الطريق إلى المبادره (2)
صفحات غير مطوية من السجون المصرية يرويها
في حلقات شاهد عيان
بقلم / وائل ذهب
____________________
ركبنا سيارة الترحيلات عائدين إلى سجن دمنهور مرت السياره على فرع أمن الدوله جابر ابن حيان بالجيزه، صعد معنا ثلاثه من المعتقلين الجدد ينتمون لفصيل يسمى حزب الله ، كانوا من القرآنيين الذين لا يأخذون بصحيح السُنّه مطلقاً رغم أنهم ملتحون يتحدثون الإنجليزيه بطلاقه وأحدهم تم القبض عليه عقب دخوله مصر من المطار وهم من محافظة الأسكندريه

ثم أتوا برجلٍ عجوز يغلب على عمره أنه قد تعدى الستين من عمره ملتحٍ، يبدة انه كان يلتمس فينا صفاء النيّه وحسن المعامله، ثم أخذ يقترب منى أثناء الترحيل وتحدث معى ليفاجئنى أنه ناصري من تنظيم خالد جمال عبد الناصر ومحمود نور الدين (ثورة مصر) وأنه كان يعمل لدى جهاز المخابرات المصريه سابقاً وتمت محاكمته بعشر سنوات قضاها، ثم عبر عن رأيه فى حصار أمريكا على العراق فأعادوا اعتقاله وهو يراجع نفسه فى الناصريه والقوميه فلقد تخلى الناصريون عنه منذ خروجه من السجن، كانت ثيابه بسيطه وهيئته بسيطه أقرب إلى التشرد منها

ارتبت فى أمره لكن لماذا نرتاب وعلى أى شىءٍ نخشى فنحن فى السجن وهى نقطة النهايه على أية حال، وأما القرآنيون فكانوا شباباً مثقفين وواضح أنهم من هيئتهم وملابسهم أنهم أبناء ناس ذو مستوى مادى مرتفع فمنهم خريج الجامعه الأمريكيه ومنهم من درس فى لندن كانوا فى غاية اللطف والأدب معنا وأخذوا يسمعون منا محنتنا بتفاصيلها لعلهم يعرضونها على منظمات حقوق الإنسان بعد الخروج وتعجبت من ثقتهم فى أنهم سيخرجون
..
ذهبنا إلى منطقة برج العرب أولاً وبها سجنها المسمى بإسمها وله إسم آخر هو (الغربنيات) وسرنا وسط الملاحات وتلال من البوص والقصب وأسراب الحشرات الطائره التى تدخل عندنا فى السياره رغم انسداد نوافذها بالسلك حتى توقفنا أمام السجن وأنزلوا أعضاء حزب الله والرجل الناصرى ثم انهالوا عليهم وأوسعوهم ضربا بخشب (الطفش) ونحن نشاهدهم من داخل السياره، لقد كان أمراً إعتيادياً لنا أن نرى هذه المشاهد لأنها حدثت معنا مئات المرات، لكن الذى أوجعنا هو هذا الإجرام مع من لا يستطيع الدفاع عن نفسه أو يوجد خلفه من يدافع عنه ،لقد كان مشهداً دمويا ً وهم يحملونهم وهم فى غيبوبه بسبب هذا الضرب

