الرئيسية / المنبر الحر / خالد الجندي ..مفتريات لا تنتهي-فضيلة الشيخ عبد الآخر حماد

خالد الجندي ..مفتريات لا تنتهي-فضيلة الشيخ عبد الآخر حماد

خالد الجندي ..مفتريات لا تنتهي

فضيلة الشيخ عبد الآخر حماد

مرة أخرى يخرج علينا خالد الجندي مستمراً في بث أباطيله ،فيحمل لنا مجلدات الموسوعة الفقهية الكويتية ،ليقرأ منها على مشاهديه ما يزعم أنه يؤيد دعواه في إباحة ربا البنوك . والعجيب أنه كان يقرأ من تلك الموسوعة بكل ثقة ،وكأنه يظن أنه وحده الذي يقتني تلك الموسوعة ، أو أن أحداً لا يمكنه الرجوع إليها ليبين له غِشَّه وتدليسه. والأشنع من ذلك أنه يُشهِّر بمخالفيه ،ويتهمهم بأبشع التهم مستعملاً ألفاظاً سوقية لا يمكن أن تصدر عن شخص يدعي أنه من أهل العلم والدين.
والحقيقة أن ما قرأه علينا من تلك الموسوعة لا يفيده في شيء ،بل هو عند التأمل حجة عليه لا له.
خالد الجندي
1-فقد بدأ بقراءة ما جاء بالموسوعة الفقهية ( 22/ 60 ) تحت عنوان : الخلاف في ربا الفضل ،ما نصه : ( أطبقت الأمة على تحريم التفاضل في بيع الرِّبَوِيَّات إذا اجتمع التفاضل مع النساء ، وأما إذا انفرد نقداً فإنه كان فيه خلاف قديم … ) . وأنا أقول لهذا المسكين :
هل تدري معنى هذا الكلام الذي قرأتَه ؟ والله إني لأشك أنك قد فهمت المعنى المقصود منه ؛ لأنك لو فهمت لما جرؤت على الإصرار على قولك .وذلك أن اجتماع الفضل مع النسيئة معناه أن يعطيه ديناراً بدينارين إلى أجل ،لأن معنى النسيئة هو التأخير كما سيأتي نقلاً عن الموسوعة نفسها بعد قليل ، وهذا هو الربا الذي أطبقت الأمة على تحريمه كما هو نص الموسوعة الفقهية ،وهذا هو الذي تفعله البنوك التي تدافع أنت عن تعاملاتها . وأما الانفراد نقداً فهو أن يبيع الدرهم بالدرهمين حالاً دون تأجيل ، فهذا هو الذي ورد فيه خلاف عن بعض الصحابة . ويدل على ذلك ما ثبت في صحيح مسلم ( 1594) عن أبي نضرة قال : ( سألت ابن عباس عن الصرف –أي بيع الدرهم بالدرهمين والدينار بالدينارين- فقال :أيدًا بيدٍ ؟ قلت نعم قال : فلا بأس به). وفي البخاري ( 2178 ) ومسلم ( 1596) أن أبا سعيد الخدري كان يقول : ( الدينار بالدينار والدرهم بالدرهم مثلاً بمثل ، من زاد أو ازداد فقد أربى ) ، فقيل له : إن ابن عباس يقول بغير هذا ، فقال أبو سعيد : ( لقد لقيت ابن عباس فقلت أرأيت هذا الذي تقول أشيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم أو وجدته في كتاب الله عز وجل ؟ فقال ابن عباس لم أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم أجده في كتاب الله ، ولكن حدثني أسامة بن زيد أن النبي صلى الله عليه وسلم : الربا في النسيئة ) . فهذا يدل على أن ما أجازه ابن عباس ومن معه هو بيع الدرهم بالدرهمين ،إذا كان ذلك يداً بيد ،أي يتم التقابض في الحال بناء على فهمه لحديث : (الربا في النسيئة ) ،وإن كان الجمهور يخالفونه في فهمه هذا، ولكن هذا ليس موضوعنا الآن . أما إذا كان التفاضل مع وجود الأجل –وهو الذي تفعله البنوك- فهو من ربا النسيئة ، الذي لم يُبِحْه أحد لا ابن عباس ولا غيره .
2-ويؤيد ذلك ما ذكرتْه الموسوعة نفسها في تعريف ربا النسيئة حيث جاء فيها ( 22/ 57-58) تحت عنوان :ربا النسيئة : ( وهو الزيادة في الدين نظير الأجل أو الزيادة فيه ،وسمي هذا النوع من الربا ربا النسيئة من أنسأتُه الدين : أخرتُه لأن الزيادة فيه مقابل الأجل ،أياً كان سبب الدين بيعاً كان أو قرضاً ، وسمي ربا القرآن لأنه حرم بالقرآن … ثم أكدت السنة النبوية تحريمه في خطبة الوداع ،وفي أحاديث أخرى.ثم انعقد إجماع المسلمين على تحريمه . وسمي ربا الجاهلية ؛لأن تعامل أهل الجاهلية لم يكن إلا به كما قال الجصاص : والربا الذي كانت العرب تعرفه وتفعله إنما كان قرض الدنانير إلى أجل ،بزيادة على مقدار ما استقرض ،على ما يتراضون به ) .وهذه الصورة من صور الربا التي ذكرتها الموسوعة الفقهية وذكرت أنها من ربا النسيئة الذي لا خلاف في تحريمه ، هي التي يزعم خالد الجندي أنها من ربا الفضل ،الذي وقع فيه بعض الخلاف كما أشرنا سابقاً.
3-ومن ضلاله وتدليسه كذلك أنه لما قرأ ما جاء في الموسوعة الفقهية ( 22/ 61) تحت عنوان : ( انقراض الخلاف في ربا الفضل ودعوى الإجماع على تحريمه ) ،قرأ سريعاً ما نقلَتْه الموسوعة عن الإمام النووي وابن المنذر من أن علماء الأمصار أجمعوا على تحريم ربا الفضل ، ثم وقف عند ما نقلته الموسوعة عن السبكي حيث قالت : ( وناقش السبكي دعوى الإجماع من عدة وجوه ، وانتهى إلى القول : فعلى هذا امتنع دعوى الإجماع في تحريم ربا الفضل ) . وإلى هنا توقف الجندي عن القراءة ،وطار فرحاً بكلمة السبكي التي فيها نفي الإجماع ،وتجاهل أن السبكي قال بعد ذلك مباشرة كما في الموضع المشار إليه : ( لكنا بحمد الله مستغنون عن الإجماع في ذلك بالنصوص الصحيحة المتضافرة ، وإنما يحتاج إلى ذلك في مسألة خفية سندها قياس أو استنباط دقيق ) . فهل فهمتَ يا هذا ما يقصده السبكي بنفي الإجماع ؟ إنه يقصد أن المسألة لا تحتاج إلى إجماع ؛لأنها مقطوع بها في النصوص الصريحة من السنة الصحيحة الدالة على تحريم ربا الفضل ، والتي أشرنا في المقال السابق إلى شيء منها .
4-ومع ذلك فهذا كله لا يهمنا ؛لأن الخلاف المذكور ليس في ربا النسيئة الذي تفعله البنوك ، وإنما هو في ربا الفضل ، ومثاله كما ذكرنا أن يبيع درهما بدرهمين لكونهما يتفاوتان في الجودة أو السكة أو غير ذلك . ومن أباح ذلك من الصحابة كان يقصد أن يكون ذلك يداً بيد ، ثم رجع أغلبهم عن ذلك . وأما مع التأجيل فلم يبحه أحد .
وأخيراً ننصح الجندي بالكف عن بث تلك المفتريات والأباطيل ، فإن باطلَه سيجد دوماً من يتصدى له ويفنده ، خاصة وأنه إنما يبث مفترياته عبر شاشات الفضائيات التي هي كالمنابر ، كذِبتُها بلقاء مشهورة ، كما قال زياد بن أبيه في خطبته البتراء . كما أُذكِّره بأنه لا بد موقوف بين يدي الله عز وجل ،فمسؤول عن هذا الذي يفتريه ، فليُعِدَّ للسؤال جواباً . ( واتقوا يوماً تُرجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون ) . [ البقرة: 281] . ً

عبد الآخر حماد


عضو رابطة علماء المسلمين

25 شعبان 1443هـ- 28/ 3/ 2022م

عن المحرر

شاهد أيضاً

السجن بسبب القرآن: مأساة الداعية الأويغورية خاصية أحمد

السجن بسبب القرآن: مأساة الداعية الأويغورية خاصية أحمد في واقعة صادمة تكشف عن حجم القمع …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *