هو خطاب البابا أوربان الثاني الذي ألقاه في مجمع كليرمون الكنسي الذي أنعقد في مدينة كليرمون في فرنسا برئاسة البابا نفسه في ١٨ نوفمبر ١٠٩٥ م / الموافق لسنة ٤٨٨ هجرية.
واستمرت جلسات ذلك المجمع تسعة أيام ، وبعد ان بحث المجمع الكثير من الأمور الكنسية والدينية المتعلقة بالكنيسة الكاثوليكية ، وفي آخر أيام المجمع القى البابا أوربان الثاني خطابه الشهير الذي أعلن فيه مشروع الحرب العالمية الابدية ضد الإسلام والمسلمين والتي عُرِفت بإسم ” الحروب الصليبية المقدسة “. وكانت الجماهير المحتشدة خارج كنيسة كليرمون التي تستمع لخطاب البابا مكونة من : مندوبين عن الأمراء والملوك ورجال الدين والأساقفة. في ذلك الخطاب الذي يعتبر أشهر خطاب في تاريخ اوربا اعلن فيه البابا مشروع الحروب الصليبية ضد المسلمين.
والحقيقة أن نص الخطاب لم يُحفظ كاملاً ، وإنما هناك العديد من رجال الذين حفظوا فقرات من ذلك الخطاب ، مثل الراهب بودري دي دول ، والراهب روبير لاموان وغيرهما. ومن أهم ماجاء فيه من الفقرات قوله : ما ترجمته ” إنني أدعوكم ليس بإسمي أنا ولكن بإسم الرب المسيح أن يعيش كل واحد منكم مستمسكاً بالقانون الإلهي فيعيش في هدنة مع الرب. وأدعوكم أيضاً بإسم الرب المسيح أن تقوموا بعمل خيري وهو إغاثة اخوانكم في الشرق ، فقد هاجمهم الأتراك والعرب ودمروا الكنائس وحطموا الأديرة ، لذلك أدعوكم بإسم الرب لتنهضوا فرساناً ومشاة ، فقراء وأغنياء لإغاثة اخوانكم في الشرق طرد الجنس الزنديق – يقصد المسلمين – وأدعوكم إلى القتال في سبيل الصليب من أجل انقاذ القدس ، صُرَّة العالم “.
أيضاً من الفقرات التي وردت في ذلك الخطاب التاريخي ما ترجمته : ” إن الفقر وقلة موارد الطعام كانت سبباً من أسباب الحروب في العالم المسيحي “. وكأنه يشير بذلك إلى الدوافع الاقتصادية في الحروب الصليبية ، أي أن موارد الطعام في أوروبا لم تعد تكفي لإطعام الأفواه الجائعة ، ولا سبيل لحل هذه المشكلة إلا بإخراج عدد كبير من سكان أوروبا إلى بلاد المسلمين للإستيلاء على مواردهم وممتلكاتهم.
وقد أثار هذا الخطاب موجة عارمة من الحماسة في نفوس الحاضرين ، حتى أنه قوطع بصرخات مدوية من الحاضرين قائلين فيها : ” هكذا يريد الرب… هكذا يريد الرب…هكذا يريد الرب “.
وعلى الفور وبعد ان انتهى البابا من خطابه استغل موجة الحماسة ولم يدعها تخمد أو تضعف ، وأعلن أن كل من أراد الأشتراك في الحرب الصليبية عليه أن يخيط صورة صليب أحمر على صدره ، أو ينقشه على كتفه ، ومن فعل ذلك فلا يحل له أن يتوقف حتى يفي بنذره ، والذهاب للقتال في سبيل الصليب.
ثم أختار الباباً مندوباً عنه ليمثله في تلك الحرب الصليبية ، وأعلن امتيازات الصليب.. وشرع ومعه رجال الدين في الدعوة لتنظيم الحملة الصليبية.
وهكذا انطلقت تلك الحروب الصليبية ، المستمرة إلى اليوم وإن كانت تتستر في العصر الحالي بأقنعة مختلفة.