بعد أن استفاض الحديث في المنشورات السابقة عن العلم وما يتعلق به؛ نكمل بعون الله تعالى في تربية الطفل وتوجيهه بخصوص بعض السلوكيات، وفي هذا المنشور بإذن الله سيدور الكلام حول الأنانية والكرم والصدقة.
⁉️ كيف أشجع طفلي على الكرم ونبذ الأنانية؟! 💰
⏪ دائمًا وفي كل أمر: اربط طفلك بتقوى الله تعالى، وشجعه على ما يحبه الله ويرضاه ويأمر به، وفي هذا الصدد: الله عز وجل يدعونا إلى التحلّي بالكرم، وينهى عن الأنانية، ويحث على الصدقة والإحسان إلى الناس.
⏪ اذكر له الآيات والأحاديث التي تكلمت عن الصدقة.
⏪ ركز له على بعض القصص بأسلوب يناسب عمره؛ كقصة الصحابي الذي آثَر ضيفَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم على نفسه وعياله، حتى نزل فيه قول الله عز وجل: {ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة}.
💧وكذلك قصة الصحابة الثلاثة الذين قُتلوا جميعًا دون أن يشرب أحدهم قطرةَ ماء؛ لأن كلَّ واحد منهم فضّل أن يشرب أخوه قبله، وكانت النتيجة أن انتقلوا إلى رحمة الله تعالى دون أن يشربوا!
☀️ أخبره كيف كان الصحابة رضوان الله تعالى عليهم يتسابقون ويتنافسون على البذل في سبيل الله؛ فهذا أبو بكر الصدّيق رضي الله عنه يتبرّع بكل ماله في غـزوة تاركًا لأهله اللهَ ورسولَه، وهذا عمر رضي الله عنه يتبرع بنصف ماله، وذاك عثمان رضي الله عنه يجهّز جـ ـيـش العـسرة، وذاك أبو الدحداح رضي الله عنه يشتري نخلة ويتصدّق بها على فقير، ويكون الثمن بستانًا كبيرًا له! فيكرمه الله تعالى بأضعاف ما بذل: في الجنة، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم.
إلى غير ذلك من القصص.
⏪ ركز له على أن البذل والصدقة فيهما أجر كبير، وأن الصدقة لا تنقص من المال، بالعكس: هي تجارة مع الله تعالى، تنمّي المال وتكثّره، ولا بد أنك -أيها المربي- قد مررتَ بقصصٍ تصدّقتَ فيها ورأيتَ تعويضَ الله تعالى لك، فاذكر له أمثلة من ذلك، وحين يتكرر معك الأمرُ في المستقبل: فبادر وقل لطفلك: أرأيتَ يا بني كيف يعوّض الله تعالى مَنْ يتصدّق ويكثّر له ماله؟ هذا في الدنيا، فما بالنا بالأجر بإذن الله في الآخرة؟!
⏪ وضح له أن هذا المال أساسًا هو مال الله عز وجل، وهو الذي أعطانا إياه، وكان يمكن ألا يكون لنا، وهناك نصيب للفقراء والمساكين فيه، ولولا رحمة الله لَكنتَ فقيرًا مثلهم، فهل تحب وقتَها أن يتخلى عنك الناس ويتصرفوا معك بأنانية وبخل؟! طبعًا لا، والمسلم يحب لأخيه ما يحبه لنفسه، إذًا فلا بد أن تزكّي عن كونك لستَ فقيرًا، بل وأن تشتري سلامتك وراحتك في المستقبل، بهذه الصدقات إن شاء الله.
⏪ نبّهه إلى أن الأجر موجود في كل أمر؛ فإكرام الضيف فيه أجر، وتقديم المساعدة أيًّا كان نوعها -لأهله وإخوته، وأصدقائه وجيرانه، وعموم المسلمين- فيه أجر، ولا بد لنا كمسلمين أن نتعاون بكل ألفة وأخوّة؛ كما قال تعالى: {وتعاونوا على البر والتقوى}، وقال سبحانه: {إنما المؤمنون إخوة}.
⏪ الكريم الحقيقي لا يرجو المقابل والعوض إلا مِنَ الله عز وجل، ولا يَمُنُّ على الآخرين، بل يخضع لأمر الله تعالى القائل: {ولا تبطلوا صدقاتكم بالمَنّ والأذى}.
⏪ اجعل طفلك يمارس الصدقة بنفسه؛ مثلاً: أعطه مالاً، واطلب منه أن يعطيه لذلك الفقير، اعرض عليه أن يهدي بعض ألعابه وثيابه الزائدة عن حاجته: إلى صديقه اليتيم، وذكّره بعظيم الأجر والعوض الرباني، وبأن مجرد إدخال البهجة على قلب مسلم: عمل صالح.
⏪ لا تنسَ أن تكون قدوة لأطفالك؛ بأن تصحبهم في ذهابك للتصدّق على بعض الفقراء، هذا ليس من الرياء، بل هذا نوع من التربية العملية، ويمكنك أن تجعل خبيئة بينك وبين الله تعالى؛ إذ ليس بالضرورة أن يطّلع أطفالك على كل أعمالك وصدقاتك، لكن من المهم أن يعرفوا بعضَها؛ ليتشجعوا بإذن الله، وثق أن مكانتك واحترامك سيزيدان في قلوبهم بفضل الله، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يعلّم صحابته رضوان الله عليهم نظريًّا وعمليًّا.