قراءة متأنية في سجل التطرف
عبد الرحمن العشماوي
صبح تنفس بالضياء وأشرقا | والصحوة الكبرى تهز البيرقا | |
وشبيبة الإسلام هذا فيلق | في ساحة الأمجاد يتبع فيلقا | |
وقوافل الإيمان تتخذ المدى | دربا وتصنع للمحيط الزورقا | |
وحروف شعري لا تمل توثبا | فوق الشفاه وغيب شعري أبرقا | |
وأنا أقول وقد شرقت بأدمعي | فرحا وحق لمن بكى أن يشرقا | |
ما أمر هذي الصحوة الكبرى | سوى وعد من الله الجليل تحققا | |
هي نخلة طاب الثرى فنما | لها جذع قوي في التراب وأعذقا | |
هي في رياض قلوبنا زيتونة | في جذعها غصن الكرامة أورقا | |
فجر تدفق من سيحبس نوره | أرني يدا سدت علينا المشرقا | |
يا نهر صحوتنا رأيتك صافيا | وعلى الضفاف رأيت أزهار التقى | |
ورأيت حولك جيلنا الحر الذي | فتح المدى بوابة وتألقا | |
قالوا تطرف جيلنا لما سما | قدرا وأعطى للبطولة موثقا | |
ورموه بالإرهاب حين أبى الخنى | ومضى على درب الكرامة وارتقا | |
أوكان إرهابا جهاد نبينا | أم كان حقا بالكتاب مصدقا | |
أتطرف إيماننا بالله في عصر | تطرف في الهوى وتزندقا | |
إن التطرف ما نرى من غفلة | ملك العدو بها الزمام وأطبقا | |
إن التطرف ما نرى من ظالم | أودى بأحلام الشعوب وأرهقا | |
لما رأى جريان صحوتنا طغى | وأباح أرواح الشباب وأزهقا | |
ما زال ينسج كل يوم قصة | تروى وقولا في الدعاة ملفقا | |
إن التطرف أن يسافر مسلم | في لهوه سفرا طويلا مرهقا | |
إن التطرف أن نرى من قومنا | من صانع الكفر اللئيم وأبرقا | |
إن التطرف أن نبادل كافرا | حبا ونمنحه الولاء محققا | |
إن التطرف أن نذم محمدا | والمقتدين به ونمدح عفلقا | |
إن التطرف أن نؤمن بطرسا | وهو الذي من كأسه والده استقى | |
إن التطرف وصمة في وجه من | جعلوا صليبهم الرصاص المحرقا | |
إن التطرف في اليهود سجية | شربوا به كأس العداء معتقا | |
إن التطرف أن يظل رصاصنا | متلعثما ورصاصهم متفيهقا | |
يا من تسائلني وفي أجفانها | فيض من الدمع الغزير ترقرقا | |
وتقول لي رفقا بنفسك إننا | نحتاج منك الآن أن تترفقا | |
أوما ترى أهل الضلالة أصبحوا | يتعقبون شبابنا المتألقا | |
لا تجزعي إن الفؤاد قد امتطى | ظهر اليقين وفي معارجه ارتقى | |
غذيت قلبي بالكتاب وآيه | وجعلت لي في كل حق منطقا | |
ووطئت أوهامي فما أسكنتها | عقلي وجاوزت الفضاء محلقا | |
أنا لا أخدر أمتي بقصائد تبني | على هام الرياح خورنقا | |
يسمو بشعري حين أنشد صدقه | أخلق بمن عشق الهدى أن يصدقا | |
أوغلت في حزني وأوغل في دمي | حزني وعصفور القصيدة زقزقا | |
أنا يا قصيدة ما كتبتك عابثا | كلا ولا سطرت فيك تملقا | |
عيني وعينك يا قصيدة أنورا | دمعا وشعرا والفؤاد تحرقا | |
قالوا قسوت ورب قسوة عاشق | حفظت لمن يهوى المكان الأعمقا | |
بعض الرؤوس تظل خاضعة فما | تصحو وما تهتز حتى تطرقا | |
خوان أمته الذي يشدو لها | بالزيف والتضليل حتى تغرقا | |
خوان أمته الذي يرمي لها | حبلا من الأوهام حتى تشنقا | |
كالذئب من يرمي إليك بنظرة | مسمومة مهما بدى متأنقا | |
شتان بين فتى تشرب قلبه | بيقينه ومن ادعى وتشدقا | |
شتان بين النهر يعذب ماؤه | والبحر بالملح الأجاج تمذقا | |
إني لأعجب للفتي متطاولا | متباهيا بضلاله متحذلقا | |
سلك العباد دروبهم وهو الذي | ما زال حيران الفؤاد معلقا | |
الشمس في كبد السماء ولم يزل | في الشك في وضح النهار مطوقا | |
النهر يجري في القلوب وماؤه | يزداد في حبل الوريد تدفقا | |
وأخو الضلالة ما يزال مكابرا | يطوي على الأحقاد صدرا ضيقا | |
يا جيل صحوتنا أعيذك أن أرى | في الصف من بعد الإخاء تمزقا | |
لك من كتاب الله فجر صادق | فاتبع هداه ودعك ممن فرقا | |
لك في رسولك قدوة فهو الذي | بالصدق والخلق الرفيع تخلقا | |
يا جيل صحوتنا ستبقى شامخا | ولسوف تبقى بالتزامك أسمقا | |
سترى رؤى بدر تلوح فرحة | بيمينها ولسوف تبصر خندقا | |
سترى طريقك مستقيما واضحا | وترى سواك مغربا ومشرقا | |
فتحتك لك البوابة الكبرى فما | نخشى وإن طال المدى أن تغلقا | |
إن طال درب السالكين إلى العلا | فعلى ضفاف المكرمات الملتقى | |
وهناك يظهر حين ينقشع الدجا | من كان خوانا وكان المشفقا |