Home / عاجل / ذكرى يوم سقوط الأندلس في 2 يناير 1492

ذكرى يوم سقوط الأندلس في 2 يناير 1492

ذكرى يوم سقوط الأندلس في 2 يناير 1492:

كرونومتر أحداث سقوط الأندلـس

عبد الكريم مطيع الحمداوي

 

     بعد هزيمة الموحدين في موقعة العقاب، ضعف شأن أمرائهم في الأندلس وصاروا إلى التنافس واستظهار بعضهم على بعض بالنصارى، فاتفق رجالات الأندلس على إخراجهم. وتولى بعدهم محمد بن هود الجذامي وآله . ثم بنو الأحمر .

     وتنازع بنو هود فيما بينهم، وأخذوا بدورهم يتقربون إلى النصارى ويتحالفون معهم ضد بعضهم، فضاعت بذلك ثغور كثيرة، منها قرطبة وإشبيلية .

     وبعد انقراض بني هود ، استمر بنو الأحمر إلى آخر المائة التاسعة للهجرة ، وكان أول ما قاموا به عندما استتب لهم الأمر ، أن عقدوا صلحاً مع النصارى تنازلوا بمقتضاه عن جميع البسائط الأندلسية، وانحازوا إلى ساحل البحر واتخذوا من غرناطة عاصمة لمملكتهم. ثم عندما ضاق بـهم الأمر استنجدوا بيعقوب المريني سنة 673 هـ . فاجتاز إلى الأندلس وأوقع بالنصارى ، وقتل قائدهم ( دون نونـه) ، وأرسل برأسه إلى محمد بن الأحمر تثبيتاً له وطمأنة. ولكن ابن الأحمر دبت في نفسه الظنون والمخاوف؛ فطيب رأس القائد النصراني وأكرمه، وبعث به إلى العدو، إظهاراً للولاء لهم، وخوفاً منهم، وانحرافاً عن السلطان يعقوب .

     ولما اجتاز يعقوب اجتيازه الثاني إلى الأندلس سنة 676 هـ ، وحاصــر “جيان ” وطلب صاحبها الصلح بعد أن أشرف على الهزيمة، صالحه ابن الأحمر .

     وعندما استنجد ملك الإسبان (هراندة) على ولده (سانجه) بيعقوب، ورهن عنده تاجه، وقبل يده أمام الملأ، تحالف ابن الأحمر مع (سانجه) ضد جيوش المسلمين ؛ ثم لما رأى انتصارات المسلمين رجع وصالحهم .

     وعندما كان وفد يعقوب في مجلس ملك الإسبان للتفاوض على الصلح ، وصل وفد بني الأحمر وعرض التحالف ضد المسلمين ، فما كان من ملك الإسبان إلا أن ردهم رداً مهيناً أمام وفد السلطان المريني قائلاً لهم : ” إنما أنتم عبيد آبائي ، فلستم معي في مقام السلم والحرب وهذا أمير المسلمين على الحقيقة ولست أطيق مقاومته ولا دفاعه عن نفسي ، فكيف عنكم ؟ ” . ومع ذلك عامل يعقوب بني الأحمر بمنتهى الرفق والتسامح الذي هو أقرب إلى الضعف والغباء السياسي . فما أن هم بالعودة إلى المغرب حتى أمر بألا يحدث ضرر ببني الأحمر ، وتنازل لهم عن كثير من الثغور الأندلسية ما عدا الجزيرة ورندة ، وكان ذلك سنة 685 هـ .

     ولما نقض (سانجه) معاهدة الصلح ، وأغار ثانية على ثغور المسلمين سنة 690 هـ ، حاول يوسف بن يعقوب المريني الاجتياز إلى الأندلس ، فتصدى له (سانجه) في المضيق وهزمه . ثم لما حاول الاجتياز ثانية تحالف بنو الأحمر مع (سانجه) لمنع المسلمين من المرور إلى الأندلس . ثم اتفق بنو الأحمر مع ملك الإسبان (سانجه) على تمكين النصارى من احتلال جزيرة (طريف) التي كانت مركزاً عسكرياً مرينياً ، على أن يسلموها لبني الأحمر في مقابل ستة حصون سلموها من قبل للنصارى . ولكن (سانجه) عندما احتل طريف احتفظ بها وبالحصون الستة الأخرى . فندم بنو الأحمر وطلبوا الصلح مع يوسف المريني فصالحهم أيضاً . وتنازل لهم – تقوية لهم – عن الجزيرة ورندة وعشرين حصناً أندلسياً سنة 692 هـ .

     وفي سنة 703 هـ عاد بنو الأحمر إلى ممالأة النصارى . كما أوعزوا إلى أبي سعيد صاحب مالقه بأن يغدر بأهل سبتة ففعل واستولى عليها .

     وفي سنة 709 هـ عندما استرد أبو الربيع المريني سبتة خاف بنو الأحمر وأرسلوا وفداً للصلح إلى فاس ، فقبل المرينيون . ولكن رسل الأندلس (مثلوا قومهم خير تمثيل) ، فعكفوا أثناء سفارتهم في فاس على معاقرة الخمر ، والمجاهرة بارتكاب الفواحش ، وخرجوا إلى شوارع المدينة يعيثون ويعبثون بالعامة . فأقام القاضي الحد على بعضهم ، فغضبوا وثاروا مستعينين بالوزير عبد الرحمن الوطاسي ، وكتيبة مرينية من مرتزقة النصارى بقيادة (غنصالو) ، ثم تجيشوا قرب نهر سبو . فخرج إليهم أبو الربيع ففروا إلى تلمسان وتفرق شملهم .

     في هذه الظروف كان المسلمون بالأندلس قد يئسوا من بني الأحمر فتولوا تنظيم الدفاع عن بلدهم بأنفسهم ، بحرب شعبية يقود كتائبها المجاهد عثمان بن أبي العلاء . فأوقعوا بالنصارى أفدح الهزائم .

     وفي سنة 718 هـ استغل النصارى فرصة انشغال أبي سعيد المريني بالفتن الداخلية فزحفوا على عاصمة بني الأحمر “غرناطة” ، فاستنجدوا بأبي سعيد ، فطلب نظيراً لنجدتهم تسليمه قائد المجاهدين عثمان بن أبي العلاء . فلم يستطيعوا تلبية رغبته فرفض نصرتهم ولكن غرناطة نجت من الغزو الصليبي هذه المرة بدفاع عثمان بن العلاء عنها وقتله قائدي جيش النصارى ، جوان ، وبطره بن سانجه .

     وواصلت كتائب المجاهدين ضربها في عمق النصارى ، وإلحاق الهزائم بمعسكراتهم إلى أن غدر بهم بنو الأحمر فقبضوا عليهم ثم نفوهم إلى تونس .

     وفي سنة 740 هـ أرسل السلطان أبو الحسن المريني ولده أبا مالك لمقاتلة نصارى الأندلس فهزموه وقتلوه .

     وفي آخر سنة 740 هـ عسكر أبو الحسن المريني نفسه بجزيرة طريف فغزاه النصارى وهزموه ، فرجع إلى المغرب ، ثم غزوا الجزيرة واحتلوها وأجلوا المسلمين عنها إلى المغرب . فاستنجد أبو الحسن بالسلطان إسماعيل بن قلاوون المملوكي في مصر ، فلم ينجده ، وأرسل إليه جواباً من إنشاء خليل الصفدي شارح لامية العجم ، قال فيه : (… وما لنا غير إمدادكم بجنود الدعاء الذي نرفعه نحن ورعايانا ، والتوجه الصادق الذي تعرفه ملائكة القبول من سجايانا)

     وهكذا قطعت طرق نجدة الأندلس وفتحت الطريق مشرعة لخروج بني الأحمر والمسلمين منها، على يد جيوش النصارى المتحالفة ، من البرتغال وقشتالة ، والأرغون ، وبيزه ، وجنوه ، وسائر العالم المسيحي آنذاك.

 

  • فضيلة الشيخ  عبد الكريم مطيع الحمداوي مؤسس الحركة الإسلامية في المغرب
  •  موقع الشيخ قطاف الخطى وثمار السعي
  • https://alhamdawi.com

About المحرر

Check Also

السيف والقلم ( رحلتي مع الجماعة الإسلامية ) (6)

السيف والقلم 》  ( رحلتي مع الجماعة الإسلامية ) (6) الشيخ عاصم عبد الماجد أما …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *