بمناسبة نشر بعض المشايخ الفضلاء وطلبة العلم النجباء مناشير حول مذكرة الشيخ المقرئ يخلف #شراطي ولما رأيت أن الكثير من طلبة العلم بل حتى بعض النشطاء منهم ممن جمع القراءات لا يعرف هذا الشيخ ولا مذكرته التي كانت ولاتزال من أهم ما يتكون به طالب العلم في التلاوة الصحيحة على رواية ورش .. والكثير من أبناء الجيل الحاضر يجهل أو يتجاهل جهده الكبير في مجال نشر علم القراءات والتلاوة الصحيحة المتقنة في الجزائر بعد الاستقلال .أردت التعريف به في هذا المنشور المختصر
• التعريف بالشيخ وبعض أعماله:
هو “يخلف بن محمد بن جيلالي بن يحي شرَّاطي”، وُلد في 20 مايو/ماي 1950 بقرية وزرة إحدى مداشر ولاية المدية، ترعرع في أسرة محافظة وثورية حيث التحق أخوين له بجيش التحرير الوطني، واستشهدا سنة 1959 و 1961.
•دراسته وحفظه للقرآن الكريم:
أتمَّ حفظ القرآن الكريم في الحادية عشر من عمره على يدي شيخه “عمر قدندل” بمسجد النور بالمدية، حصل على الشهادة الأهلية للتعليم الأصلي في 13 يوليو/جويلية 1973، ثم شهادة البكالوريا للتعليم الأصلي في 06 يوليو/جويلية 1976 بمركز الجزائر. بعدها التحق بمعهد الحقوق والعلوم السياسية والإدارية ببن عكنون تخصص لغة وأدب عربي سنة 1978.
في سنة 1979 التحق بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة أم القرى بمكة المكرمة، تخصص دقيق في الكتاب والسنة، تحصل إثرها على شهادة الليسانس في نفس التخصص في 18 يوليو/جويلية 1982؛ وخلال تواجده بمكة المكرمة أخذ القراءة وأُجيز برواية ورش من طريق الأزرق على يدي شيخه سعيد بن عبد الله المحمدي الحموي.
عاد إلى الجزائر وعُين أستاذًا للغة العربية بمعهد التكنولوجيا والتربية الفرابي بولاية المدية في أكتوبر 1982.
في سبتمبر 1983 التحق بمعهد الدراسات الإسلامية وأصول الدين بالجامعة المركزية بالجزائر العاصمة لتحضير رسالة الماجستير بعنوان: “اختلاف القراءات القرآنية في استنباط الأحكام الشرعية”
في جانفي 1984 عُيِّن بمسجد طارق بن زياد في حي الجبل كإمام ممتاز.
في ديسمبر 1988 اغتنم فرصة أدائه للعمرة فأُجيز برواية قالون عن نافع على يدي شيخه سعيد بن عبد الله.
• نشاطه الدعوي:
بدأ نشاطه الدعوي بالدروس والخطب التربوية، التي كان لها وقع في قلوب الناس نظرا لأسلوبه الدعوي المتميز، وسرعان ما ذاع صيته خاصة بتلقينه الناس وخاصة الشباب أحكام التلاوة.
تتلمذ على يديه خلق كثير، وأُجيز على يديه جمعٌ غفير من طلبة العلم، فكان بحقٍ ابن خيرون الجزائر ؛ حيث كان له الفضل بعد الله تعالى في نشر رواية ورش من طريق الأزرق على أصولها الصحيحة.
رغم بلائه الممتاز في نشر علم الترتيل، إلاّ أنه لم يُسعفه الوقت في ترك مؤلفات في علم القراءات اللهم إلاّ مخطوط بعنوان : “مذكرة في أحكام الترتيل برواية ورش عن نافع من طريق الأزرق.” [2]
شغل منصب رئيس لجنة الدعوة والإرشاد بالمكتب التنفيذي للجبهة الاسلامية للإنقاذ، وكان قبل ذلك عضوا في اللجنة الوطنية للدعوة والإرشاد.
طورد بسب نشاطه في صفوف الجبهة الإسلامية للإنقاذ وألقي عليه القبض في فبراير/فيفري 1993، ومثل حضوريا أمام المحكمة الخاصة في العاصمة بتاريخ 29 ماي 1993 وصدر في حقه الحكم بالسجن المؤبّد ثم تم نقله إلى سجن سركاجي أين استشهد إن شاء الله تعالى نحسبه كذالك والله حسيبه . في 24 فبراير/فيفري 1995 فيما يعرف بمجزرة سجن سركاجي
• بعض ٱثار الشيخ في الإقراء وتعليم التلاوة الصحيحة:
ومن باب التحدث بنعمة الله ومنته على العبد الفقير إلى مولاه الضعيف في علمه وعمله أنه كان _بعد الله عز جل وتوفيقه_ سببا في نشر رواية الاصبهاني عن ورش في الحي الجامعي زواغي سليمان وفي غيره ومنه انتشرت مدن الشرق بعد أن تلقيتها سنة ١٩٩٢ وأنا طالب في مرحلة الليسانس السنة الثالثة في قسم الكتاب والسنة على يد شيخنا المقرئ المتفنن الداعية السلفي الأثري الشيخ عبد القادر مختاري رحمه الله المقتول ظلما وعدوانا من طرف الجماعات المسلحة.و قد أجازني بها وحثني على نشرها . وقد تلقاها عن الشيخ المقرئ الجامع أبي عبد الله منير بن المظفر التونسي لما كان مقيما بوهران . قبل أن يطلب منه مغادرة الجزائر. أول ما بدأنا حلقات التلاوة كان ذالك في سنة ١٩٩٤ وحضر معي عدد من الأخوة منهم :
د. سامي رياض بن شعلال . و د. عبد الله قردو وغيرهم مما لا أتذكرهم الآن .
وأما رواية قالون فدرستها ربما سنة ١٩٩٥ أو ٩٦ أو بعدها وحضر معي اخوة كرام بررة منهم أد. صالح عومار والشيخ محمد سحيم وغيرهم .والمعتمد هو منظومة الشيخ الضباع حفظا وشرحا مع قراءة ختمة كاملة بالدور من المصحف .
وقد أخذت رواية قالون سنة ١٩٩٢ أيضا عن أخي الشيخ مصطفى شاب الله وهو تلقاها عن الشيخ يخلف شراطي المقتول في سجنه ظلما وعدوانا رحمه الله.
وأما رواية ورش من طريق الأزرق فكنت مجازا بها أيضا قبل هذه السنوات أخذتها عن تلاميذ الشيخ يخلف شراطي ولكن تركت تدريسها لأخي الشيخ كمال بوخيطين وهو تلقاها عن تلاميذ الشيخ يخلف شراطي.
وللعلم فشيخنا عبد القادر مختاري كان اول ما جلس للقراءة في كهولته عند الشيخ يخلف شراطي يدرس عنده رواية ورش من طريق الازرق وهو الذي حبب إليه علم القراءات ولما لم يكن الشيخ شراطي جامعا العشر بحث عن شيخ جامع لها فدل على الشيخ منير في قصة طويلة وطريفة ذكرها لي .
والشيخ مختاري هو الذي حبب للعبد الضعيف علم القراءات وشغفت به فبحث عن شيخ جامع بعد وفاة شيخنا عبد القادر مختاري فدللت على تلميذ ثان هو من ألمع تلامذة الشيخ منير وقد قرأ عليه ثلاث ختمات وجمع عنده العشر الكبرى وهو أخونا الشيخ الجامع الحافظ المتقن منصور بلحاج الوهراني فلزمته سنوات طويلة حتى جمعت عليه السبع والعشر الصغرى والكبرى والاربع الزائدة والعشر النافعية .ومازلت استفيد منه إلى اليوم فجزاه الله عني خير الجزاء
والخلاصة أن علم القراءات والتلاوة الصحيحة بعد الله عز وجل الفضل يعود للشيخ يخلف شراطي .فكل من تعلم التلاوة الصحيحة في تلك الأزمنة الا والشيخ شراطي منة عليه وله اجره .
العبرة في هذا كله هو الصدق والإخلاص والتفرغ لتعليم كتاب حسبة فالشيخ شراطي لم يكن عنده إلا روايتي ورش وقالون و لكن استفادت منه الجزائر كلها ولله الحمد والمنة .
وفي الاخير اذكر اني كنت في دورة في العاصمة فصليت خلف أخينا الحبيب د رضا غمور فاعجبتني تلاوته جدا وغلب على ظني أنه له صلة بالشيخ أو تلاميذه فلما سألته قال لي قرأت على الشيخ وقرأ على بعض الإخوة هم الان دكاترة يشار إليهم وسمي أخانا الحبيب د حاتم باي .
وهكذا الإخلاص هو روح الأعمال وسرها فالرجل كان يعمل وحيدا فريدا لا تدعمه جهة حكومية ولا جمعية ولا مؤسسة ولا غيرها. لكن هو الاخلاص والصدق مع الله..
فاللهم اغفر له وارحمه وتجاوز عنه وتقبله عندك وارفع درجته في عليين مع النبيين والصديقين و الشهداء و الصالحين و حسن اولئك رفيقا._________________
فضيلة الشيخ أد بوبكر كافي حفظه الله
جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية – قسنطينة