو أمر العامة.
فأوصى صلى الله عليه وسلم بالاجتهاد في الأعمال الصالحة؛ بل والمسابقة إليها قبل حلول وقت الفتن.
الحث على الائتلاف بين المسلمين وترك الخلاف والنزاع والفرقة، وأن الفتنة أعظم في وقت الخلاف منها في وقت الائتلاف |
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الصادق المصدوق: إن الأعور الدجال مسيح الضلالة يخرج من قِبَلِ المشرق في زمان اختلاف من الناس وفرقة، فيبلغ ما شاء الله أن يبلغ من الأرض أربعين يوماً.
الحذر والتحذير من الفتن قبل وقوعها |
و هذا ظاهر في كل الأحاديث التي تحدثت عن الدجال، بل إن الأنبياء كل الأنبياء حذروا أممهم منه كما أخبر بذلك الصادق المصدوق ؛ حيث قال: ما بعث نبي إلا أنذر أمته الأعور الكذاب.
عدم الانخداع بالمظاهر خصوصاً وقت الفتن، بل وتحذير الناس من ذلك |
و نلحظ ذلك في المظاهر الخادعة التي تصاحب الدجال، ومن ذلك: أن معه جنة وناراً، وأنه يأمر السماء أن تمطر فتمطر، والأرض أن تنبت فتنبت ولو تمعن المتمعن لما انخدع.
و في اختلاف صفات الدجال بما ذكر من النقص بيان أنه لا يدفع النقص عن نفسه كيف كان، وأنه محكوم عليه في نفسه ، إذن لا يستطيع أن يدفع الضرر عن نفسه، فكيف يدفعه عن غيره.
ضرورة الابتعاد عن مواضع الشبهات والفتن، وألا يعتقد المرء أنه على قدرة في مواجهة الشبهات والفتن، وخصوصاً مع قلة العلم والدين |
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من سمع بالدجال فَلْينأَ عنه؛ فوالله إن الرجل ليأتيه وهو يحسب أنه مؤمن فيتبعه مما يبعث من الشبهات، أو لما يبعث به من الشبهات.
لا يكفي تحذير الناس من الفتن؛ بل الواجب توضيح السبل للخلاص منها |
أ ـ قراءة فواتح سورة الكهف: قال صلى الله عليه وسلم : فمن أدركه منكم فليقرأ عليه فواتح سورة الكهف.
ب ـ قال صلى الله عليه وسلم : لأنا أعلم بما مع الدجال منه، معه نهران يجريان: أحدهما رأي العين ماء أبيض، والآخر رأي العين نار تأجج، فإما أدركن أحد فليأت النهر الذي يراه ناراً وليغمض، ثم ليطأطئ رأسه فيشرب منه؛ فإنه ماء بارد، وإن الدجال ممسوح العين عليه ظفرة غليظة، مكتوب بين عينيه: (كافر) يقرؤه كل مؤمن كاتب وغير كاتب.
ج ـ التعوذ منه: ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو في الصلاة: وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال.
الفتنة ليست شراً محضاً |
نقل الإمام النووي ـ رحمه الله ـ عن العلماء أنهم قالوا: هذا من جملة فتنته التي امتحن الله تعالى ـ به عباده ليحق الحق ويبطل الباطل، ثم يفضحه ويظهر للناس عجزه.
الحق لا بد أن ينتصر وتُنهى الفتن ويظهر الحق |
وهذه أعظم فتنة تمر على البشرية ثم تنتهي، وينزل عيسى ليهلك الدجال، كما ثبت في صحيح مسلم: يخرج الدجال في أمتي فيمكث أربعين… فيبعث الله عيسى ابن مريم كأنه عروة بن مسعود فيطلبه فيهلكه.
أهمية العلم الشرعي في مواجهة الفتن |
فالمؤمن الذي يكشف زيف الدجال وكذبه مسلم متمسك بالعلم الشرعي المبني على الدليل الشرعي؛ لذا تجده يخاطب الدجال بلهجة الواثق كما في صحيح البخاري: فيقول: أشهد أنك الدجال الذي حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثه.
فهو نَسَبَ عِلْمَهُ بالدجال لعلمه بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم ، وهذا من أعظم العلم الشرعي.
ويتبع القاعدة الماضية سؤال أهل العلم عما أشكل وخصوصاً وقت الفتن |
ومن ذلك ما تكرر من أسئلة الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ عن هذه الفتنة.
فقد جاء في الحديث الذي رواه مسلم: قلنا: يا رسول الله! وما لبثه في الأرض؟ قال: أربعون يوماً: يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيامكم. قلنا: يا رسول الله! فذلك اليوم الذي كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم؟ قال لا. اقدروا له قدره. قلنا: يا رسول الله! وما إسراعه في الأرض الحديث.
ومن هذا الحديث أيضاً نرى حرص الصحابة على الصلاة وإقامتها في وقتها.
الكثرة ليست دائماً دليلاً على الحق، والدجال باعتباره فتنةً عظيمة سيتبعه أناس كثيرون؛ فهل نقول إنه على الحق؟ |
لا، بالطبع؛ فعلى المسلم أن يلزم الحق ولو كان وحده وقد ثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا ينجـــو مـن فتنة الدجال إلا اثنا عشر ألف رجـل وسبعـة آلاف امـــرأة وهـذا لا يقال من قِبَلِ الرأي؛ فيحتمل أن يكون مرفوعاً أرسله، ويحتمل أن يكون من بعض أهل الكتاب.
اغتنام فترة ما قبل الفتن لتهيئة النفوس لتلك المرحلة بالعلم الشرعي والعبادة والدعاء وإخلاص الدين لله وتطهير القلوب من آفاتها |
– عن أبي ثعلبة الخشني: أبشروا بدنيا عريضة تأكل إيمانكم, فمن كان منكم يومئذ على يقين من ربه أتته فتنة بيضاء مسفرة, ومن كان منكم على شك من ربه أتته فتنة سوداء مظلمة, ثم لم يبال الله في أي الأودية سلك.
تكوين فكرة عامة عن زمن الفتن عن طريق قراءة كتب الفتن وأشراط الساعة حتى لا تفجأنا بأحداثها |
– ففي الحديث (هذه فتن قد أطلت كجباه البقر يهلك فيها أكثر الناس إلا من كان يعرفها من قبل). [الفتن: ص162]
عدم التورط في قتال مع أي طائفة من الطوائف المتقاتلة ذي الرايات العمية |
– عن عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (تكون فتنة النائم فيها خير من المضطجع, والمضطجع فيها خير من القاعد, والقاعد فيها خير من القائم, والقائم خير من الماشي, والماشي خير ن الراكب, والراكب خير من المجري, قتلاها كلها في النار) قال: قلت: يا رسول الله ومتى ذلك؟ قال: (أيام الهرج) قال: قلت: ومتى أيام الهرج؟ قال: (حين لا يأمن الرجل جليسه) قال: قلت: فبما تأمرني إن أدركت ذلك؟ قال: (اكفف نفسك ويدك وادخل دارك) قال: قلت: يا رسول الله أرأيت إن دخل علي داري؟ قال: (فادخل بيتك) قال: قلت: إن دخل علي بيتي؟ قال: (فادخل مسجدك ثم اصنع هكذا) ثم قبض بيمينه على الكوع, (وقل ربي الله حتى تقتل على ذلك). [الفتن: ص78]
– عن حذيفة ابن اليمان رضي الله عنه قال: إياكم والفتن لا يشخص لها أحد, فوالله ما شخص لها أحد إلا نسفته كما ينسف السيل, إنها تشتبه مقبلة, حتى يقول الجاهل هذا يشبه, وتبين مدبرة فإذا رأيتموها فاجتمعوا في بيوتكم وكسروا سيوفكم وقطعوا أوتاركم. الفتن [ص78]
– عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ويل للعرب من شر قد اقترب قد أفلح من كف يده) [الفتن: ص78]
– عن أبي إدريس الخولاني قال: سمعت حذيفة ابن اليمان يقول: قلت يا رسول الله ما تأمرني إن أدركت ذلك؟ قال: (تلزم جماعة المسلمين وإمامهم) قلت: فإن لم يكن لهم إمام ولا جماعة؟ قال: (فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بجزع شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك) [الفتن: ص80]
– عن أرطأة ابن المنذر قال: بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (في الفتنة الرابعة يصيرون فيها إلى الكفر فالمؤمن يومئذ من يجلس في بيته والكافر من سل سيفه واهراق دم أخيه ودم جاره) [الفتن: ص82]
– عن جندبة قال: ستكون فتن قلت يا أبا عبد الله فما تأمرنا؟ قال: (الأرض الأرض ليكن أحدكم حلس بيته فإنه لا ينبجس لها أحد إلا أذرته) [الفتن: ص94]
– عن أبي كبشة السلوسي قال: سمعت أبا موسى يقول: (إن من ورائكم فتنا كقطع الليل المظام يصبح الرجل فيها مؤمنا ويمسي كافرا, ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا, القاعد فيها خير من القائم, والقئم خير من الماشي, والماشي خير من الراكب, قالوا: فما تأمرنا؟ قال: كونوا أحلاس بيوتكم). [الفتن: ص95]
– عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ويل للعرب من شر قد اقترب من فتنة عمياء صماء بكماء, القاعد فيها خير من القائم والقائم فيها خير من الماشي والماشي فيها خير من القاعد, ويل للساعي فيها من الله تعالى يوم القيامة) [الفتن: ص98]
الفرار من الفتن بالاعتزال |
– عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يوشك أن يكون خير مال امرئ مسلم غنم يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر يفر بدينه من الفتن) [الفتن: ص50]
– عن ابن خيثمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (خير الناس في الفتن رب شاء في رأس جبل معتزل عن شرور الناس) [الفتن: ص50]
– عن ابن خيثمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (خير الناس في الفتن رجل يأكل من فيء سيفه في سبيل الله ورجل في رأس شاهقة يأكل من رسل غنمه) [الفتن: ص50]
– عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يأتي على الناس زمان يخير الرجل فيه بين العجز والفجور, فمن أدرك ذلك فليختر العجز على الفجور) [الفتن: ص107]
– عن ابن مسعود قال: (خير الناس في الفتنة أهل شاء سود يرعين في شعف الجبال ومواقع القتر, وشر الناس فيها كل راكب موضع وكل خطيب مسقع) [الفتن: ص108]
عدم الالتفات إلى تنمية المال والأرباح وشراء العقارات |
– عن أبي المهلب وأبي عثمان قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أبّل في ذلك الزمان إبلا أو اتخز كنزا أو عقارا مخافة الدوائر لقي الله تعالى يوم القيامة خائبا غالا) [الفتن: ص50]
– عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: (ناقة مقتبة يومئذ خير من دسكرة تغل مائة ألف) [الفتن: ص50]
تجنب الشهرة والمناصب وتحاشي ذيوع الصيت |
عن شرحبيل بن مسلم الخولاني عن أبيه قال: (كان يقال من أدركته الفتنة فعليه فيها بذكر خامل) [الفتن: ص152]
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن ذكر الفتنة الرابعة: (لا ينجو من شرها إلا من دعا كدعاء الغرق أسعد أهلها كل تقي خفي, إذا ظهر لم يعرف, وإن غاب لم يفتقد, وأشقى أهلها كل خطيب مسقع أو راكب موضع) [الفتن: ص82]
السكوت وكف اللسان |
عن علي ابن أبي طالب قال: (ينجو في ذلك الزمان كل مؤمن نومة). الفتن [ص152]
قيل لعلي ابن أبي طالبي رضي الله عنه: ما النومة؟ قال: (الرجل يسكت في الفتنة فلا يبدو منه شيء). الفتن [ص152]
الدعاء واللجوء إلى الله |
– عن حذيفة رضي الله عنه قال: (ليأتين على الناس زمان لا ينجو منه أحد إلا الذي يدعو كدعاء الغرق). الفتن [ص108]
– عن النعمان ابن المقرن رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (العبادة في الهرج والفتنة كالهجرة إلي). الفتن [ص41]
وختاما نقول |
ينبغي على المسلم أن يتقي الله عز وجل وأن يستعيذ به من المسيح الدجال، لعل الله أن يقينا وإياكم فتنة الدجال ويجعلنا وإياكم من أهل الجنان ويحجب عنا وعنكم بعفوه النيران، كما أنه ينبغي عليه أن لا يكون من الجيش الذي يذهب لقتال المهدي عليه السلام، وأن لا يكون من الثلث المنهزم من الملحمة الكبرى فَيُحرَم التوبة فقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم من يستشهد بهذه الملحة الكبرى بأنه أفضل الشهداء وأما الثلث الذي يفر من القتال فقد وصفه النبي صلى الله عليه وسلم بأنه شر الخلق يوم القيامة وبأنه لا توبة له وذلك لأنه خذل المسلمين في وقت حاجتهم إليه ونبين هذا لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بأن في هذه الملحمة الكبرى سيهزم ثلث الجيش وهم من شرار الخلق، وسيستشهد الثلث الثاني وهم أفضل الشهداء عند الله، وسينتصر الثلث الثالث والأخير وهم من أفضل الخلق، .
فاتقوا الله عباد الله وتوبوا إليه وتذكروا أن الدنيا فانية وأن الآخرة هي الباقية. وتذكروا قول الرسول صلى الله عليه وسلم “كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل”، وضعوا نصب أعينكم قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه حيث يقول: “حَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُحَاسَبُوا َوزِنُوا أَعْمَالَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُوَزَنَ لَكُمْ “.