شلة التوراتيين التاريخيين الجدد..!!
بقلم_ غازي أحمد الفقيه
مقالة رائعة للأستاذ غازي أحمد الفقيه. يلقي فيه الأضواء على تلاميذ كمال الصليبي ( تلميذ الصهيوني المتعصب ضد الإسلام برنارد لويس ) الذين يعملون على تهويد تاريخ جزيرة العرب ، وتصحيح أسفار التوراة التي قطع القرآن الكريم بتحريف اليهود لها. فيزعمون بناءً على ما ذكره أستاذهم كمال الصليبي ان التورة نزلت في جنوب المملكة العربية السعودية بالمنطقة الجنوبية وسهول تهامة ، وكان صليبي قد بنى دعواه على تشابه بعض أسماء المواقع والبقاع بعد ان قام بالتحريف والتحوير.
وأليكم هذه المقالة الرائعة.
مع هجمة السوشل ميديا مطلع القرن الحادي والعشرين . وتعدد وسائط التواصل (الاجتماعي) وقنوات الزيف والتضليل المتعمد.!.ظهرت على سطح المشهد الإعلامي غير المنضبط عدة أصوات تدعي العلم بالتاريخ القديم وخصوصا (التوراة أسفارها واصحاحاتها) وهذه الأصوات عربية مع الأسف منهم الشامي والعراقي والسعودي والمصري والتونسي وحتى الفلسطيني _(وفيهم من اسمه احمد ومحمدوفاضل ويوسف )..!
فهذه الاصوات معظمها تتلمذت على أراجيف وفكر وضلال كمال سليمان الصليبي اللبناني المسيحي الأمريكي بالتجنس صاحب كتاب(التوراة جاءت من جزيرة العرب) مع أن التوراة دونت بعد عشرة قرون من نزولها كصحف على النبي موسى عليه السلام . وتولى الصليبي قص شريط التحريف والتزوير فاستنسخ محتوى المعجم الجغرافي للبلاد العربية السعودية لمؤلفه العلامة حمدالجاسر بعد زيارة له للمملكة فاسقط ذلك المحتوى على مسميات مكانية عربية وجعلها (عبرية ) بشيء من التحريف المبتذل والمكشوف . .فاتفق تلاميذه على تمرير كذبة(صحة التوراة )التي بين أيديهم وجعلوا
منها المصدر الموثوق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. ولمن أراد أن يعرف حقيقة ذلك التحريف فليقرا كتاب (تحريف التوراة).نشرته دار القلم للدكتور محمدعلى البار . وانظر كذلك الشواهد التوارتية عاى ان موطن بني إسرائيل ليس جنوب غرب الجزيرة العربية .لكاتبه الباحث إبراهيم محمدصديق بمركز سلف للبحوث والدراسات . فاتجهت هذه المجموعة بأحاديثهم وكتاباتهم ومؤلفاتهم إلى جزيرة العرب وجنوبها تحديدا (اليمن وجنوب المملكة العربية السعودية) بل إن أحدهم أصدر كتابا سماه (التوراة الحجازية) فشككوا في موطن نبوءة النبي موسى عليه السلام وقومه بعد التيه الأربعيني واختاروا اليمن وجنوب المملكة مسرحا لعبثهم غير العلمي .وحتى النبي سليمان عليه السلام وقصته مع بلقيس لم يسلم من نقل مملكته من فلسطين وماحولها من بلاد الشام وجعلوها على نفس المسرح .وقد يأتي يوم ونسمع منهم أن نبوءة عيسى عليه السلام ورسالته أيضا كانت على المسرح ذاته ولم تكن في فلسطين.! .
وصرح بعضهم أخيرا أن نبي الله إبراهيم عليه السلام كان موطنه بلاد غامد في منطقة الباحة بالمملكة العربية السعودية أي أن منطقة الباحة سراة وتهامة كانت موطنا للنمرود وصناعة الأصنام .!! مع أن جزيرة العرب برمتها لم تعرف الأصنام في الجاهلية إلا بعد نقل أبو الأصنام عمرو بن لحي الخزاعي تلك الأصنام من بلاد الشام إلى مكة المكرمة فغير بها حنيفية إبراهيم عليه السلام. بل قال أحدهم أن مسجدا صغيرا لاتتسع مساحته لخمسة عشر مصليا بني على قمة جبل شدا الأعلى بمنطقة الباحة هو مسجد النبي إبراهيم ..!!
ومع وجود الاختلاف على صحة التسمية هذه والأخذ قبل ذلك بماورد في القرآن الكريم والتفاسير المعتبرة والتحقيقات التاريخية فإن نسبة هذا المصلى تعود إلى الفقيه إبراهيم بن الأبلج أحد الأشراف الأبالجة الذين تولوا الوعظ والإرشاد والفتيا على زمنهم في المنطقة .
وهؤلاء التوارتيون الجدد جميعا غرضهم الحقيقي نفي القداسة والبركة عن القدس الشريف وما حوله في أرض فلسطين. فمن كتبهم (فلسطين المتخيلة / أرض التوراة في اليمن القديم . والقدس ليست اورشليم وإبراهيم وسارة الهجرة الوهمية إلى فلسطين ) وغير ذلك . وفي الوقت نفسه نجد من يدعون أنهم يهودا وكتابهم التوراة هم المتمسكون بفلسطين المباركة وقدسها الشريف وادعوا أنها أرض الميعاد التي وهُبت لهم بوعد إلهي وهم في حقيقتهم صهاينة أو استقطبتهم الدعاية الصهيونية السياسية قبل نهاية القرن الثامن عشر ومطلع القرن التاسع عشر الميلادي ومكنهم الاغتصاب البريطاني من أرض فلسطين منذ العام ١٩١٧م..!!
ومن العجيب ادعاءات هؤلاء وتناسيهم تلك الحروب الدينية التي ساقها الغرب الصليبي في ثمان حروب على الشرق الإسلامي وخصوصا أرض فلسطين المباركة . واستمرت تلك الحروب قرنين من الزمان وعرفت بالحروب الصليبية ذهب ضحية ذلك الآلاف من المسلمين . فلو لم تكن أرض فلسطين أرضا مقدسة مباركة وموطنا للرسالات السماوية لما ثارت حفيظة الغرب الصليبي تجاهها والسعي لاغتصابها ردحا من الزمن ..!
مع أن هذه الزمرة وصناع التاريخ التوراتي الجديد المزور مسلمون ويتلون سورة الإسراء وخصوصا مطلع السورة الكريمة وآية (١)﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ فمن أصدق من كلام ربنا قيلا..؟!
ويتبجج أحدهم وهو روائي غير متخصص في التاريخ يردد في قنوات الزيف أن المسجد الأقصى هو مسجد الجعرانة(شمال شرق مكة المكرمة بينها وبين الطائف ولا يبعد عن الحرم الشريف سوى ٢٥ كيلا) ليشكك في حادثة الإسراء والمعراج ..!!
وسار على نهج هذه الزمرة دعي آخر من تونس نقل مكة المكرمة وبيت الله الحرام شرفهما الله إلى قريته في تونس .في مهزلة يندى لها الجبين ..!
كل ذلك يحدث ونتوقع الكثير من ذلك يتكرر مستقبلا مالم يتخذ ضد هؤلاء المزورين لتاريخ الأمة والتعدي على معتقداتها الدينية من الجهات الرسمية والدينية ما يحفظ للأمة وتاريخها الكرامة والعزة التي فضلها الله بها وجعلها خير أمة أخرجت للناس..!
-أضواء الوطن