“لا يُفتي قاعد لمجاهد” قولة لا أصل شرعي لها!
د طارق عبد الحليم
مع شدة اعتراضي على الفحش في استخدام الألفاظ، الذي يستبيحه بعض المعلقين، بحجة محبة المجا& هدين، أو الإسلام، أو كراهة النظم الديكتاتورية، فيقعون فيما يترفع عن التلفظ به أصحاب الخلق وشرفاء النسب، مهما كان السبب! مع وجود البدائل في الألفاظ العربية والشرعية لوصف أصحاب الباطل.
أقول، هذه القولة، لا أصل لها في القواعد الشرعية أو الفقهية، بل هي أداة لإسقاط قول العلماء في فتاوى السياسة الشرعية وإحداث الهرج والعبث في التطبيق الشرعي للكتاب والسنة في مواضعهما في السلم والحرب جميعا!
أولاً: القولة باطلة في ظاهر معناها:
فهي مناقضة لآية قرآنية جليلة تبين أن هناك (بلا بد) أن تبقى فئة، لا يسميها الله “قاعدون” خلف المجاه&دين لتتفقه في الدين، وتفتي لهم في حالة الحرب والسلم، وإلا فكيف ياحول المحارب العامي، قائدا أو جنديا، إلى فقيه بمجرد حمله للسلاح!؟
عبث سخيف باطل!
قال تعالى: “وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً ۚ فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ”
فالمقا&تلون يحتاجون من يفقههم في الدين، من فئة “المؤمنين” الذين قعدوا، لا كرها في الجها& د، لكن لكل عذره، بل ومنهم من يجب تخلفه كما نصح علي رضي الله عنه أبا بكر بالبقاء وعدم الخروج للقتال:
“وأخرج السَّاجي عن عائشة رضي الله عنها قالت: خرج أبي شاهراً سيفه راكباً راحلته إلى ذي القَصَّة، فجاء علي بن أبي طالب فأخذ بزمام راحلته وقال: إلى أين يا خليفة رسول الله؟ أقول لك ما قال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أُحد: شِمْ سيفك ولا تفجعنا بنفسك» فوالله لئن أصبنا بك لا يكون للإِسلام بعدك نظام أبداً؛ فرجع وأمضى الجيش. كذا في الكنز. وأخرجه الدارقطني أيضاً بنحوه – كما في الإِصابة”
ثانيا: لو فرضنا صحة في هذا القول الذي لا أصل له، فلعل المقصود هو أحد أمرين،
إما ورعا، بأن القاعد عن الجهاد، من العوام لا العلماء، مع قدرته عليه، يجب أن يستحي من توجيه من خرج بنفسه للقتال!
أو أنه في حال الحرب، وفي ساعة معينة على طاولة الحرب، فإنه لا يعلم حال الجنود وتمركز العدو إلا من هو في الساحة أمامهم، فلا يمكن لمن هو في المدينة معرفة مناط الواقعة!
أما أن يأخذها الجهلة والسفلة من الخلق، بأنها كارد مفتوح لبعض العوام من حاملي السلاح، أن يفتوا لأنفسهم، وألا يستمعوا لأصحاب العلم في توجيه أيديولوجية حركتهم، فيوالون الكفار المحاربين للإسلام، بدعوى أنهم “مجاهدون” قادرون على الإفتاء، فهذا غاية الغاية في العبث بالشريعة وبأفهام الخلق..
لكن الجهل قد صار هو الأصل …