ما حقيقة دولة فرسان مالطة وهل حقا تخوض حربا صليبية؟
محمد جمال عرفة
دولة صغيرة داخل الفاتيكان ينحصر عملها المعلن في الأعمال الخيرية وأعمال التنصير ــ وشعبها من بقايا جنود الحروب الصليبية
بين الحين والآخر تخرج من البيت الأبيض إشارات دينية توراتية.. عبر الإدارة الأمريكية اليمينية المسيحية حول السياسة الأمريكية في أفغانستان والعراق. فقد سمع العالم تصريح الرئيس بوش الشهير عن بداية الحروب الصليبية مع بدء غزو العراق، ثم صدرت إشارات توحي بأن ضرب العراق له «تأثيرات روحية» هائلة، وأن العراق له أهمية إنجيلية بالغة، وأن العودة للعراق ربما تمهد للقدوم الثانى للمسيح المنتظر!
ومن جهة أخرى.. فإنه مع بروز مقاومة عراقية قوية أوقعت خسائر مؤلمة بالجيش الأمريكي أخذت إدارة بوش تستعين بجيوش من المرتزقة من شركات متعددة بلغ قوامها تعداد الجيوش الأجنبية في العراق (150 ألف جندي) ويتم تمويلها من ميزانية مايسمي بـ«إعمار العراق»، وبعيداً عن ميزانية الجيش الأمريكي، حيث ارتكبت أعمال قتل وتعذيب واغتصاب وتدمير ضد العراقيين بشيب لها الولدان ولا تخضع للقانون أو المحاسبة كي لا توجه لهم تهم قانونية أو يقال بأنهم جنود أمريكان
. الجديد والخطير أن باحثين ومحللين سياسيين أمريكيين كشفوا مؤخراً عن صلة بين هؤلاء المرتزقة وبين دولة ما يسمي بـ«فرسان مالطا» ــ وهي دولة صغيرة داخل الفاتيكان ينحصر عملها المعلن في الأعمال الخيرية وأعمال التنصير ــ وشعبها من بقايا جنود الحروب الصليبية ودخولها في أي حروب ضد المسلمين يكون إحياء للحروب الصليبية، وقد ثبت أن فرسان مالطا هي حلقة الوصل أو الغطاء بين إدارة بوش، وبين شركات المرتزقة التي تعمل في العراق خصوصاً «بلاك ووترز» التي ظهر اسمها للعلن بعد مقتل جنودها في الفلوجة والأنبار.
بل إن الكاتب المصري محمد حسنين هيكل كشف في حلقة أخيرة على قناة الجزيرة عن تفاصيل هذه العلاقة بين الصليبيين القدامى وشركات المرتزقة، وأن من يحارب الآن في العراق هي شركات أمن تمتلك مدرعات وطائرات وأسلحة و120 ألف جندي من المرتزقة، وصرفت عليها مليارات العراق، ولا يحاسبون على جرائم الحرب التي يرتكبونها.
وقال: إن مرتزقة يحلون الآن محل الجيش الأمريكي هناك، وأن من أبرز شركات المرتزقة هذه شركة «بلاك ووترز»، وأن بول بريمر الحاكم العسكري الأمريكي وقع عقوداً كثيرة مع شركات أمن صرفوا عليها مليارات العراق.
أما الغطاء الذي تعمل من خلاله هذه الشركات فهو الغطاء الديني عبر العلاقات مع دولة «فرسان مالطا» التي تعترف بها عدة دول عربية، وقيل: إن شيمون بيريز رئيس الوزراء «الإسرائيلي» السابق كان وراء إقناع مصر بالاعتراف بها لتصبح مصر هي البلد الوحيد الذي لا توجد به غالبية كاثوليكية واعترف بها! إذاً هي حرب صليبية تدور بكل معنى الكلمة على أرض عمادها شركات المرتزقة وتديرها دولة «فرسان مالطا» الصليبية التي تسعى لإحياء دورها الصليبي عبر إشعال حروب صليبية جديدة في بلاد المسلمين..
ماذا تعرف عن هؤلاء المرتزقة الجدد أو الصليبيين الجدد؟ وما قصة دولة «فرسان مالطا» عبر التاريخ وهل لها علاقة بدولة مالطا الحالية؟ وما علاقتها بفرسان الحرب الصليبية السابقين؟ وما علاقة الفرسان بمرتزقة العراق؟
اقرأ هذا الملف لتعرف الكثير!
سفارة بلا دولة!
في منطقة وسط القاهرة، وتحديداً في شارع هدى شعراوي سفارة فريدة غريبة، تثير الدهشة، بل والذهول، فهي لا ترفع علمًا كبقية السفارات… اسمها «سفارة فرسان مالطا» هكذا كتب بالعربية على لوحة نحاسية في مدخل السفارة، وفي نفس اللوحة كتب بالفرنسية: Ambassade De L’ordre souveraine ET Militaire De Malte” أو بالإنجليزية: SOVEREIGN MILITARY ORDER OF MALTA وترجمتها الحرفية «سفارة النظام العسكري ذي السيادة المستقلة لمالطا»، وليست لها علاقة بدولة أو سفارة مالطا، ووفقاً لمعلومات وزارة الخارجية المصرية بدأت هذه السفارة عملها في القاهرة عام 1980م،
وهي من بقايا الحروب الصليبية البائدة، ومقرها يقع داخل الفاتيكان، وتعتبر امتداداً لما كان يسمى (فرسان الهوسبتاليين) الصليبيين، أما نشاطها ــ الآن ــ فقد أصبح يقتصر كما هو معلن على الأعمال الخيرية والتبرعات، ولها علاقات مع أربع دول عربية! جذورهم.. مرتزقة!

وشركة مثل «بلاك ووترز» ــ التي تأسست عام 1997م بواسطة عسكري سابق هو إيريك بيرنس ــ تمثل غطاء للفرسان الصليبيين ولديها 20 ألف مقاتل على أهبة الاستعداد ولديها 20طائرة مقاتلة، وعدد من الطائرات المروحية، ولها «قاعدة عسكرية خاصة». «خصخصة الحروب».. هي ــ بالتالي ــ السياسة الجديدة لأباطرة الحرب في إدارة بوش بهدف التغطية على خسائر الجيش الأمريكي، وأفضل الوسطاء هنا هم الصليبيبون القدامى.. الجدد الذين يتسترون تحت غطاء دولة مجهولة ونشاطهم المعلن «خيري» و«تطوعي»، أما الحافز الذي يشجع على تنشيط هذا الثنائي الجهنمي، فهو أن أغلب معاركه تدور على أرض العرب والمسلمين! «وما يقال عن فرسان مالطا» يقال عن «فرسان المعبد» فهناك تشابه في النشأة والمنطلقات والأهداف.. وهي أيضاً نتاج الحروب الصليبية بل يتردد أن فرسان مالطا منبثقة عن فرسان المعبد.. القصة في الصفحات التالية.