[ بيان الاتحاد السوداني للعلماء والأئمّةِ والدُّعاة]
في: (تجاوز البرهان حدود ما أنزل الله)
الإثنين 16شعبان 1442هجري
الموافق له 29 مارس 2021م
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي لم يخلق الخلق عبثاً ولم يتركهم سُدىً وَهَمَلاً فأرسلَ الرّسل وأنزلَ الكُتب وأحلّ الحلال وحرّم الحرام وشرّع الشرائع وبيّن الأحكام
والصلاة والسلام على رسول الله ﷺ القائل : (إنَّ الله هو الحكم، وإليه الحكم) رواه أبو داوود
أمّا بعد :
فقد جرى التوقيع على مايُسمّى إعلان المبادئ بين حكومة الفترة الإنتقالية لجمهورية السودان والحركة الشعبية لتحرير السودان – قطاع الشمال –
ينص على فصل الدين عن الدّولة وهو المعروف بنظام(العلمانية)
وهذا التوقيع من الطرفين فيه تجاوزٌ وطغيان وبغيٌ وعدوان ، وانتهاكٌ لإرادة الغالبية العُظمى من شعب السودان المُسلم الذّي له هُويته وخصوصيته!
وإنّنا في الاتحاد السوداني للعلماء والأئمة والدعاة ممثلاً فيه طوائف من أهل القبلة نتوجه بهذا البيان محذرين من فداحة وخطورة الاتفاق حتى يستبين النّاسُ حقيقته ويعلنوا رفضة والوقوف ضدّ كل محاولةٍ أثيمةٍ تمس إرادتهم وهُويتهم.
أولأ:
إنّ كُلُّ سياسةٍ أو نظامٍ أو مذهبٍ لا يؤمن ولا ينقادُ لله ﷻ بالحُكْم والتشريع فهو باطل منبوذ،واعتراضٌ على الرَّبِّ المعبود، ومن أَظْهَرِها وأَبْيَنِها باطلاً المذاهب الفكرية والحركات السياسية التي تقوم على فصل الدين عن الدولة وعن الحياة، سواء كان فصلاً جُزئياً أو كُلِّياً؛ نحو ما يُسمَّى بالعلمانية أو الليبرالية أو الشيوعية؛ فلا يحلُّ للمسلم أن يرضى بها ويتحاكم إليها لأّنّها جحودٌ وإنكارٌ واضحٌ صريح لحقِّ الله في الحكم والتشريع؛ قال تعالى: ﴿أَمۡ لَهُمۡ شُرَكَٰٓؤُاْ شَرَعُواْ لَهُم مِّنَ ٱلدِّينِ مَا لَمۡ يَأۡذَنۢ بِهِ ٱللَّهُۚ وَلَوۡلَا كَلِمَةُ ٱلۡفَصۡلِ لَقُضِيَ بَيۡنَهُمۡۗ وَإِنَّ ٱلظَّٰلِمِينَ لَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ﴾ [سورة الشورى: ٢١]. فمن رضي بالإسلام ديناً لزمه الإيمان بأنَّه دين شامل ينتظم حياة الفرد والأسرة والمجتمع والدولة، في السِّلْم والحرب والعلاقات الدولية، وبأنَّه صالح لكل زمان ومكان، وأنَّ شرائعه مستقرةٌ ومستمرة.
ثانياً:
إنّ دين الله شامل لكل نواحي الحياة ؛ فكُلُّ من دعا أو سعى أو عاون وأقرّ وتوافق ، واتفق على إبعادِ شيءٍ من الدّين أو تعطيله وحَمَلَ السَّلاح وقاتلَ ليفصل الدّين عن الدولة فقد حارب الله ورسوله ، واعترض على الوحي المُنزّل وما اشتمل عليه من الشرائع والأحكام وردّ وكذّب كلام ربِّ العالمين، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد.
قال تعالى: ﴿وَتَمَّتۡ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدۡقٗا وَعَدۡلٗاۚ لَّا مُبَدِّلَ لِكَلِمَٰتِهِۦۚ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ﴾ [سورة الأنعام: ١١٥]: أي صدقاً في أخباره، وعدلاً في أحكامه؛ فمن كذَّب أخباره أوجحد أحكامه أواعترض أوامره أوسخط شرائعه فقد ارتدَّ عن الدين، وكَفَر بالله ربِّ العالمين وحبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين، ليس له في الإسلام من نصيب، وإِنْ صَلَّى وصام وزعم أنَّه من المسلمين؛ قال تعالى: ﴿وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَتَعۡسٗا لَّهُمۡ وَأَضَلَّ أَعۡمَٰلَهُمۡ ٨ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ كَرِهُواْ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأَحۡبَطَ أَعۡمَٰلَهُمۡ ٩﴾ [سورة محمد]، وقال تعالى: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱرۡتَدُّواْ عَلَىٰٓ أَدۡبَٰرِهِم مِّنۢ بَعۡدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ ٱلۡهُدَى ٱلشَّيۡطَٰنُ سَوَّلَ لَهُمۡ وَأَمۡلَىٰ لَهُمۡ ٢٥ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ قَالُواْ لِلَّذِينَ كَرِهُواْ مَا نَزَّلَ ٱللَّهُ سَنُطِيعُكُمۡ فِي بَعۡضِ ٱلۡأَمۡرِۖ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ إِسۡرَارَهُمۡ ٢٦ فَكَيۡفَ إِذَا تَوَفَّتۡهُمُ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ يَضۡرِبُونَ وُجُوهَهُمۡ وَأَدۡبَٰرَهُمۡ ٢٧ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمُ ٱتَّبَعُواْ مَآ أَسۡخَطَ ٱللَّهَ وَكَرِهُواْ رِضۡوَٰنَهُۥ فَأَحۡبَطَ أَعۡمَٰلَهُمۡ ٢٨﴾ [سورة محمد].
ثالثاً:
إنّ هذه الإتفاقية باطلةٌ ومنبوذة لأنّها تقوم على مبدأ يُصادم هوية وثوابت الغالبية العظمى من أهل السودان
ويفرض باستبداد فكرةً مُناهضةً للإسلام ومصادمةً لنصوصه الواضحة الصريحة
وهي خروج على الدّين وحرب علية جهرة وسعي في الأرض المسلمين بفسادٍ لا يحل السكوت عليه أبداً.
ويجب وجوبا شرعيا علي كُلّ مسلم رضي بالله رباً وبالإسلام ديناً بكل نصوصه المعظمة والمقدّسة من الكتاب والسنة ، أن يعلن رفضه التامّ لهذه الاتفاقية الجائرة !
فليس من حق أي متسلط مهما كان منصبه عسكرياً أو مدنياً تحديد هُوية الأمّة ولا فرض وصايةٍ عليها والتحدث باسمها وتبني الكفر نيابة عنها بدعوى السلام ، والسلام مطلب شرعي والاستقرار والأمن ووحدة اراضي البلاد رغبةٌ منشودة ،ولكن أيَّ سلامٍ ثمنه تنحية الاسلام وشرائعه وأحكامه مرفوضٌ ومردود .
وبناءً على ماسبق :
فإنّ الاتحاد يدعو كافة الشعب السوداني المسلم المحب لدينه عدم التفريط فيه ومواجهة كل محاولات إبعاده بالحسم والحزم
وأن يتحمل مسؤليته أمام الله فيقوم بدوره لإبطال هذه الإتفاقية ومناهضتها والوقوف ضدّها ، فهي مسلك وعر يفضي بالعباد والبلاد لمتاهاتٍ عواقبها وخيمة ،ويؤسس لانتزاع الحقوق بالقوة ،ويحملُ كُلّ حادبٍ على الدّين أن يبذل في سبيله الغالي والنفيس
وخلاصة هذا البيان وختامه
إذا رضي البرهان و حكومته ومن معه
بالتمرد علي الله ؛إرضاء لقلة قليلةٍ حاملةٍ للسلاح.
فإنّنا ندعو الأمّة للتمرد عليه والانتفاضة علي سلطانه ليعلم هو ومن معه أنً الأمّة لا تفرط في شيء من دينها وأنّها قد بايعت اللّه على نصرة شريعته وإعلاء كلمته
ومن جاهد لتكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا السفلى ثمّ قتل فهو شهيد ، والله غالب على أمره وكفى بالله ولياً وكفى بالله نصيرا .
والحمد لله ربّ العالمين
والله الموفق والهادي الى سواء السبيل
الأمانة العامّة
الإثنين 16شعبان 1442هجري
الموافق له 29 مارس 2021م