وهو يتجلى بإقامة الأصول ، والمسلمات العقدية الآتية :
الأصل العام : دين الأنبياء واحد ، وشرائعهم متعددة ، والكل من عند الله -تعالى – .
من أصول الاعتقاد في الإسلام : اعتقاد توحد الملة والدين في : التوحيد ، والنبوات ، والمعاد ، والإيمان الجامع بالله ، وملائكته ، وكتبه ورسله ، واليوم الآخر ، والقدر خيره وشره ، وما تقتضيه النبوة والرسالة من واجب الدعوة ، والبلاغ ، والتبشير ، والإنذار ، وإقامة الحجة ، وإيضاح المحجة ، وإخراج الناس من الظلمات إلى النور ، بإصلاح النفوس ، وتزكيتها ، وعمارتها بالتوحيد ، والطاعة ، وتطهيرها من الانحراف ، والحكم بين الناس بما أنزل الله .
واعتقاد تعدد الشرائع وتنوعها في الأحكام ، والأوامر والنواهي .
وهذا الأصل هو : ” جوهر الرسالات كلها ” .
وتفصيل هذا الأصل العقدي بشقيه كالآتي :
أما توحد الملة والدين في دعوة جميع الأنبياء والمرسلين :
فنعتقد أن أصل الدين واحد ، بعث الله به جميع الأنبياء والمرسلين ، واتفقت دعوتهم إليه ، وتوحدت سبيلهم عليه ، وإنما التعدد في شرائعهم المتفرعة عنه ، وجعلهم الله – سبحانه – وسائط بينه وبين عباده في تعريفهم بذلك ، ودلالتهم عليه ؛ لمعرفة ما ينفعهم ، وما يضرهم ، وتكميل ما يصلحهم في معاشهم ، ومعادهم :
بُعثوا جميعاً بالدين الجامع الذي هو عبادة لله وحده لا شريك له ، بالدعوة إلى توحيد الله ، والاستمساك بحبله المتين .
وبعثوا بالتعريف في الطريق الموصل إليه .
وبعثوا ببيان حالهم بعد الوصول إليه .
فاتحدت دعوتهم إلى هذه الأصول الثلاثة :
* الدعوة إلى الله – تعالى – في إثبات التوحيد ، وتقريره ، وعبادة الله وحده لا شريك له ، وترك عبادة ما سواه ، فالتوحيد هو دين العالم بأسره من آدم إلى آخر نفس منفوسة من هذه الأمة .
* والتعريف بالطريق الموصل إليه – سبحانه – في إثبات النبوات وما يتفرع عنها من الشرائع ، من صلاة ، وزكاة ، وصيام ، وجهاد ، وغيرها : أمراً ، ونهياً في دائرة أحكام التكليف الخمسة : الأمر وجوباً ، أو استحباباً ، والنهي : تحريماً ، أو كراهة ، والإباحة ، وإقامة العدل ، والفضائل ، والترغيب ، والترهيب .
* والتعريف بحال الخليقة بعد الوصول إلى الله : في إثبات المعاد ، والإيمان باليوم الآخر ، والموت ، وما بعده من القبر ، ونعيمه ، وعذابه ، والبعث بعد الموت ، والجنة والنار ، والثواب والعقاب .
وعلى هذه الأصول الثلاثة ، مدار الخلق والأمر ، وإن السعادة والفلاح لموقوفة عليها لا غير .
وهذا مما اتفقت عليه جميع الكتب المنزلة ، وبعث به جميع الأنبياء والرسل ، وتلك هي الوحدة الكبرى بين الرسل ، والرسالات ، والأمم .
وهذا هو المقصود من قول النبي صلى الله عليه وسلم : ” إنا معشر الأنبياء أخوة لِعَلاّت أمهاتهم شتى ودينهم واحد ” متفق عليه من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – .
وهو المقصود في قول الله – تعالى – : { شرع لكم من الدين ما وصى به نوحاً والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إليه الله يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب } [ الشورى / 13 ] . وهذه الأصول الكلية هي ما تضمنته عامة السور المكية من القرآن الكريم .
وإذا تأملت سر إيجاد الله لخليقته وهو عبادته ، كما في قول الله – تعالى – : { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون } [ الذاريات / 56 ] . عرفت ضرورة توحد الملة ، والدين ، ووحدة الصراط ولهذا جاء في أم القرآن ، فاتحة الكتاب الله – عز وجل – : { اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم } ثم أتبع ذلك بأن اليهود والنصارى ، خارجون عن هذا الصراط ، فقال – سبحانه – { غير المغضوب عليهم والضالين } .
وبهذا تدرك الحِكَمَ العظيمة مما قصه الله – تعالى – علينا في القرآن العظيم من قصص الأنبياء وأخبارهم مع أممهم ؛ لأخذ العبرة ، والتفكر ، وتثبيت أفئدة الأنبياء وإثبات النبوة والرسالة ، وجعلها موعظة وذكرى للمؤمنين ، وأخبار الأمم المكذبة لرسلهم وما صارت إليه عاقبتهم ، وأنها سننه – سبحانه – فيمن أعرض عن سبيله .
والدين بهذا الاعتبار : هو : ” دين الإسلام ” بمعناه العام ، وهو : إسلام الوجه لله ، وطاعته ، وعبادته وحده ، والبراءة من الشرك ، والإيمان بالنبوات ، والمبدأ ، والمعاد .
ولوحدة الدين بهذا الاعتبار في دعوة جميع الأنبياء والمرسلين ، وحد – سبحانه – : ” الصراط ” و ” السبيل ” في جميع آيات القرآن الكريم .
وهذا الدين ” دين الإسلام ” بهذا أي باعتبار : وحدته العامة ، وتوحد صراطه ، وسبيله ، هو الذي ذكره الله في آيات من كتابه عن أنبيائه : نوح ، وإبراهيم ، وبنيه ، ويوسف الصدّيق ، وموسى ، ودعوة نبي الله سليمان ، وجواب بلقيس ملكة سبأ ، وعن الحواريين ، وعن سحرة فرعون ، وعن فرعون حين أدركه الغرق .
ودين الإسلام بهذا الاعتبار : هو دين جميع الأنبياء والمرسلين وملتهم بل إن إسلام كل نبي ورسول يكون سابقاً لأمته ، وهو محل بعثته إلى أمته ، وما يتبع ذلك من شريعته .
كما قال الله – تعالى – : { ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت } [ النحل / 36 ] .
وقال – سبحانه – : { وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون } [ الأنبياء / 25 ] .
وإنما خص الله – سبحانه – نبيه إبراهيم – عليه السلام – بأن : ” دين الإسلام ” بهذا الاعتبار العام هو ملته ، في مثل قوله تعالى : { قل صدق الله فاتبعوا ملة إبراهيم حنيفاً } [ آل عمران / 95 ] لوجوه :
أولها : أنه – عليه السلام – واجه في تحقيق التوحيد ، وتحطيم الشرك ، ونصر الله له بذلك ما قص الله خبره ، أمراً عظيماً .
ثانيها : أن الله – سبحانه وتعالى – جعل في ذريته النبوة والكتاب ؛ ولذا قيل له : ” أبو الأنبياء ” ؛ ولذا قال الله تعالى : { ملة أبيكم إبراهيم } [ الحج / 78 ] وهو – عليه السلام – تمام ثمانية عشر نبياً سماهم الله في كتابه من ذريته ، وهم : ابنه إسماعيل ، ومن ذريته من محمد عليهما الصلاة والسلام ، وابنه إسحاق ومن ذريته : يعقوب بن إسحاق ، ويوسف ، وأيوب ، وذو الكفل ، وموسى ، وهارون ، وإلياس ، واليسع ، ويونس ، وداود وسليمان ، وزكريا ، ويحيى ، وعيسى – عليهم السلام – .
ثالثهما : لإبطال مزاعم اليهود، والنصارى في دعواهم أنهم على ملة إبراهيم – عليه السلام – فقد كذبهم الله – تعالى – في قوله : { أم تقولون إن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط كانوا هوداً أو نصارى قل أأنتم أعلم أم الله ومن اظلم ممن كتم شهادة عنده من الله وما الله بغافل عما تعملون } . [ البقرة / 140 ] .
ورد الله عليهم محاجتهم في ذلك بقوله : { يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم وما أنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده أفلا تعقلون . ها أنتم هؤلاء حاججتم فيما لكم به علم فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم والله يعلم وأنتم لا تعلمون . ما كان إبراهيم يهودياً ولا نصرانياً ولكن كان حنيفاً مسلماً وما كان من المشركين } [ آل عمران / 65 – 67 ] .
ثم بين – سبحانه – أن أولى الناس بإبراهيم هم الذين على ملته وسنته ، فقال – تعالى – : { إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين } [ آل عمران / 68 ] .
وبين – سبحانه – أن هذه المحاولة الكاذبة البائسة من أهل الكتاب جارية في محاولاتهم مع المسلمين ؛ لإضلالهم عن دينهم ، ولبس الحق بالباطل ، فقال تعالى : { وقالوا كونوا هوداً أو نصارى تهتدوا قل بل ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين . قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون . فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا ، وإن تولوا فإنما هم في شقاق فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم } [ البقرة / 135 – 137 ] .
وهكذا يجد المتأمل في كتاب الله – تعالى – التنبيه في كثير من الآيات إلى أن هذا القرآن ما أنزل إلا ليجدد دين إبراهيم ؛ حتى دعاهم بالتسمية التي يكرهها اليهود والنصارى : ” ملة إبراهيم ” فاقرأ قول الله – تعالى – : { وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيداً عليكم وتكونوا شهداء على الناس } [ الحج / 78 ] .
والخلاصـــة :
أن لفظ : ” الإسلام ” له معنيان ، معنى عام : يتناول إسلام كل أمة متبعة لنبي من أنبياء الله الذي بعث فيهم ، فيكونون مسلمين، حنفاء على ملة إبراهيم بعبادتهم لله وحده واتباعهم لشريعة من بعثه الله فيهم ، فأهل التوراة قبل النسخ والتبديل ، مسلمون حنفاء على ملة إبراهيم ، فهم على ” دين الإسلام ” ، ثم لما بعث الله نبيه عيسى – عليه السلام – فإن من آمن من أهل التوراة بعيسى ، واتبعه فيما جاء به فهو مسلم حنيف على ملة إبراهيم ، ومن كذب منهم بعيسى – عليه السلام – فهو كافر لا يوصف بالإسلام ؛ ثم لما بعث الله محمداً – صلى الله عليه وسلم – وهو خاتمهم ، وشريعته خاتمة الشرائع ، ورسالته خاتمة الرسالات ، وهي عامة لأهل الأرض وجب على أهل الكتابين ، وغيرهم ، اتباع شريعته ، وما بعثه الله به لا غير ، فمن لم يتبعه فهو كافر لا يوصف بالإسلام ولا أنه حنيف ، ولا أنه على ملة إبراهيم ، ولا ينفعه ما يتمسك به من يهودية ، أو نصرانية ، ولا يقبله الله منه ، فبقي اسم : ” الإسلام ” عند الإطلاق منذ بعثة محمد – صلى الله عليه وسلم – حتى يرث الله الأرض ومن عليها ، مختصاً بمن يتبعه لا غير . وهذا هو معناه الخاص الذي لا يجوز إطلاقه على دين سواه ، فكيف وما سواه دائر بين التبديل والنسخ . فإذا قال أهل الكتاب للمسلمين : ” كونوا هوداً ، أو نصارى ” فقد أمر الله المسلمين أن يقولوا لهم : ” بل ملة إبراهيم حنيفاً ، ولا يوصف أحد اليوم بأنه مسلم ، ولا أنه على ملة إبراهيم ، ولا أنه من عباد الله الحنفاء إلا إذا كان متبعاً لما بعث الله به خاتم أنبيائه ورسله محمداً – صلى الله عليه وسلم – .
وأما تنوع الشرائع وتعددها : فيقول الله – تعالى – : { لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجاً } [ المائدة / 48 ] .
شرعة : أي شريعة وسنة . قال بعض العلماء : سميت الشريعة شريعة ، تشبيهاً بشريعة الماء ، من حيث أن من شرع فيها على الحقيقة المصدوقة ، رَوَى وتطهر .
ومنهاجاً : أي طريقاً ، وسبيلاً واضحاً إلى الحق ؛ ليعمل به في الأحكام ، والأوامر ، والنواهي ؛ ليعلم الله من يطيعه ممن يعصيه .
ويقول – سبحانه – : { لكل أمة جعلنا منسكاً هم ناسكوه فلا ينازعنك في الأمر وادع إلى ربك إنك لعلى هدىً مستقيم } [ الحج / 67 ] .
منسكاً : متعبداً
هم ناسكوه : متعبدون به .
وقال – تعالى – في حق نبيه ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم : { ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها } [ الجاثية / 18 ] .
وقد علمنا الأصول التي تساوت فيها الملل ، وتوطأت دعوة أنبياء الله ورسله إليها : إلى دين واحد ، وملة واحدة في تقرير العبودية لله – سبحانه – لا شريك له وتوحيده ، وتقرير النبوة ، والمعاد ، ووحدة التشريع من عند الله – تعالى – فهذه لا تتغير ولا تتبدل ، ولا يدخلها نسخ فهي محكمة غير منسوخة ، ولا تقبل الاجتهاد ، ولا التخصيص .
أما الشرائع ، فهي ، مختلفة ، متنوعة ، ومتنوعة ، ويعترضها النسخ ، فكل شريعة رسول تخالف الأخرى في كل أو بعض أمور التشريع :
فهناك حكم تعبدي في شريعة رسول ينتهي بانتهاء شريعته ببعثة رسول آخر ، فينسخه .
وهناك حكم يغير في بعض جزئياته في وقته ، أو كيفيته ، أو مقداره ، أو حكمه من التشديد إلى التخفيف ، وبعكسه .
وهناك حكم يكون في شريعة لاحقة دون السابقة ، أو عكسه .
وهكذا ، من تنوع التشريع في الأحكام العملية والقولية ، من الأوامر والنواهي ، حسب سابق علم الله – تعالى – وحكمته في تشريعه وأمره ، بأوضاع كل أمة ، وأزمانها ، وأحوالها وطبائعها من قوتها ، وضعفها ، وحسب أبدية التشريع ، أو تغييره ونسخه .
وهذا يكاد ينتظم أبواب التشريع في العبادات ، والمعاملات ، والنكاح ، والفرق ، والجنايات والحدود ، والأيمان والنذور ، والقضاء ، وغير ذلك من الفروع التي ترجع إلى وحدة الدين والملة .
ولذا فإن شريعة الإسلام ، وهي آخر الشرائع ، باينت جميع الشرائع في عامة الأحكام العملية ، والقولية ، والأوامر والنواهي ؛ لما لها من صفة الدوام ، والبقاء ، وأنها آخر شريعة نزلت من عند الله ، ناسخة لما قبلها من شرائع الأنبياء .
والآن إلى بينان تحقيق الإيمان الجامع بالله ، وكتبه ، ورسله ، بيان نقض الكتابيين لهذا الأصل العقدي العام ، وكفرهم به ، وما هم عليه من نواقض لهذه الأركان الثلاثة :
الإيمــان بالله تعالى :
الأصل في بني آدم هو : ” التوحيد ” وهو المقصود الذي خلقوا له فيما أمرهم الله به على ألسنة أنبيائه ورسله : { اعبدوا الله ما لكم من إله غيره } .
وقد كان الناس على هذا الأصل : كلهم على الإسلام والتوحيد ، والإخلاص ، والفطرة ، والسداد ، والاستقامة : الأمة واحدة ، والدين واحد ، والمعبود واحد .
وذلك من أبينا أبي البشر نبي الله آدم – عليه السلام – إلى قبيل عهد رسول الله نوح – عليه السلام – كلهم على الهدى ، وعلى شريعة من الحق ؛ لاتباعهم النبوة .
أول وقع الشرك في قوم نوح من الغلو في القبور :
ثم كان من مكايد الشيطان أن اختلفوا بعد ذلك بتركهم اتباع الأنبياء فيما أمروا به من التوحيد والدين ، ووقعوا في الشرك بسبب تعظيم الموتى ، عندئذٍ انقسموا : موحدين ، ومشركين .
هكذا نفذ الشيطان إلى قلوبهم بإدباب الخلاف بينهم بترك اتباع الأنبياء ، وكادهم بتعظيم موتاهم حتى عكفوا على قبورهم ، ثم كادهم بتصوير تماثيلهم ، ثم كادهم بعبادتهم ، فكان هؤلاء المشركون في قوم نوح هم أول صنف من المشركين وشركهم هذا : ” تعظيم الموتى ” هو الشرك الأرضي ، وهو أول شرك بالله ، طرق العالم ، وكان نوح – عليه السلام – هو أول رسول بعث إلى المشركين .
قال غير واحد من السلف في قول الله – تعالى – : { وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن وداً ولا سواعاً ولا يغوث ويعوق ونسراً } [ نوح / 23 ] : ” إن هذه أسماء قوم صالحين كانوا فيهم ، فلما ماتوا عكفوا على قبورهم ، ثم صوروا تماثيلهم ، ثم بعد ذلك عبدوهم ، وذلك أول ما عبدت الأصنام ، وأن هذه الأصنام صارت إلى العرب . . . ” ابتدعوا الشرك ، وابتدعوا عبادة الأوثان ، بدعة من تلقاء أنفسهم بشبهات زينها الشيطان لهم بالمقاييس الفاسدة ، والفلسفة الحائدة .
قال البخاري في : ” صحيحه ” عن ابن عباس – رضي الله عنهما – ” هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح ، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم : أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يدعون أنصاباً ، وسموها بأسمائهم ففعلوا ، فلم تعبد حتى إذا هلك أولئك ، ونسخ العلم : عبدت ” .
عندئذٍ لما عبدت الأصنام ، والطواغيت ، وشرع الناس في الضلالة والكفر ، بعث الله رحمة بعباده أول رسول إلى أهل الأرض وهو : رسول الله نوح – عليه السلام – وهو : نوح بن لامك بن متوشلخ بن أخنوخ – وهو نبي الله إدريس عليه السلام – بن يرد بن مهلايبل من قينن بن أنوش بن نبي الله شيت – عليه السلام – ، بن آدم أبي البشر – عليه السلام – .
وكان بين آدم ونوح عشرة قرون كلهم على الإسلام كما في صحيح البخاري عن ابن عباس – رضي الله عنهما – .
ومكث نوح – عليه السلام – في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً . يدعوهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له وينهاهم عن عبادة ما سواه فلما أعلمه الله أنه لن يؤمن من قومه إلا من قد آمن أهلكهم الله بالغرق بدعوته . وجاءت الرسل من بعده تترى . سَمّى الله منهم في القرآن العظيم :
هوداً – عليه السلام – وهو : هود بن شالخ بن أرفخشذ بن سام ابن نوح – عليه السلام – وهو أول نبي من نسل العرب ، بعثه الله في الأحقاف بحضر موت وهم قومه : عاد الأولى ، وهم أول من عبد الأصنام بعد الطوفان ، كما فصل الله ذلك في سورة الأعراف : [ 65 – 72 ] . وفي سورة هود : [ 50 – 60 ] . وفي سورة المؤمنون : [ 31 – 41 ] . وفي سورة الشعراء : [ 123 – 140 ] وفي سورة : ( حم السجدة ) : [ 15 – 16 ] . وفي سورة الأحقاف : [ 21 – 25 ] . وغيرها من سور القرآن الكريم .
ونبي الله صالحاً – عليه السلام – وهو : صالح بن عبيد بن ماسح بن عبيد بن حادر بن ثمود بن عاثر بن إرم بن سام بن نوح .
وهو ثاني نبي من نسل العرب بعثه الله في قومه ثمود ، بعد نبي الله هود في عاد . وقد ذكر الله في القرآن العظيم من خبرهم مع نبيهم ، وخبر الناقة وإصرارهم على عبادة الأصنام ، في عدة سور من القرآن ، في السور المذكورة ، وفي سورة الحجر ، وغيرها .
أول وقوع الشرك في الأرض في قوم إبراهيم من عبادة الكواكب :
حتى إذا عم الأرض الشرك من طراز جديد من دين الصابئة في حران ، والمشركين من عبدة الكواكب والشمس والقمر في كابل ، وعبدة الأصنام في بابل ، لما كانت النماردة ، والفراعنة ملوك الأرض شرقاً وغرباً ، وهذا هو الصنف الثاني ” عبادة الكواكب ” وهو ” الشرك السماوي ” من المشركين بعد مشركي قوم نوح ، عبدة القبور ، وكان كل من على وجه الأرض كفاراً سوى إبراهيم الخليل – عليه السلام – وامرأته سارة ، وابن أخيه لوط – عليه السلام – بعث الله رسوله : إمام الحنفاء ، وأبا الأنبياء ، وأساس الملة الخالصة ، والكلمة الباقية : إبراهيم خليل الرحمن من أرض بابل وهو :
إبراهيم بن آزر – وهو تارخ – بن ناحور بن ساروغ بن راعو بن فالغ بن عاير بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح – عليه السلام – .
وكان الخليل – عليه السلام – هو الذي أزال الله به تلك الشرور ، وأبطل به ذلك الضلال ، فإن الله – سبحانه – آتاه رشده في ضغره ، وابتعثه رسولاً ، واتخذه خليلاً في كبره .
وقد قص الله – تعالى – خبره مع أبيه ، وقومه في عدد من سور القرآن ، وفي سورة إبراهيم ، في إنكاره عليهم عبادة الأوثان ، وحقّرها عندهم ، وتنقصها ، وتكسيره لها ، ومناظرته – عليه السلام – لملك بابل النمرود بن كنعان ، ومحاجته له ، حتى اهلك الله النمرود ببعوضة فهاجر إبراهيم – عليه السلام – إلى أرض الشام ، ثم إلى الديار المصرية ، وتزوج بهاجر ، وكان الولدان المباركان والنبيان الكريمان : إسماعيل من هاجر القبطية المصرية ، وإسحاق من سارة ابنة عمه .
ولما وقع بين سارة وهاجر من غيرة النساء ما وقع ، هاجر إبراهيم بهاجر ، وابنها إسماعيل إلى مكة – حرسها الله تعالى – فكان ما كان من أمرهم في البلد الحرام من نبوع زمزم ، وبناء البيت الحرام وغيرها من الأمور العظام .
وكان لوط بن هارون بن تارخ قد بعثه الله نبياً ، فاتفقت بعثته مع بعثة عمه الخليل إبراهيم – عليه السلام – بن تارخ – آزر – في زمن واحد وكان من خبره مع قومه في أرض سدوم بالشام قرب الأردن ما قصه الله في كتابه من دعوته لهم إلى عبادة الله ، وترك عبادة الأوثان ، وما ابتدعوه من فعل الفاحشة ، فأهلكهم الله ، وأنجاه هو وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين .
ثم بعث الله نبيه شعيباً خطيب الأنبياء – عليه السلام – إلى مدين أصحاب الأيكة – وهي شجرة كانوا يعبدونها – وهو قوم من العرب ، يسكون مدين في أطراف الشام ، وهو :
نبي الله : شعيب بن مكيل بن بشجن بن مدين بن إبراهيم ، وقيل غير ذلك في نسبه .
وهكذا تتابع الأنبياء من ذرية إبراهيم – عليه السلام – في ذرية ابنيه النبيين الكريمين : الذبيح إسماعيل أبو العرب ، ثم إسحاق – عليها السلام – .
* وكان إسماعيل – عليه السلام – قد بعثه الله في جُرهُم والعماليق ، واليمن ، وغيرهم من أهل تلك الناحية في الحجاز واليمن من جزيرة العرب . وكان من ذريته خاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم .
* وكان إسحاق عليه السلام – قد بعثه الله نبياً في الشام وحران وما والاها . وكان من ذريته العيص ، ومن سلالته : نبي الله أيوب – عليه السلام – بن العيص بن إسحاق بن إبراهيم – عليهم السلام – .
ومن سلالة إسحاق : ذو الكفل ، قال ابن كثير : وزعم قوم أنه ابن أيوب . ثم استظهر ابن كثير أنه نبي .
وأيوب ، وذو الكفل أرسلا إلى أهل دمشق في الشام .
وكان من ذريته نبي الله يعقوب – وهو إسرائيل – ، وإليه تنسب بنو إسرائيل وتتابعت من بني إسرائيل : يوسف ، وموسى ، وهارون ، وإلياس ، واليسع ، ويونس ، وداود ، وسليمان ، ويحيى ، وزكريا ، وعيسى – عليهم السلام – .
أول وقوع الشرك من النوعين في العرب وغيرهم وبعثة خاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم
هكذا تتابع أنبياء بني إسرائيل ، وكان آخرهم المسيح عيسى ابن مريم – عليه السلام – وعلى حين فترة من الأنبياء والرسل ، وكان الشرك من الصنفين : عبادة القبور والكواكب قد انتشر في الأرض ، وكانت العرب على إرث من ملة أبيهم إبراهيم في جزيرة العرب ، ولكن كان عمرو بن لحي الخزاعي في رحلته المشؤومة إلى الشام رآهم بالبلقاء لهم أصنام يستجلبون بها المنافع ويستدفعون بها المضار ، فجلب مثل ذلك إلى مكة في وقت كانت ولاية البيت لخزاعة قبل قريش وكان هو سيد خزاعة ، فكان برحلته المشؤومة هذه ، هو أول من غير دين إسماعيل ، وانحراف عن ملة إبراهيم ، فَنَصَبَ الأوثان في البيت الحرام ، وسيب السائبة ، وبحر البحيرة ، ووصل والوصيلة ، وحمى الحامي .
من هنا اتخذت العرب الأصنام ، وكان أقدمها : ” مناة ” وكان على ساحل البحر بقديد بين مكة والمدينة ، ثم ” اللات ” بالطائف وهي صخرة مربعة يُلت عندها السويق ، ثم ” العزى ” وهي بوادي نخلة بعد : ” الشرائع ” للخارج من مكة شرقاً .
ثم تعددت الأصنام في جزيرة العرب ، وكان لكل قبيلة صنم من شجر أو حجر ، أو تمر ، وهكذا ، حتى كان منها حول الكعبة ثلاثمائة وستون صنماً ، بل اتخذ أهل كل دار صنماً لهم في دارهم .
ولا تسأل عن انتشار الأصنام ، وعبادة النار والكواكب في فارس ، والمجوس ، والصابئة ، وأمم سواهم منهم من يعبد الماء ، ومنهم من يعبد الحيوان ، ومنهم من يعبد الملائكة .
ومنهم من قال : الصانع اثنان ، هم الوثنية من المجوس ، وهم شر من مشركي العرب ، وعظموا النور ، والنار ، والماء ، والتراب ، وهكذا في أمم سواهم من : الصابئة ، والدهرية والفلاسفة ، والملاحدة ، فصل ابن القيم – رحمه الله تعالى – فيهم وفي مذهبهم ، ومعبوداتهم : القول في : ” إغاثة اللهفان : 2 / 203 – 320 ” .
بعثة خاتم الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وسلم :
لما كانت أمم الأرض كذلك من الشرك ، والوثنية ، بعث الله النبي الرسول الخاتم لجميع الأنبياء والمرسلين ، المبشر به من المسيح ، ومن قبله من الأنبياء والمرسلين ، داعياً إلى ملة إبراهيم ، ودين المرسلين قبل إبراهيم وبعده داعياً إلى : ” التوحيد الخالص ” ونبذ الشرك أرضيه ، وسماويه ، وسد ذريعة هذا وهذا ، فَنَهى عن اتخاذ القبور مساجد ، ونهى عن الصلاة عليها ، وإليها ، وعن تشريفها ؛ وهذا لسد ذرائع الشرك الأرضي الآتي من : ” تعظيم الموتى ” في قوم نوح – عليه السلام – ونهى عن الصلاة وقت طلوع الشمس ووقت غروبها ؛ لسد ذرائع ” الشرك السماوي ” الآتي من : ” عبادة الكواكب ” في قوم إبراهيم – عليه السلام – (24) .
والخلاصــة :
أن الإيمان بالله – تعالى – ، الذي هو المطلوب من جميع الثقلين ، لا يتم تحقيقه إلا بالاعتقاد الجازم بأن الله – تعالى – رب كل شئ ، ومليكه ، وأنه متصف بصفات الكمال والجلال ، وأنه – سبحانه – هو المستحق للعبادة وحده لا شريك له ، والقيام بذلك ، علماً ، وعملاً ، ولا يتحقق ذلك إلا باتباع خاتم الأنبياء والمرسلين محمد صلى الله عليه وسلم لا كما يظن المتجاهلون ، أن الإيمان بالله يتحقق بالإيمان بوجوده ، وربوبيته ، دون الإيمان بأسمائه وصفاته ، وتوحيده في عبادته ، ودون المتابعة لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم ، مما جعلهم ينادون بالاتحاد بين الإسلام الحق ، القائم على التوحيد الكامل وبين كل دين محرف مبدل ، فيه من نواقض هذا الإيمان ما تقشعر منه جلود الذين آمنوا .
ومن هذه النواقض ما يأتي :
نواقض الإيمان بالله لدى اليهود :
إن ” اليهود ” قبحهم الله ، هم بيت الإلحاد ، والتطاول الخطير – تعالى الله – عما يقولون علواً كبيراً .
وهذا بعض ما في القرآن الكريم من عقائدهم الإلحادية ، وكفرهم بالله – عز وجل – :
قال الله – تعالى – : { وقالت اليهود عزير ابن الله } [ التوبة / 30 ] .
وقال الله – تعالى – عن اليهود : { لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء } [ آل عمران / 181 ] .
وقال – سبحانه – :
{ وقالت اليهود يد الله مغلولة غُلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء وليزيدن كثيراً منهم ما أنزل إليك من ربك طغياناً وكفراً وألقينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة كلما أوقدا ناراً للحرب أطفأها الله ويسعون في الأرض فساداً والله لا يُحب المفسدين } [ المائدة / 64 ] .
وقال – سبحانه – :{ إن الذين يكفرون بالله ورسله ، ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا أولئك هم الكافرون حقاً } [ النساء / 150 – 151 ] .
نواقض الإيمان بالله لدى النصارى :
إن النصارى هم : المثلثة ، عباد الصليب ، الذين سبوا الله مسبة ما سبه إياها أحد من البشر . وقد فضحهم الله في القرآن العظيم .
قال الله – تعالى – : { وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم يضاهئون قول الذين كفروا من قبل قاتلهم الله أنى يؤفكون . اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله والمسيح عيسى ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلهاً واحداً لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون } [ التوبة / 30 ، 31 ] .
وقال تعالى : { لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم . . . } [ المائدة / 73 ] .
وقال سبحانه : { لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة . . . } [ المائدة / 73 ] .
وقال جل وعز : { يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه فآمنوا بالله ورسله ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيراً لكم إنما الله إله واحد سبحانه أن يكون له ولد له ما في السموات وما في الأرض وكفى بالله وكيلاً } [ النساء / 171 ] .
الإيمان بالكتب المنزلة :
من أركان الإيمان ، وأصول الاعتقاد : الإيمان بجميع كتب الله المنزلة على أنبيائه ورسله . وأن كتاب الله : ” القرآن الكريم ” هو آخر كتب الله نزولاً ، وآخرها عهداً برب العالمين ، نزل به جبريل الأمين ، من عند رب العالمين ، على نبيه ورسوله الأمين محمد . وأنه ناسخ لكل كتاب أنزل من قبل : الزبور ، والتوراة ، والإنجيل وغيرها ، ومهيمن عليه ، فلم يبق كتاب منزل يتعبد الله به ، ويتبع سوى ” القرآن العظيم ” . ومن يكفر به فقد قال الله تعالى في حقه : { ومن يكفر من الأحزاب فالنار موعده } [ هود / 17 ] .
ومن الحقائق العقدية ، المتعين بيانها هنا : أن من الكتب المنسوخة بشريعة الإسلام : ” التوراة والإنجيل ” وقد لحقهما ، التحريف ، والتبديل ، بالزيادة والنقصان والنسيان ، كما جاء بيان ذلك في آيات من كتاب الله – تعالى – منها عن : “التوراة ” قول الله – تعالى – :
{ فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظا مما ذكروا به ولا تزال تطلع على خائنة منهم فاعف عنهم واصفح إن الله يحب المحسنين } [ المائدة / 13 ] .
وقال – سبحانه – عن ” الإنجيل ” : { ومن الذين قالوا إنا نصارى أخذنا ميثاقهم فنسوا حظاً مما ذكروا به فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة وسوف ينبئهم الله بما كانوا يصنعون } [ المائدة / 14 ] .
وأن ما في أيدي اليهود ، والنصارى اليوم من التوراة والأناجيل المتعددة ، والأسفار ، والإصحاحات ، التي بلغت العشرات ، ليست هي عين التوراة المنزلة على موسى عليه السلام ، وعين الإنجيل المنزل على عيسى عليه السلام ؛ لانقطاع أسانيدها ، واحتوائها على كثير من التحريف ، والتبديل ، والأغاليط ، والاختلاف فيها ، واختلاف أهلها عليها ، واضطرابهم فيها ، وأن ما كان منها صحيحاً فهو منسوخ بالإسلام ، وما عداه فهو محرف مبدل ، فهي دائرة بين النسخ والتحريف .
ولهذا فليست بكليتها وحياً ، ولا إلهاماً ، وإنما هي كتب مؤلفة من متأخريهم بمثابة التواريخ ، والمواعظ لهم ، وحاشا لله ، أن يكون ما بأيدي اليهود من التوراة هو عين التوراة المنزلة على نبي الله موسى – عليه السلام – وأن يكون ما بأيدي النصارى من الأناجيل هو عين الإنجيل المنزل على نبي الله عيسى – عليه السلام – .
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه غَضِبَ حينما رأى مع عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – صحيفة فيها شئ من التوراة وقال صلى الله عليه وسلم : ” أفي شك أنت يا ابن الخطاب ؟ ألم آت بها بيضاء نقية ؟ لو كان أخي موسى حياً ما وسعه إلا اتباعي ” رواه أحمد والدارمي ، وغيرهما .
نواقض الإيمان بهذا الأصل لدى اليهود والنصارى :
لم يسلم الإيمان بهذا الأصل العقدي ، والركن الإيماني إلا لأهل الإسلام ، وأما أمة الغضب : اليهود ، وأمة الضلال : النصارى ، فقد كفروا به ؛ إذ لا يؤمنون بالقرآن ، ولا بنسخه لما قبله ، وينسبون ما في أيديهم من بقايا التوراة والإنجيل مع ما أضيف إليهما من التحريف ، والتبديل ، والتغيير ، إلى الله – تعالى – بل فيهما من الافتراء نسبة أشياء من القبائح إلى عدد من الأنبياء – حاشاهم عن فرى الأفاكين – وانظر الآن الإشارة إلى طرف من هذه النصوص المفتراة في نواقض إيمانهم بجميع الأنبياء والرسل وما جاءوا به :
* فقد نسبت اليهود الردة إلى نبي الله سليمان – عليه السلام – وأنه عبد الأصنام كما في سفر الملوك الأول . الإصحاح / 11 / عدد / 5 .
* ونسبت اليهود إلى نبي الله هارون – عليه السلام – صناعة العجل ، وعبادته له كما في الإصحاح / 32 عدد / 1 من سفر الخروج .
وإنما هو عمل السامري ، وقد أنكره عليه هارون – عليه السلام – إنكاراً شديداً ، كما في القرآن الكريم .
* وقد نسبت اليهود إلى خليل الله إبراهيم – عليه السلام – أنه قدم امرأته سارة إلى فرعون لينال الخير بسببها .
كما في الإصحاح / 12 العدد / 14 من سفر التكوين .
* وقد نسبت اليهود إلى لوط – عليه السلام – شرب الخمر حتى سكر ، ثم زنى بابنته .
كما في سفر التكوين . الإصحاح / 19 العدد / 30 .
* ونسبت اليهود : الزنى إلى نبي الله داود – عليه السلام – فولدت له سليمان – عليه السلام – .
كما في سفر صموئيل الثاني . الإصحاح / 11 العدد / 11 .
* ونسبت النصارى – قبحهم الله – إلى جميع أنبياء بني إسرائيل أنهم سراق ولصوص ، كما في شهادة يسوع عليهم .
إنجيل يوحنا . الإصحاح / 10 / العدد / 8 .
* ونسبت النصارى – قبحهم الله – جد سليمان ، وداود : فارض ، من نسل يهوذا بن يعقوب ، من نسل الزنى .
كما في : إنجيل متى . الإصحاح / 1 العدد / 10 .
فهذه أمة الغضب ، وهذه أمة التثليث والضلال يرمون جمعاً من أنبياء الله ورسله بقبائح الأمور التي تقشعر منها الجلود ، وينسبون هذا إلى كتب الله المنزلة : التوراة والإنجيل – وحاشا لله – .
إن هذا كفر بالله من جهتين : جهة نسبته إلى الوحي ، ومن جهة الكذب على الأنبياء والرسل بذلك .
فكيف يدعى إلى وحدة المسلمين الموحدين ، والمعظمين لرسل الله وأنبيائه مع هذه الأمم الكافرة الناقضة للإيمان بالكتب المنزلة والأنبياء والرسل .
ومن هنـــا : كيف لا يستحي من المنتسبين إلى الإسلام من يدعو إلى طبع هذه الأسفار والإصحاحات المحرفة المفترى فيها مع كتاب الله المعصوم : ” القرآن الكريم ” .
إن هذا من أعظم المحرمات ، وأنكى الجنايات ، ومن اعتقده صحيحاً فهو مرتد عن الإسلام .
الإيمان بالرسل :
من أركان الإيمان ، وأصول الاعتقاد ، ” الإيمان بالرسل ” إيماناً جامعاً ، عاماً ، مُؤتَلِفاً ، لا تفريق فيه ولا تبعيض ، ولا اختلاف ، وهو يتضمن تصديقهم ، وإجلالهم ، وتعظيمهم كما شرع الله في حقهم ، وطاعتهم فيمن بعثوا به في الأمر ، والنهي ، والترغيب ، والترهيب ، وما جاءوا به عن الله كافة .
وهذا أصل معلوم من الدين بالضرورة ، فيجب الإيمان بجميع أنبياء الله ورسله ، جملةً وتفصيلاً ، من قص الله – سبحانه – علينا خبره ومن لم يقصص خبره .
وأن عِدّة الأنبياء ، كما جاءت به الرواية من حديث أبي ذر – رضي الله عنه – وغيره : ” مائة ألف وعشرون ألفاً ” وعدة الرسل منهم : ” ثلاثمائة وخمسة عشر جماً غفيراً ” . وسمى الله منهم في القرآن الكريم ، خمسة وعشرين ، فأول نبي هو : آدم – عليه السلام – وقيل : بل هو نبي رسول . وأول نبي رسول نوح – عليه السلام – وآخر نبي رسول هو محمد صلى الله عليه وسلم . وكان عيسىبن مريم قبله ، ولم يكن بينهما نبي ولا رسول .
وقد ذكر الله منهم في مواضع متفرقة من القرآن : سبعة ، هم : آدم ، وهود ، وصالح ، وشعيب ، وإسماعيل ، وإدريس ، وذو الكفل ، ومحمد – صلى الله عليهم أجمعين – .
وذكر ثمانية عشر منهم في موضع واحد ، في أربع آيات متواليات من سورة الأنعام : ( 83 – 86 ) وهم : إبراهيم ، وإسحاق ، ويعقوب ، ونوح ، وداود ، وسليمان ، وأيوب ، ويوسف ، وموسى ، وهارون ، وزكريا ، ويحيى ، وعيسى ، وإلياس ، وإسماعيل ، واليسع ، ويونس ، ولوط .
ومن هذا العدد : خمسة هو أولو العزم من الرسل ، وهم الذين ذكرهم الله – سبحانه – بقوله : { وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم } [ الأحزاب / 7 ] .
ومن هذا العدد المبارك : أربعة من العرب ، وهم : هود ، وصالح ، وشعيب ، ومحمد – صلى الله عليهم وسلم أجمعين – (25) .
وذكر الله – سبحانه – ولد يعقوب باسم : ” الأسباط ” ولم يذكر اسم أحد منهم سوى : يوسف – عليه السلام – وهم اثنا عشر ابناً ليعقوب – عليه السلام – ليس فيهم نبي سوى يوسف – عليه السلام – وهو الذي قواه ابن كثير – رحمه الله تعالى – في ” تاريخه ” . وقيل : بل كانوا جميعهم أنبياء .
والآيات التي يرد فيها ذكر : ” الأسباط ” المراد بهم شعوب بني إسرائيل ، وما كان يوجد فيهم من الأنبياء ، وقد ثبت في السنة تسمية نبيين هما : شيت بن آدم ، ويوشع بن نون – عليهم السلام – .
وعن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال : ” كل الأنبياء من بني إسرائيل إلا عشرة : نوحاً ، وشعيباً ، وهوداً ، وصالحاً ، ولوطاً ، وإبراهيم، وإسحاق ، ويعقوب ، وإسماعيل ، ومحمداً صلى الله وسلم عليهم أجمعين ” .
وكل الأنبياء والرسل : رجال ، أحرار ، من البشر ، من أهل القرى والأمصار ، ليس فيهم امرأة ، ولا ملك ، ولا أعرابي ، ولا جني .
وكلهم على غاية الكمال في الخِلقة البشرية ، والأخلاق العلية ، مصطفون من خيار قومهم ، الذين بعثهم الله فيهم ، وبلسانهم ، من خيارهم خِلقة ، وخُلُقاً ، ونسباً ومواهب ، وقدرات ، معصومون في تحمل الرسالة ، وتبلغيها ، ومن كبائر الذنوب ، واقترافها ، وإن وقعت صغيرة فلا يقرون عليها ، بل يسارع النبي إلى التوبة منها ، والتوبة تغفر الحَوبَة .
وكل نبي يبعث إلى قومه خاصة إلا محمداً – صلى الله عليه وسلم – فبعثته عامة إلى الثقلين .
وكل نبي يبعث بلسان قومه .
وقد يبعث الله -سبحانه – نبياً وحده ، أو رسولاً وحده ، وقد يجمع الله بعثة نبيين اثنين ، أو نبي ورسول ، أو أكثر من ذلك في زمن واحد ، ومن ذلك :
أن الله – سبحانه – بعث نبيه ورسوله إبراهيم – عليه السلام – وبعث في زمنه : لوطاً – عليه السلام – وهو ابن أخيه .
وبعث الله – سبحانه – إسماعيل، وإسحاق – عليهما السلام – ، في زمن واحد .
وبعث الله – سبحانه – يعقوب ، وابنه يوسف – عليهما السلام – في زمن واحد . وبعث الله – سبحانه موسى ، وأخاه هارون – عليهما السلام – في زمن واحد ، قيل : وشعيب – عليه السلام – الذي أدركه موسى ، وتزوج ابنته . وهو غلط ، كما قرره المفسرون منهم ابن جرير – رحمه الله تعالى – في : ” الجواب الصحيح : 2 / 249 – 250 ” .
وبعث الله – سبحانه – داود وابنه سليمان – عليهما السلام – في زمن واحد .
وبعث الله – سبحانه – زكريا ، ويحيى – عليهما السلام – في زمن واحد .
وقال – تعالى – في سورة ” يــس ” : { واضرب لهم مثلاً أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث } [ إلى آخر الآيات / 13 – 17 من سورة يس ] .
وقد اختار ابن كثير – رحمه الله – أنهم ثلاثة رسل من رسل الله – تعالى – .
وكلهم بعثهم الله مبشرين ، ومنذرين ، ولتحقيق العبودية لله – سبحانه – وتوحيده ، وأدى كل واحد منهم – عليهم السلام – الأمانة ، وبلغ ، وبشر ، وأنذر ، وقد أيدهم الله بالمعجزات الباهرات ، والآيات الظاهرات .
والرسل أفضل من الأنبياء ، وقد فضل الله – سبحانه – بعضهم على بعض ، ورفع بعضهم درجات ، وأفضلهم جميعاً : خمسة هم أولو العزم من الرسل .
وأفضل الجميع على الإطلاق ، بل أفضل جميع الخلائق : هو خاتمهم نبينا ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلم وأنه لا نبي بعده ، وان كل نبي يبعث إلى قومه خاصة ، وبعث محمد صلى الله عليه وسلم إلى الثقلين عامة .
وكلهم متفقون على وحدة الملة والدين : في التوحيد ، والنبوة والبعث ، وما يشمله ذلك من الإيمان الجامع بالله وملائكته ، وكتبه ، ورسله ، واليوم الآخر ، والقدر خيره وشَره ، وما في ذلك من وحدة العبادة لله – تعالى – لا شريك له ، فالصلاة والزكاة ، والصدقات ، كلها عبادات لا تُصرف إلا لله – تعالى – .
وشرائعهم في العبادات في صورها ، ومقاديرها ، وأوقاتها ، وأنوعها ، وكيفيتها ، متعددة .
حتى جاءت الرسالة الخاتمة ، والنبوة الخالدة ، فنسخ الله بها جميع الشرائع فلا يجوز لبشر ، كتابي ولا غير كتابي ، أن يتعبد الله بشريعة غير شريعة محمد صلى الله عليه وسلم ، ومن تعبد الله بغير هذه الشريعة الخاتمة ، فهو كافر ، وعمله هباء : { وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا } [ الفرقان / 23 ] .
فواجب على كل مكلف الإيمان ، بان نبينا ورسولنا محمداً صلى الله عليه وسلم هو خاتم الأنبياء والمرسلين ، فلم يبق رسول يجب اتباعه سوى محمد صلى الله عليه وسلم ولو كان أحد من أنبياء الله حياً لما وسعه إلا اتباعه صلى الله عليه وسلم ، وأنه لا يسع الكتابيين إلا ذلك ، كما قال الله تعالى : { الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل } [ الأعراف / 157 ] .
وأن بعثته صلى الله عليه وسلم عامة لجميع الثقلين ، والناس أجمعين : { وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيراً ونذيراً ولن أكثر الناس لا يعلمون } سبأ / 28 ] .
وقال – تعالى – : { قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً } [ الأعراف / 158 ] .
وقال – تعالى – : { وأوحي إلى هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ } [ الأنعام / 19 ] .
وقال -يسبحانه – : { وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين أأسلمتم فإن أسلموا فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما عليك البلاغ } [ آل عمران / 20 ] .
من نواقض هذا الأصل :
من كفر بنبي واحد ، أو رسول واحد ، أو آمن ببعض وكفر ببعض ، فهو كمن كفر بالله وجحده ، وقد فرق بين الله ورسله ، ولا ينفعه إيمانه ببقية الرسل ؛ ذلك أن الرسل حملة رسالة واحدة ، ودعاة دين واحد ، وإن اختلفت شرائعهم ، ومرسلهم واحد ، فهم وحدة يبشر المتقدم منهم بالمتأخر ، ويصدق المتأخر المتقدم .
قال تعالى : { إن الذين كفروا بالله ورسله ، ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلاً أولئك هم الكافرون حقاً } [ النساء / 150 – 151 ] .
ولهذا : فمن لم يؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً ، وأنه خاتم الأنبياء والرسل ، وأن شريعته ناسخة لجميع ما قبلها ، وأنه لا يسع أحداً من أهل الأرض اتباع غير شرعه : فهو كافر مخلد في النار كمن كفر بالله وجحده رباً معبوداً .
وقد بين الله – سبحانه – كفر اليهود والنصارى ؛ لإيمانهم ببعض الرسل ، وكفرهم ببعض ، كما قال – تعالى – : { وإذا قيل لهم آمنوا بما أنزل الله قالوا نؤمن بما أنزل علينا ويكفرون بما وراءه وهو الحق مصدقا لما معهم } [ البقرة / 91 ] .
{ وإذا قيل لهم آمنوا بما أنزل الله قالوا نؤمن بما أنزل علينا ويكفرون بما وراءه وهو الحق مصدقاً لما معهم } [ البقرة / 91 ] . .
فاليهود لا يؤمنون بعيسى ابن مريم ، ولا يؤمنون بمحمد صلى الله عليه وسلم { فباؤوا بغضب على غضب } [ البقرة / 90 ] غضب بكفرهم بالمسيح عيسى ابن مريم ، وغضب بكفرهم بمحمد صلى الله عليه وسلم ، والنصارى : لا يؤمنون بمحمد صلى الله عليه وسلم فَأتوا من كفرهم به . .
لهذا : فهم بكفرهم هذا كفار مخلدون في النار ، فكيف ينادون بوحدتهم مع دين الإسلام . .
وانظر إلى حديث عبادة بن الصامت – رضي الله عنه – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ” من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمداً عبده ورسوله وأن عيسى عبد الله ورسوله ، وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه ، والجنة حق والنار حق : أدخله الله الجنة على ما كان من العمل ” متفق عليه . .
فقوله : ” وأن عيسى عبد الله ورسوله ” تعريض باليهود وتعريض بالنصارى – أنفسهم – في قولهم بالإيمان به مع التثليث وهو شرك محض ؛ وبه تعرف السر في تخصيص ذكر عيسى – عليه السلام – في هذا الحديث العظيم الجامع . .
ألا : لا وحدة بين مسلم يؤمن بجميع أنبياء الله ورسله ويهودي أو نصراني : لا يؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم كما قال الله – سبحانه – : .
{ فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما هم في شقاق فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم } [ البقرة / 137 ] . .
نسبة القبائح ، والكبائر إلى الأنبياء كصناعة الأصنام ، والردة ، والزنا ، والخمر ، والسرقة ، و . . . .
فمن نسب أي قبيحة من تلك القبائح ، ونحوها إلى أي نبي أو رسول فهر كافر مخلد في النار ، مثل كفره بالله ، وجحده له . .
وقد كان لليهود ، والنصارى – قبحهم الله وأخزاهم – أوفر نصيب من نسبة القبائح إلى أنبياء الله ورسله – عليهم السلام – كما تقدم ذكر بعض منها . .
ومن نواقض هذا الأصل : .
نفي بشرية أحد من الأنبياء ، أو تأليه أحد منهم . .
وقد نقض اليهود ، والنصارى هذا الأصل العظيم بافترائهم ، وكذبهم ، وتحريفهم ، كما فضحهم الله في آيات من : ” القرآن العظيم ” وحكم بكفرهم ، وضلالهم . .
فقال – سبحانه – عن اليهود والنصارى : { وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم يضاهئون قول الذين كفروا من قبل قاتلهم الله أنى يؤفكون } [ التوبة / 30 ] . .
وقال – سبحانه – عن النصارى : { لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم } [ المائدة / 72] . .
وقال – سبحانه – عن النصارى : { لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد } [ المائدة / 73] . .
ومن ونواقض هذا الأصل : .
عدم الإيمان بعموم رسالة محمد صلى الله عليه وسلم إلى جميع أهل الأرض عربهم ، وعجمهم ، إنسهم ، وجنهم . .
ومنه أن العيسوية من اليهود وفريقاً من النصارى آمنوا بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم للعرب خاصة ، وأنكروا عموم رسالته . وإنكار عموم رسالته صلى الله عليه وسلم ، كفر ، يناقض صريح القرآن : { وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيراً ونذيراً ولكن أكثر الناس لا يعلمون } [ سبأ / 28 ] . .
والآيات بهذا المعنى كثيرة ، وفي صحيح مسلم : ” أرسلت إلى الخلق كافة وختم بي النبيون ” . .
النـتـيـجــة :
* يجب على كل المسلمين : الكفر بهذه النظرية : ” وحدة كل دين محرف منسوخ مع دين الإسلام الحق المحكم المحفوظ من التحريف والتبديل الناسخ لما قبله ” . وهذا من بدهيات الاعتقاد والمسلمات في الإسلام .
وأن حال الدعاة إليها من اليهود ، والنصارى مع المسلمين هم كما قال الله – تعالى – : { وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ } [ آل عمران / 119 ] .
* ويجب على أهل الأرض اعتقاد تعدد الشرائع وتنوعها وأن شريعة الإسلام هي خاتمة الشرائع ، ناسخة لكل شريعة قبلها ، فلا يجوز لبشر من أفراد الخلائق أن يتعبد الله بشريعة غير شريعة الإسلام .
وإن هذا الأصل لم يسلم لأحد إلا لأهل الإسلام ، فأمة الغضب : اليهود ، كافرون بهذا الأصل ؛ لعدم إيمانهم بشريعة عيسى – عليه السلام – ولعدم إيمانهم بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم ، وأمة الضلال : النصارى ، كافرون بهذا الأصل ؛ لعدم إيمانهم بمحمد صلى الله عليه وسلم وبشريعته ، وبعموم رسالته .
والأمتان كافرتان بذلك ، وبعدم إيمانهم بمحمد صلى الله عليه وسلم ومتابعته في شريعته ، وترك ما سواها ، وبعدم إيمانهم بنسخ شريعة الإسلام لما قبلها من الشرائع ، ، وبدعم إيمانهم بما جاء به من القرآن العظيم ، وأنه ناسخ لما قبله من الكتب والصحف .
{ ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين } [ آل عمران / 58 ] .
* ويجب على جميع أهل الأرض من الكتابيين وغيرهم : الدخول في الإسلام بالشهادتين ، والإيمان بما جاء في الإسلام جملة وتفصيلاً ، والعمل به ، واتباعه ، وترك ما سواه من الشرائع المحرفة والكتب المنسوبة إليها ، وأن من لم يدخل في الإسلام فهو كافر مشرك ، كما قال الله – تعالى – : { يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله وأنتم تشهدون } [ آل عمران / 70 ] .
* يجب على أمة الإسلام : ” أمة الاستجابة ” ، ” أهل القبلة ” : اعتقاد أنهم على الحق وحدهم في : ” الإسلام الحق ” وأنه آخر الأديان ، وكتابه القرآن آخر الكتب ، ومهيمناً عليها ، ورسوله آخر الرسل وخاتمهم ، وشريعته ناسخة لشرائعهم ، ولا يقبل الله من عبد سواه . فالمسلمون حملة شريعة إلهية خاتمة ، خالدة ، سالمة من الانحراف الذي أصاب أتباع الشرائع السابقة ، ومن التحريف الذي داخل التوراة والإنجيل مما ترتب عليه تحريف الشريعتين المنسوختين : اليهودية والنصرانية .
* ويجب على : ” أمة الاستجابة ” لهذا الدين إبلاغه إلى ” أمة الدعوة ” من كل كافر من يهود ونصارى ، وغيرهم ، وان يدعوهم إليه ، حتى يسلموا ، ومن لم يسلم فالجزية أو القتال .
قال الله – تعالى – { قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون } [ التوبة / 29 ] .
* ويجب على كل مسلم يؤمن بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً رسولاً : أن يدين الله – تعالى – بِبُغضِ الكفار من اليهود والنصارى ، وغيرهم ، ومعاداتهم في الله – تعالى – وعدم محبتهم ، ومودتهم ، وموالاتهم ، وتوليهم ، حتى يؤمنوا بالله وحده رباً ، وبالإسلام ديناً ، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً رسولاً .
قال الله – تعالى – : { يا أيها الذين آمونا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين } [ المائدة / 51 ] . والآيات في هذا المعنى كثيرة .
ولهذا صار من آثار قطع الموالاة بيننا وبينهم ، أنه لا توارث بين مسلم وكافر أبداً .
* يجب على كل مسلم اعتقاد كفر من لم يدخل في هذا الإسلام من اليهود والنصارى وغيرهم ، وتسميته كافراً ، وأنه عدو لنا ، وأنه من أهل النار .
قال الله – تعالى – : { قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً الذي له ملك السموات والأرض لا إله إلا هو يحيي ويميت فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون } [ الأعراف / 158 ] .
وفي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ” والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة ، يهودي ، ولا نصراني ، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أهل النار ” .
ولهذا : فمن لم يكفر باليهود والنصارى فهو كافر ، طرداً لقاعدة الشريعة : ” من لم يكفر الكافر فهو كافر ” .
ونقول لأهل الكتاب كما قال الله – تعالى – : { انتهوا خيراً لكم } [ النساء / 171 ] .
* ولا يجوز لأحد من أهل الأرض اليوم أن يبقى على أي من الشريعتين : ” اليهودية والنصرانية ” فضلاً عن الدخول في إحداهما ، ولا يجوز لمتبع أي دين غير الإسلام وصفه بأنه مسلم ، أو أنه على ملة إبراهيم ، لما يأتي :
1- لأن ما كان فيهما – أي اليهودية والنصرانية – من شرع صحيح فهو منسوخ بشريعة الإسلام فلا يقبل الله من عبد أن يتعبده بشرع منسوخ .
2- ولأن ما كان منسوباً إليهما من شرع محرف مبدل ، فتحرم نسبته إليهما ، فضلاً عن أن يجوز لأحد اتباعه ، أو أن يكون دين أحد من الأنبياء لا موسى ولا عيسى ، ولا غيرهما .
3- ولأن كل عبد مأمور بأن يتبع الدين الناسخ لما قبله ، وهو بعد مبعث محمد صلى الله عليه وسلم دين الإسلام الذي جاء به ، بعبادة الله وحده لا شريك له ، وتوحيده بالعبادة ، فمن كان كذلك كان عبداً حنيفاً ، مسلماً ، على ملة إبراهيم ، ومن لم يؤمن بجميع الأنبياء والمرسلين ، ويخص نبيه ورسوله محمداً صلى الله عليه وسلم بالاتباع دون سواه فلا يجوز وصفه بأنه حنيف ، ولا مسلم ، ولا على ملة إبراهيم ، بل هو كافر في مشاقة وشقاق .
قال الله تعالى : { وقالوا كونوا هوداً أو نصارى تهتدوا قل بل ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وأما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون فإن آمنوا بمثل ما ءامنتم به فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما هم في شقاق فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم } [ البقرة / 135 – 137 ] .
فبطلت بهذه نظرية الخلط بين دين الإسلام الحق ، وبين غيره من الشرائع الدائرة بين التحريف والنسخ ، وأنه لم يبق إلا الإسلام وحده ، والقرآن وحده ، وأن محمداً صلى الله عليه وسلم لا نبي بعده ، وأن شريعته ناسخة لما قبله ، ولا يجوز اتباع أحد سواه .
* وأنه لا يجوز لمسلم طباعة التوراة ، والإنجيل ، وتوزيعهما ، ونشرهما ، وأن نظرية طبعهما مع القرآن الكريم في غلاف واحد ، من الضلال البعيد ، والكفر العظيم ، لما فيها من الجمع بين الحق : ” القرآن الكريم ” والباطل : في التوراة والإنجيل من التحريف والتبديل ، وأن ما فيهما من حق فهو منسوخ .
* وأنه لا يجوز الاستجابة لدعوتهم ببناء ” مسجد ، وكنيسة ، ومعبد ” (26) في مجمع واحد لما فيها من الدينونة والاعتراف بدين يعبد الله به سوى الإسلام ، وإخفاء ظهوره على الدين كله ، ودعوة مادية إلى أن الأديان ثلاثة على أهل الأرض التدين بأي منها ، وأنها على قَدَم التساوي ، وأن الإسلام غير ناسخ لما قبله ، وهذه المردودات السالبة ، فيها الكفر والضلال ، ما لا يخفى ، فعلى المسلمين بعامة ، ومن بسط الله يده عليهم خاصة ، الحذر الشديد ، من مقاصد الكفرة من اليهود والنصارى في إضلال المسلمين ، والكيد لهم فإن بيوت الله في أرض الله هي : ” المساجد ” وحدها : { قل أمر ربي بالقسط وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد وادعوه مخلصين له الدين } [ الأعراف / 29 ] .
وهذه المساجد من شعائر الإسلام ، فواجب تعظيمها ، ورعاية حرمتها ، وعمارتها ، ومن تعظيمها ورعايتها عدم الرضا بحلول كنائس الكفرة ، ومعابدهم في حرمها ، وفي جوارها ، وإقرار إنشائها في بلاد الإسلام ، ورفض مساجد المضارة بالإسلام ، والضّرار بالمسلمين في بلاد الكافرين .
فإن ” المسجد ” والحال هذه ، مسجد مُضَارّة للإسلام ، ولا يجوز إقراره ، ولا الصلاة فيه ، ويحب على من بسط الله يده من ولاة المسلمين هدم هذا المجمع ، فضلاً عن السكوت عنه ، أو المشاركة فيه ، أو السماح به ، وإن كان – والحال ما ذكر – في بلاد كفر ، وجب على المسلمين إعلان عدم الرضا به ، والمطالبة بهدمه ، والدعوة إلى هجره .
وانظر ، كيف تشابهت أعمال المنافقين ، ومقاصدهم ، في قديم الدهر وحديثه ؛ إذ بني المنافقون مسجداً ضراراً بالمؤمنين ، أما عملهم اليوم ، فهو : أشد ضراراً بالإيمان ، والمؤمنين ، والإسلام والمسلمين ، وقد أنزل الله – سبحانه – قرآناً يُتلى إلى يوم القيامة ، فقال الحكيم الخبير سبحانه وتعالى – : { والذين اتّخذوا مسجداً ضراراً وكفراً وتفريقاً بين المؤمنين وإرصاداً لمن حارب الله ورسوله من قبل وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى والله يشهد إنهم لكاذبون . لا تقيم فيه أبداً لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه ، فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المُطَهرين . أفمن أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جنهم والله لا يهدي القوم الظالمين . لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم إلا أن تقطع قلوبهم والله عليم حكيم } [ التوبة / 107 – 110 ] .
ثم رأيت الفرق الباطنية ، التي أسست من قِبَلِ الاستعمار الروسي ، والإنجليزي ، واليهودية العالمية ، منسوبة إلى الإسلام ظلماً ؛ لهدمه ، والعدوان عليه ، ومنها :
” البابية ” نسبة إلى : المرزا علي محمد الشيرازي ، الملقب : ” باب المهدي ” المولود سنة 1235 والهالك سنة 1265 .
و ” البهائية ” نسبة إلى البهاء حسين ابن الميرزا المولود بإيران سنة 1233 ، والهالم سنة 1309 .
و ” القاديانية ” نسبة إلى : مرزا غلام أحمد القادياني الهالك سنة 1325 .
المحكوم بكفرها – أي هذه الفرق – بإجماع المسلمين ، وقد صدرت بكفرها قرارات شرعية دَولية .
هذه الفِرق تدعو إلى هذه النظرية : ” نظرية الخلط ” .
ومنها قول بهاء المذكور (27) :
” يجب على الجميع ترك التعصبات ، وأن يتبادلوا زيارة الجوامع والكنائس مع بعضهم البعض ؛ لأن اسم الله في جميع هذه المعابد مادام الكل يجتمعون لعبادة الله ، فلا خلاف بين الجميع ، فليس منهم أحد يعبد الشيطان ، فيحق للمسلمين أن يذهبوا إلى كنائس النصارى ، وصوامع اليهود ، وبالعكس يذهب هؤلاء إلى المساجد الإسلامية ” انتهى .
ما أشبه الليلة بالبارحة ، فإن عمل منافقي اليوم ضِرار بالإيمان والمؤمنين بوجه أشد نكاية وأذى للإسلام والمسلمين .
* ألا أنه واجب على المسلمين ، الحذر والتيقظ من مكايد أعدائهم .
* وواجب على المسلمين ، الحذر من ارتداء الكفرة مُسُوحَ الحوار ، وجَلب الشخصيات المتميعة ونحو ذلك من أساليبهم ، التي هي بحق : ” رجس من عمل الشيطان ” .
* وليعلم كل مسلم ، أنه لا لقاء بين أهل الإسلام والكتابيين وغيرهم من أمم الكفر إلا وفق الأصول التي نصبت عليها الآية الكريمة : { قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون } [ آل عمران / 64 ] . وهي توحيد الله تعالى ونبذ الإشراك به وطاعته في الحكم والتشريع واتباع خاتم الأنبياء والمرسلين محمد – صلى الله عليه وسلم – الذي بشرت به التوراة والإنجيل .
* فيجب أن تكون هذه الآية شعار كل مجادلة بين أهل الإسلام وبين أهل الكتاب وغيرهم وكل جهد يُبذل لتحقيق غير هذه الأصول فهو باطل . . باطل . . باطل .
* وإن إفشال تلك المؤتمرات التي هي في حقيقتها : ” مؤامرات ” على المسلمين ، مؤكد بوعد الله – تعالى – للمسلمين في قوله جل وعز : { لن يضروكم إلا أذى } [ آل عمران / 111 ] .
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ” لا تزال طائفة من أمتي ظاهرة على الحق لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم حتى تقوم الساعة ” .
وثبت – أيضاً – عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ” سألت ربي أن لا يسلط على أمتي عدواً من غيرهم فيجتاحهم فأعطانيها ” . الحديث .
* ولكن هذا – وأيم الله – لا بد له من موقفين : موقف رفع راية الجهاد ، وتوظيف القدرات بصد العاديات ، وموقف للبناء وتحصين المسلمين بإسلامهم على وجهه الصحيح .
* ولا تلتفت أيها المسلم إلى غلط الغالطين ، ولا إلى من خدعتهم دعوة إخوان الشياطين ، ولا إلى المأجورين ، ولا إلى أفراد من الفرق الضالة من المنتسبين إلى الإسلام ، للمناصرة ، والترويج لهذه النظرية ، فيتسنمون الفتيا وما هم بفقهاء ، ولا بصيرة لهم في الدين ، وإنما حالهم كما قال الله تعالى : { وإن منهم فريقاً يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون } [ آل عمران / 78 ] .
اللهم إني قد بينت ونصحت في هذا كل مسلم قدر نفسه حق قدرها مؤمناً بالله رباً ، وبالإسلام ديناً ، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً ، فأذعن للحق ، اللهم فاشهد .
نسأل الله – سبحانه – أن يهدي ضال المسلمين ، وأن يذب عنهم البأس ، وأن يصرف عنهم كيد الكائدين ، وأن يثبتنا جميعاً على الإسلام حتى نلقاه إنه على كل شئ قدير .
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
تحريراً
في 8 / 5 / 1417
بقلم بكر بن عبد الله أبو زيد
هوامـش
(1) ما جاء بين القوسين من: ” هداية الحيارى ” لابن القيم. وهكذا في المواضع بعده من هذه المقدمة.
(4) لا أستعمل الرمز ” هـ ” إشارة إلى التاريخ الهجري ؛ لأنه ليس لدينا في الإسلام سواه ، والتاريخ الميلادي ليس قسيماً له وعند وروده منقولاً أرمز له بحرف : ” م ” .
(5) تنبيه : عظمت الفتنة في عصرنا بمدح الملاحدة المنتسبين إلى الإسلام والافتخار بهم ، وإظهار مقالاتهم ، وساعد على ذلك طبع المستعمرين – المستشرقين – لكتبهم ، ونشرها ، وكل هذه مخاطر يجب الحذر منها ، وعلى من بسط الله يده أن يكف أقلام أصحابها ، وألسنتهم ، طاعة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم – في نصرة هذا الدين ، وحماية لأهله من شرورهم .
(6) الموسوعة الميسرة : ص / 449 – 454 .
(7) انظر : كتاب : ” صحوة الرجل المريض ” لموفق بني المرجه : ص / 345 . وكتاب : ” جمال الدين الأفغاني في الميزان ” .
(8) المراجع السابقة .
(9) في كتاب محمد البهي : ” الإخاء الديني ، ومجمع الأديان / سياسة غير إسلامية ” . ص / 3 قال ما نصه : ” الإخاء الديني : جماعة تمارس نشاطها المشترك بين المسلمين والمسيحيين في المركز العام لجمعيات الشبان المسلمين بالقاهرة . . . . ” .
(10) في المرجع السابق : ” مجمع الأديان : مبني يقام في وادي الراحة بسيناء للعبادات الثلاثة ” .
(11) العالمية : مذهب معاصر ، يدعو إلى البحث عن حقيقة واحدة يستخلصها من ديانات العالم المتعددة ، وحقيقته نسف للإسلام انظر : معجم المناهي اللفظية ص / 270 – 371 .
(12) من هنا حتى الفقرة العاشرة ، مستخلص من : سلسلة تقارير المعلومات بوزارة الأوقاف الكويتية تحت الوثيقة رقم / 61334 بمركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية . بالرياض .
(13) لم يفصح لنا الخبر إلى أي القبلتين صلى بهم البابا . . . وهل كانت الصلاة في بيت رحمة – المسجد – أم في بيت عذاب : الكنيسة ، والمعبد . وهذه أول صلاة يؤم فيها كافر مسلماً . . . ؟؟!!
(14) انظر كتاب : ” الجارودي ووثيقة إشبيلية ” لسعد ظلام . وكتاب : ” الإسلام والأديان ” لمحمد عبد الرحمن عوض .
(15) جاء في الإصحاح التاسع من سفر التكوين ” ما يفيد – قبحهم الله ما أكذبهم – أن الله جعل ” قوس قزح ” علامة تذكره أن لا يعود إلى إهلاك أهل الأرض مرة أخرى كما كان مع قوم نوح ، فهو علامة ميثاق بين الله وبين أهل الأرض : ” أنه إذا رأى الله : ” قوس قزح ” تذكر حتى لا يتورط مرة أخرى في طوفان آخر . قاتل الله اليهود ما أكذبهم ، وعليهم لعنة الله المتتابعة إلى يوم القيامة ” . وانظر : ” قذائف الحق ” للغزالي ( ص / 24 – 25 ) .
(16) نشر في وسائل الإعلام المختلفة ، ومنها في : جريدة الرأي . في العدد رقم / 9316 ، ص / 1 بتاريخ 13 / 10 / 1416 .
(17) نشر الخبر في وسائل الإعلام ، وفي الصحافة العالمية . منذ شهر رمضان عام 1416 .
(18) تطبيع العلاقات : مصطلح دولي معاصر ، وهو اتفاق ، أو معاهدة ثنائية بين بلدين ، تهدف إلى جعل العلاقات بينهما طبيعية ، ومتكيفة مع الوضع الجديد للبلدين ، ويشمل التطبيع عدة نواح ، وليس مقصوراً على الناحية السياسية فقط ؛ إذ يشمل العلاقات الاقتصادية ، والتمثيل الدبلوماسي والتبادل التجاري ، والتعاون الإعلامي ، وفتح المجال للسياح من البلدين . ” كتاب كلمات غريبة : 148 ” .
(19) ويقال : ” النظام العالمي الجديد ” و “النظام العالمي المعاصر ” وحقيقته من خلال القوى العاملة في : ” المؤسسات الدولية ” : نظام استعماري غربي من وجه جديد ضد أمم وحضارات ديانة الجنوب وفي مقدمتها ” الملة الإسلامية ” يهدف إلى سلب الدين والخلاق ، وفرض التقليد والتبعية لهم في خصوصيات حضارتهم في الدين والأخلاق .
(20) انتشر إعلامياً حال هذا التقييد ، إعلان جارودي ، أنه لم يتخل عن النصرانية ، وأخذ يرمي بآراء جديدة في الإسلام ، منها أن الصلوات المفروضات ثلاث وليست خمساً وأنه يدعو إلى عقيدة دينية جديدة تخلط بين الإسلام والنصرانية والشيوعية ، إلى آخر كفرياته ، كما نشر في : ” مجلة المجلة ” هذا العام 1416 . وقد رد عليه شيخ الأزهر جاد الحق – رحمه الله تعالى – قبيل وفاته ، ورد عليه الشيخ عبد العزيز ابن عبد الله بن باز المفتي العام للملكة العربية السعودية في : ” مجلة البعث الإسلامي لعدد / 6 ربيع الأول عام 1417 ص / 24 – 31 ” . ومثل هذا الرجل وانكشاف حقيقته بعد سنين ، يعطي المسلمين درساً بالتثبيت والتبين قبل الاندفاع ، فإن المسلمين قد أكبروه ، وشهروه ، ثم صارت حقيقة حاله ما ذكر ، فإلى الله المشتكى ، وهو المستعان .
(21) وكان آخرها : ” مؤتمر الإسلام والحوار الحضاري بين الأديان ” المنعقد في القاهرة في شهر ربيع الأول عام 1417 . وفي : ” مجلة الإصلاح ” الإماراتية في العدد / 351 في 1 / 4 / 1417 تقرير عنه ، وكشف حقائق مزعجة على لسان بعض المشاركين من المسلمين ؟!
(22) انظر كتاب : ” الإيمان ” لعثمان عبد القادر الصافي . ص / 117 .
(23) الفتاوى : 21 / 62 – 65 .
(24) انظر : مجموع الفتاوى : 28 / 12 – 613 .
(25) جمعهم بعضهم بقوله : ” شهصم ” .
(26) انظر حاشية / 23 ، وهذه صورة مشروع لهذه الفكرة المراد تنفيذها لمسجد وكنائس في بعض دول شرق آسيا.
(27) كتاب : أهمية الجهاد في الإسلام للشيخ علي العلياني : ص / 508 – 509 .