الميليشيات المسلحة المعارضة للنظام الامريكي
الجماعات الفوضوية التي ترفض هيمنة الحكومة المركزية على البلاد
اكتشف الأمريكيون بعد وقوع انفجار أوكلاهوما سيتي في أبريل عام 1995، أن المتهم-الذي كانوا يبحثون عنه في الخارج، مرجّحين أن تكون ملامحه عربية- من بني جلدتهم وموجود بينهم ويتحدث لغتهم، وله ملامحهم نفسها، ويلف نفسه بالعلم الأمريكي ويقدّس الدستور ذاته. و نصراني أمريكي الأصل والنشأة والتربية هو الذي تسبب في تفجير المبنى الكبير في أوكلاهوما سيتي عام 1995م وكان فيه بعض الأقسام الحكومية إضافة الى عدد من المؤسسات، بل ودار أطفال، وكان حصيلة هذا الحدث ما يزيد على 179 قتيلاً، إضافة إلى أعداد من المشوهين والمعاقين.. الخ.
وبعد هذا التفجير سوِّي المبنى بكامله في التراب.. هذا الحدث قام به شاب أمريكي يدعى «ماقفي»عمل في الجيش الامريكي، ولكنه لأسباب كثيرة مع مجموعته الارهابية يتخذ مواقف عدائية تجاه الواقع الامريكي. وقد قيل له قبل إعدامه قبل أشهر هل تأسف على ما حدث – وكأنه هو الوحيد – فقال بالحرف الواحد «لا» .
ففي منتصف التسعينيات، اتسع انتشار الميليشيات المناهضة للحكومة الاميركية في ولايات الوسط والغرب. وتظهر الأرقام الرسمية الأمريكية أنه في عام 1994 وحده، تم تسجيل 2438 محاولة تفجير، أو تفجير لم يتبعه حريق، معظم المسؤولين عنها من الشبان الذين يعتمدون على كتب مثل: “دليل الفوضوي”، و”جيمس بوند للرجل الفقير” أو “يوميات تونر” الذي يعتبر الكتاب المقدّس للميليشيات.
وهذه التنظيمات أنتجتها الأرض الأمريكية الخصبة، وبعضها قديم قدم الجمهورية الأمريكية ذاتها، وإن تغير معناها ومغزاها خلال التاريخ الأمريكي القصير، فقد كان للميليشيات في البداية معنى إيجابي؛ إذ كانت تشمل القوات الشعبية التي شاركت في حرب الاستقلال.
وفي وقت لاحق، استمر وجود هذه الجماعات الصغيرة التي كانت تحاول قدر المستطاع أن تحكم نفسها محليا، وخاصة في ولايات الغرب، أو في الجنوب (كلوكلاس كلان)، لا ينبغي ان ننسى ما حدث لما يسمى ب«ديفيد كريش» النصراني الامريكي والذي احتجز عدداً من الشباب والأطفال منهم من يؤمن به كمسيح جديد ومنهم من احتجزه معه كرهينة لسلامته، واحتجز نفسه واتباعه في مبنى ناء فقامت الحكومة بتهديده واتباعه، فكان أن أحرقت الحكومة المبنى بمن فيه، هذه الجماعات الصغيرة كانت معزولة وبقيت على هامش الحياة السياسية، لكن الوضع تغير اليوم بفعل التطورات التقنية التي تسهّل صنع القنابل وتهريب الأسلحة، وكذلك تطور وسائل الاتصال التي تسمح لهذه التنظيمات بالاتصال الفوري بعضها ببعض، إما عبر البرامج الإذاعية أو الفاكس، وأخيرا عبر الإنترنت.
ويعتبر مكتب التحقيقات الاتحادي “إف بي آي” أن كتاب “يوميات تونر” الذي صدر في عام 1987 استند إليه “ماكفاي” مفجّر أوكلاهوما، ومؤلفه هو “أندرو ماكدونالد” ويعمل أستاذا جامعيا، والكتاب عبارة عن رواية سيطرت على خيال هواة اقتناء الأسلحة والشبان البيض المتعصبين عرقيا، وصار واسع الانتشار. وهناك من يقول: إن اسم المؤلف الحقيقي لهذا الكتاب هو “وليم بيرس” وهو أستاذ جامعي.
وتنبهت وزارة العدل الأمريكية لهذا الكتاب عام 1985، عندما قامت مجموعة إرهابية أمريكية معادية للحكومة الاتحادية، أطلقت على نفسها اسم “النظام” بعمليات اغتيال وسطو على مصارف؛ أملا منها في إطلاق ثورة عنيفة.
وتجذب هذه الميليشيات أساسا عناصر أمريكية يعيش معظمها على هامش المجتمع، وينتمي أعضاؤها إلى العرق الأبيض، وهم في غالبيتهم من الطبقة العاملة ومن العاطلين عن العمل ومن الذين يعتبرون أنفسهم متدينين.
وتعكس قيم هذه التنظيمات مزيجا غريبا من الدين المسيحي، وتقديس الحرية الفردية للمواطن، والقيم العسكرية، وخاصة حرية اقتناء وحيازة الأسلحة النارية، والخوف من السلطة المركزية، والرغبة في مقاومة تدخّلها في حياة المواطن؛ ولذلك فإن الطابع العقائدي الغالب على هذه التنظيمات هو الطابع اليميني، الذي يصل في أحيان كثيرة إلى الشوفينية والعنصرية والحقد على كل ما هو غير أبيض أو مسيحي.
ويقوم أعضاء هذه التنظيمات خلال العطلات بارتداء الزي العسكري والتدرب على إطلاق النار بالأسلحة النارية والمتفجرات الحية في معسكرات أو مزارع خاصة (لضمان عدم تدخل رجال الأمن) أو في الغابات. وهناك نسبة كبيرة من الأعضاء من الجنود السابقين؛ فعلى سبيل المثال فإن المتهم الرئيسي بتفجير أوكلاهوما “تيموثي ماكفاي” خدم في حرب الخليج ونال ميدالية النجمة البرونزية.
لكن من بين أعضاء الميليشيات أيضا مجموعة من المحامين والمثقفين البارزين والأساتذة الجامعيين، بالإضافة إلى ضباط متقاعدين من ذوي السجل العسكري المثالي.
ويعتبر بعض أعضاء هذه الميليشيات أنفسهم في حالة حرب مع السلطة الاتحادية، التي يرون أنها تحاول حرمانهم من حقوقهم الدستورية (الفردية)، وهم يرفضون دفع الضرائب.
أما المتطرفون منهم فيؤمنون بوجود مؤامرة تشارك فيها الحكومة الاتحادية، والمصارف العالمية والأمم المتحدة، وعناصر يهودية عالمية وغيرها من القوى المعادية للمسيحية، تهدف إلى إقامة حكومة عالمية، أو كما هو شائع الآن “النظام العالمي الجديد”.
ويدّعي هؤلاء أنهم يملكون معلومات أو وثائق تثبت صحة ما يقولون، منها ظاهرة تحليق طائرات مروحية سوداء في ولايات الغرب، يعتقدون أنها لرصد تحركاتهم، ويقولون: إن أمريكا ستستعين بقوات روسية أو صينية لنزع أسلحتهم.
وهذه الميليشيات مختلفة عن الميليشيات المتنازعة في الدول التي تشهد الحروب الأهلية؛ فهي تنتمي عقائديا إلى المدرسة ذاتها، وليس بينها تنافس أو عداء، وما يحدد توجهها وبرامجها هو خوفها وعلاقتها المتوترة بالسلطة الاتحادية.. أي إن لهذه الميليشيات عدواً أساسياً هو السلطة الاتحادية.
و تنتشر الميليشيات في ولايات مختلفة. حتى ان احدى هذه الجماعات في تكساس اعلنت الانفصال واقامت مبنى وزارة خارجية خاصة لها.. الخ ويقدر عدد الميليشيات والمنظمات المسلحة بحوالي مائة الف ممن يرفعون السلاح في وجه الحكومة الفدرالية ويؤكد تقرير مركز «ساوثرن بوفرتي لوسانتز» الامريكي الصادر عام 1998م والمتخصص في مراقبة التحركات المعادية للسلطة ان المجموعات التي تحرض على الحقد والعنصرية تزداد عاماً بعد عام حيث ارتفعت ما بين عامي 1996م و1997م بنسبة 20% لتصل إلى 500 مجموعة تضاف إلى 850 مجموعة اخرى منها 400 ميليشيا مسلحة منتشرة في بعض الولايات.
وتقوم هذه الجماعات بأعمال شغب وتخريب وتدريب على نطاق واسع في الولايات المتحدة الامريكية كل هذا على مرأى ومسمع من الادارة الامريكية بل أشار أحد الساسة منهم بقوله «إن أخشى ما نخشاه أن تمتلك هذه الجماعات قنابل نووية في المستقبل فتكون الكارثة»، هذا بالإضافة إلى المجموعات العنصرية ويرمز لها ب«KKK» المعادية لكل عنصر غير الأبيض. ولذلك فهم يعيشون عدم استقرار من الداخل.
قائمة بأهم الميليشيات الإرهابية الأمريكية
ميليشيا ولاية أريزونا
تنتشر عادة إعلانات في الصحف الأمريكية تدعو المواطنين للانضمام إليها، واسمها الرسمي هو منظمة أبناء الحرية، وأحد إعلاناتها يقول: يجب ألا نسمح للحكومة بإدارة شئونها وحياتنا، يجب أن نعود إلى أيام الثورة الأمريكية الأولى، نحن ثوريون أمريكيون. ومن أهدافها فصل ولاية أريزونا عن الولايات المتحدة.
وميليشيا أريزونا حديثة وصغيرة الحجم بالمقارنة مع غيرها، من قادتها ديفيد أبسي الكابتن الثوري، وجارى هانت الثوري الأول، وهما يريان أن على الأمريكيين إعلان ثورة جديدة مثل التي أعلنوها ضد الاستعمار البريطاني قبل أكثر من مائتي سنة، ثم إعادة تأسيس الولايات المتحدة.
ولأن هذه الميليشيا جديدة فإن أسلحتها فردية وهي عبارة عن أسلحة أعضائها (الواحد منهم يملك مجموعة من المسدسات والقنابل). وفي إعلانات اجتماعاتها تدعو الميليشيا المواطنين حسب الطريقة التالية: “تعالوا مع أسلحتكم وأصدقائكم”.
ميليشيا ولاية كولورادو
اسمها الرسمي هو حراس الحريات الأمريكية، العضو فيها يطلق على نفسه لقب حارس وطن، وأسلحة أعضائها كثيرة ولا يكتفي الواحد بأسلحة لنفسه، إنما يخزن مجموعة أخرى للمتطوعين الذين ربما لن تتوفر لهم أسلحة كافية عند قيام الحرب.
ويخزنون أيضا كميات كبيرة من الطعام وضروريات الحياة ليعيشوا أسابيع بل شهورا إذا فرضت عليهم الحكومة الحصار. وميليشيا كولورادو عندها جريدة ودار نشر. ومن مطبوعاتها: النظام العالمي الجديد.
وبداخل هذه المليشيا لجنة تشرف على التمارين العسكرية وتخزين الأسلحة. كما ترسل مستشارين عسكريين لمساعدة الميليشيات في الولايات الأخرى، وعلى رأس قائمة أعدائهم -بالإضافة إلى الحكومة الفدرالية- البنوك العالمية التي يسيطر عليها اليهود. وهذه الميليشيا تحمل اليهود مسئولية فساد النظام البنكي العالمي بما في ذلك سقوط بنك الاعتماد.
ميليشيا ولاية فلوريدا
تتكون هذه الميليشيا من 6 ميليشيات فرعية، ولها جنود في كل مقاطعة ومدينة في ولاية فلوريدا؛ ففي مدينة تاميا يوجد فرع للمتطوعين المسلحين، وفي مقاطعة هيلزبورو المجاورة جيش وجهاز حكومي وجهاز قضائي، وعلى رأس الجهاز القضائي المحكمة الدستورية التي أرسلت أخيرًا أوامر إلى المسئولين في المقاطعة لإطاعة قوانينها.
وفي مقاطعة سانت لوشي يحمل الجنود مسدسات وبنادق ومدافع رشاشة إلى اجتماعات التدريب.

