الرئيسية / عاجل / أفغانستان تحت حكم طالبان: من حقول الأفيون إلى مزارع القمح ومن الإدمان إلى الإصلاح”

أفغانستان تحت حكم طالبان: من حقول الأفيون إلى مزارع القمح ومن الإدمان إلى الإصلاح”

أفغانستان تحت حكم طالبان:

من حقول الأفيون إلى مزارع القمح ومن الإدمان إلى الإصلاح”

تحقيق صحفي

رحلة التحول العميق في أفغانستان بعد حظر زراعة المخدرات

في أفغانستان، حيث كانت تُنتج معظم كميات الأفيون العالمية، شهدت البلاد تحولًا جذريًا غير مسبوق في تاريخها الحديث. بعد عودة طالبان إلى السلطة في عام 2021، تغيّرت معالم الحياة بشكل جذري، لتتحول الأراضي المزروعة بالخشخاش إلى حقول قمح، ولتُفتح أمام المدمنين أبواب الإصلاح بدلًا من البقاء رهائن الإدمان.

إرث الإدمان والحرب

قبل سيطرة طالبان، كانت أفغانستان تواجه أزمة إدمان ضخمة؛ فقد بلغ عدد المدمنين ثلاثة ملايين شخص، حسب تقارير محلية ودولية. هذا الوضع تفاقم خلال العقدين الماضيين من الاحتلال الأميركي للبلاد، حيث عزز الفساد والفوضى من انتشار تجارة وتصنيع المخدرات، رغم مليارات الدولارات التي أنفقتها الدول الغربية تحت شعار “مكافحة المخدرات”.

لكن على عكس ما كان مأمولًا، استمر إنتاج الأفيون في الارتفاع، مما جعل أفغانستان المصدر الأكبر عالميًا للمخدرات التي تتسبب في مآسٍ إنسانية داخل وخارج حدودها.

قرار تاريخي بتغيير المسار

مع وصول طالبان إلى الحكم، أعلن زعيم الإمارة الإسلامية حظر زراعة الخشخاش بشكل شامل في البلاد. قرار بدا صعب التطبيق في ظل اعتماد مئات آلاف العائلات الأفغانية على هذا المحصول كمصدر رئيسي للدخل. إلا أن طالبان نفذت القرار بحزم مدعوم بإجراءات ميدانية صارمة.

خلال السنوات الثلاث الأولى من هذا القرار، دُمرت آلاف مصانع إنتاج المخدرات، ووُجهت الموارد لمعالجة المدمنين الذين شكلوا نسبة مقلقة من السكان. الحكومة الأفغانية فتحت مراكز علاجية لإعادة تأهيل المدمنين، ومن ثم نظمت لهم ورشات تدريبية لتعليمهم مهارات مهنية كالنجارة، والخياطة، وإصلاح السيارات، مما أعاد الكثيرين منهم إلى الحياة كأفراد منتجين.

أرقام تعكس نجاحًا تاريخيًا

بحسب تقارير دولية ومحلية، تم علاج ما يقارب 40 ألف مدمن خلال السنوات الثلاث الماضية. وفي الوقت نفسه، تحولت عشرات الآلاف من الهكتارات التي كانت مزروعة بالخشخاش إلى أراضٍ منتجة لمحاصيل القمح والفواكه. هذه الجهود، التي وصفها الخبراء بأنها “أنجح تجربة لمكافحة المخدرات في تاريخ البشرية”، لم تتوقف عند هذا الحد، بل سعت الإمارة الإسلامية إلى إدماج المُتعافين من الإدمان في المجتمع بشكل كامل.

بين الإشادة والتحديات

رغم النجاح اللافت، تواجه أفغانستان تحديات كبيرة. فالحظر الصارم أثر على آلاف المزارعين الذين اعتمدوا سابقًا على الخشخاش كمصدر للدخل، مما يتطلب استراتيجيات طويلة الأمد لتوفير بدائل اقتصادية مستدامة.

مع ذلك، فإن التحول الذي شهدته البلاد يظل نموذجًا مثيرًا للاهتمام في قدرة الحكومات على مكافحة ظاهرة بحجم تجارة المخدرات إذا ما توفرت الإرادة السياسية الحازمة.

بين السطور

يبرز هنا سؤال مهم: هل يمكن للعالم أن يتعلم من التجربة الأفغانية؟ وهل ستستمر الإمارة الإسلامية في الحفاظ على هذا الزخم رغم التحديات الاقتصادية والسياسية؟

يبقى المستقبل وحده كفيلًا بالإجابة، لكن ما حدث في أفغانستان خلال الأعوام الأخيرة يثبت أن الإرادة السياسية، حين تكون مدعومة بالإجراءات الميدانية والالتزام، يمكن أن تغير الواقع مهما كانت التحديات.

عن habib

شاهد أيضاً

نحو وعي فقهي سياسي الشيخ عبد الكريم مطيع الحمداوي

نحو وعي فقهي سياسي البدائل السياسية لدى الحركات الإسلامية المعاصرة وروادها الشيخ عبد الكريم مطيع …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *