المذاهب الأدبية الغربية الحديثة وأثرها في الفكر الغربي
سُهَيْلة زين العابدين حماد
الحلقة الأولى
إن المتتبِّع للحركة الأدبية في عالمنا العربي – منذ حملة نابُليون بونابرت على مصر في أواخر القرن الثامن عشر حتى وقتنا الحاضر – يجد أن أدبنا قد تأثر تأثراً جدُّ كبير بالفكر الغربي ؛ إذ تبنَّى معظم أدبائنا العرب جميع المذاهب والتيارات الفلسفية الغربية الحديثة من كلاسيكية ورومانسية ورمزية وفُرويدية ووجودية وسريالية وبرناسية وبِنْيوية وواقعية بكل أنواعها وأشكالها كالواقعية الغربية والواقعية الماركسية والواقعية السحرية .. الخ .
لقد أصبح أدبنا العربي – في بعضه – ملحداً ماركسياً , وفي بعضه الآخر جنسياً إباحياً , تظلله وثنية الإغريق وأساطيرهم لافتتان معظم الأدباء بالأدب الإغريقي , وانبهارهم بأساطيره , إضافة إلى تسليطهم الأضواء على جانب مُعْتِم في تاريخنا السياسي والأدبي , وذلك بإبراز الزنادقة الملحدين والماجنين والمتصوفين , ممن لهم انتماءات تنتهي إلى الحركات الباطنية والماسونية , وكأنَّ تراثنا لا يمثله إلا هؤلاء ! , ونتيجة لهذا فقد أدبنا العربي هويته الإسلامية , فالذين كتبوه مسلمون , ولكنهم تجردوا من إسلامهم وعقيدتهم حين دوَّنوه , مستجيبين لمقولة الدكتور طه حسين : “إن الإنسان يستطيع أن يكون مؤمناً وكافراً في وقت واحد , مؤمناً بضميره , وكافراً في عقله” ! . وهذه ازدواجية يرفضها العقل والمنطق ؛ لأنها تجمع بين نقيضين أو ضدين , والنقيضان والضدان لا يجتمعان , هذا أولاً , وثانياً لا يمكن فصل العقل عن الضمير , فإذا كان العقل كافراً كيف يكون الضمير مؤمناً ؟! .
إن ما يكتبه الأديب – سواء أكان شعراً ونثراً – إنما يمثل عقيدته ؛ إذ لا يمكن بأي حال من الأحوال فصْل عقيدته عن فكره وعن عطائه الفكري.
