20 ربيع أول 227 هـ
المكان: بغداد ـ العراق.
الموضوع: وفاة إمام الزهد بشر الحافي.
الأحداث:
لقد كان في الإسلام رجال فخارًا لك الأمم، وزينة لكل مجلس، ذكرهم يحيي القلوب، وأخبارهم تحفز الهمم وتعيد الثقة لكثير من الغافلين من إمكانية رجوعهم لطريق الحق والصواب. من هؤلاء الزاهد المشهور ‘بشر بن الحارث بن عبد الرحمن المروزي أبو نصر’ المعروف بـ ‘الحافي’، نزيل بغداد، والمولود فيها عام 150 هـ. وسبب تسميته بالحافي أنه جاء يومًا إلى حذَّاء، فطلب منه شراكًا لنعله، فقال له الحذاء: ‘ما أكثر كلفتكم يا فقراء على الناس!’ فطرح النعل من يده، وخلع الأخرى من رجله، وحلف ألا يلبس نعلاً أبدًا. وقيل عنه أنه كان مسرفًا على نفسه في أول أمره، وأن سبب توبته أنه وجد رقعة فيها اسم الله عز وجل في حمام فرفعها ثم رفع طرفه إلى السماء قائلاً: ‘سيدي! اسمك ههنا ملقى يداس’ ثم ذهب إلى عطار، فاشترى عطرًا، وعطر به تلك الرقعة وحفظها في مكان أمين، فأحيى الله قلبه، وألهمه رشده، وصار إلى ما صار إليه من العبادة والزهادة.
– طلب بشر الحافي العلم، فسمع من الأكابر، أمثال حماد بن زيد وعبد الله بن المبارك ومالك وابن مهدي، ثم حدّث عنه جماعة أيضًا من الأكابر، مثل أبو خيثمة وزهير وسدي السقطي وابن حاتم، ولكنه اعتزل بعد ذلك واشتغل بالعبادة، وصار إمامًا في الزهد والعبادة، وكان له كلمات مفيدة وأشعار راقية.
– أثنى أهل العلم عليه في عبادته وزهادته، وورعه ونسكه وتقشفه، فقال الإمام أحمد عنه: ‘لم يكن له نظير إلا عامر بن عبد قيس، ولو تزوج لتم أمره’. وقال إبراهيم الحربي: ‘ما أخرجت بغداد أتم عقلاً منه، ولا أحفظ للسانه منه، ما عرف غيبة لمسلم، وكان في كل شعرة منه عقل، ولو قسم عقله على أهل بغداد لصاروا عقلاء، وما نقص من عقله شيء’.
– في يوم وفاته اجتمع في جنازته أهل بغداد عن بكرة أبيهم، فأطرح بعد صلاة الفجر، فلم يستقر في قبره إلا بعد العتمة، وكان المدائني وغيره من أئمة الحديث يصيح بأعلى صوته في الجنازة: ‘هذا والله شرف الدنيا قبل شرف الآخرة’. وروي أن الجن كانت تنوح عليه في بيته ا لذي كان يسكنه، ورؤيت له منامات صالحة، فرحمه الله رحمة واسعة وأجزل له المثوبة.
المراجع:
1. سير أعلام النبلاء 10/469.
2. صفة الصفوة 2/325.
3. البداية والنهاية
4. النجوم الزاهرة 2/21.
5. المنتظم 11/122.