فجأة قبل فجر اليوم، وجدت أمام ناظري، خبر وفاة الأخ والحبيب والعزيز والرقيق والمهذب والراقي، حلو اللسان، طيب القلب، متواضع الطبع، فضيلة الشيخ أحمد سالم، واحد من أعمدة جمعية أنصار السنة، ولا أزكيه على الله، وقد نال بيتي شرف زيارته لي اكثر من مرة، كما نلت شرف زيارته عندما سكن منطقة الظاهر، كما وسع الله رزقه لي منه بصحبته في السفر مرتان إلى مدينة منية سمنود لإلقاء محاضرات مشتركة في أحد مساجدها الكبرى، بدعوة من الشيخ الحبيب الكريم مدحت الساهي رحمه الله.
وقد قرأت الخبر، في سيرة مختصرة للشيخ احمد، كتبها أحد تلاميذه ومحبيه الأوفياء هو الابن الشيخ أبو عبد الرحمن بن هيمان الجيزي، جزاه الله كل الخير، فقال مما قال:
***
* تُوُفِّيَ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ الْفَقِيهُ المُنَظِّرُ: أَبُو عَبدِ الرَّحْمَنِ، أَحْمَدُ بْنُ سَالِمِ بْنِ دُهَيْمٍ الْمَرْجِيُّ الْقَاهِرِيُّ الْمِصْـرِيُّ السَّلَفِيُّ (١٣٦٩ – ١٤٤٢ هـ = ١٩٥٠م – ٢٠٢١ ص) رحمه الله رحمة واسعة، وغفر لـه، عن عمر يناهز (٧٣) قضاها في نشر التوحيد والسنة، وذب الضلالات عن الإسلام.
وذلك في يوم الاثنين ٣٠ شعبان ١٤٤٢هـ ، الموافق ١٢ أبريل ٢٠٢١ ص ليلًا، قبل الفَجر.
* أخَذْتُ عَنْهُ ما مَلَأَ قَلْبي وجَوْفِي وكِيَانِي؛ فَلا أظنُّ قلمًا يكتُبُه، ولا لسانًا يصفهُ، ولا بيانًا يَشملُهُ ! فهُوَ أوَّلُ مَشايِخِي في الطَّلَبِ والعُدَّةِ وَالعُدَدِ.
* كان رحمه الله وأنار قبره؛ زاهدًا، متعفِّفًا، كريمًا، ودودًا، رحيمًا، باذلًا نفسَهُ ووقَتَه لنشرِ السُّننِ.
* وكان واضحًا وضَّاحًا، مع عِفَّةٍ في اللسانِ، وخِفَّةٍ في البيانِ، شديدًا على أهل البدعِ والزندقةِ، أحيانا يصـرِّح بهم، وأحيانا يُعَرِّضُ، لا يستحي من ذلك، باعدا نفسه عن الغَلطِ واللَّغط.
* وكان مع نشاطهِ في الدعوة إلى الله، وهمته العالية في الدفاع عن أصول الإسلام يحب خمول الذكر، وعدم الظهور.
* ولم يكن يعتني بالتصنيف، إنما كان يفضل شرح الكتب، وسردها؛ فشرح كثيرا من كتب الاعتقاد والأثر، فما أحسنَ هذا ؟!
* وكانَ دائمًا يتمنَّى أن يموتَ في “البقيعِ” في مدينة من دافع عنه طوال حياته – صلى الله عليه وسلم- ؛ لكن الله شاء أن يتوفاه في مكان إقامته بمنطقة “الْمَرْجِ” من مدن “القاهرة” بعد عناء مع المرض – أحسن الله إليه- ، وكانت جنازته مهيبة عظيمة بعد صلاة الظهر في مسجد العدل بالمرج، وصُلِّي عليه مرتينِ، ودفن في مقابر واحات أكتوبر بالجيزة رحمه الله-
* وجمعهم من مشايخ “جماعة أنصار السنة المحمدية”. أكرم الله ورحم وغفر لشيخنا أحمد سالم، الذي ما التقيته ابداً، إلا ولسانه يلهج بالدعاء لي، والإحسان في القول، والابتهاج والسرور ينيران وجهه المشرق كعادته دائماً.
وأعزي أولاده الكرام، وأعتذر لهم، أنه ما شغلني عن زيارته التي تمنيتها كثيراً كثيراً، غير أثقال همومي بعد خروجي من السجن، فأسألهم العفو وقبول العذر.