الرئيسية / عاجل / معتقل تمارة السري حكايات ضد النسيان

معتقل تمارة السري حكايات ضد النسيان

بقلم زكرياء بوغرارة

المشرف العام لموقع أدب السجون

معتقل تمارة السري حكايات ضد النسيان

عندما اعقلت آخر مرة .. وبعد ان وصل موكب الصمت لمديرية الامن كان الضابط الذي قاد الحملة بجنده وجلاوزته وسلالمه ( كم كان تغمرني الدهشة عندما رأيتهم يحملون سلالمهم ليقتحموا المكان الذي كنت اقيم فيه جيش لاعتقال رجل أعزل ) كان يمسك بحاسوبي بعد أن فتحه ثم بدء يفتش وينكش في ملفاته بعدها بدقائق إلتفت نحوي وقال ( معتقل تمارة السري ….. لقد فضحتهم …..كرارها ثلاثا)

اغلق الحاسوب ثم بعدها ابتلعتني تلك العتمة مرة اخرى

كلمته تلك لخصت اسباب الاعتقال غير المعلنة يومها

كمعتقل مر من هناك من قبل ليس مرة واحد بل مرات لي ذاكرة ضد النسيان لا تجسر على ان تمحو تلك الصفحات

ذكرني بتلك المرحلة شهادات معتقلين قضيت معهم شطرا من المحنة قبل الترحيلات عادل الثمناوي وخالد النقيري وهشام الزهري

استمعت لشهاداتهم عن مرحلة آسنة عشناها كل على قدره ومقداره عند من يهمهم الامر.. تحكي عن غصص حرار راسخة في الذاكرة الجماعية لذلك الجيل الذي مر من هناك من أمقت الأمكنة في معتقل تمارة السري اقساها التي يرويها المعتقل الاسلامي السابق هشام الزهري…..

الحقيقة شهادته وبتلك القوة والجرأة على البوح والتعرية لمسكوت عنه شيء لايقوى عليه الا من جرح جرحا عميق الغور

لستم وحدكم ايها المنسيون من ذاقوا حسوة القهر الآسنة بل هو جيل بكامله بالآلاف… صرفت على اعتقالهم الملايين حتى اني اذكر كلمة قالها لي صحفي كان معتقلامعي في اقبية المعاريف ان ميزانية الدولة ستصرف هذا العام على البنزين من كثرة رحلات عربات الترحيلات لسجون السر والعلانية قالها يومها ساخرا متحسرا لكنه اصاب كبد الحقيقة بلون ما

ومن منطلق قوله تعالى(ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه)

فاني اشهد ان ما حدث في ذلك المربع المتعم يفوق بكثيرا جدا بمسافات ومفازات ما تحدث عنه اهؤلاء المعتقلون في كلماتهم الدامية

معتقل تمارة السري أصابنا من مره وحنظله الاسن ما الله به عليم…..ولم يمر بذلك المعتقل يومها في ذروة اعتقالات 16 ماي الا المغضوب عليهم ممن يهمهم الامر

فقد اختصر تعريف المكان جلاد المعتقل الاكبر في كلمات لايوجد من مر من هناك الا والتقطها سمعه

(هنا دار الحق من يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال الذرة شرا يره)

وسيأتي يوم ننشر فيه تفاصيل التجربة بعمق و وتعرية لكل الادعاءات التي روجت انه لم يكن هناك تعذيب ومقت وغضب في تلك المرحلة التي استعملت فيها القوة الغاشمة بافراط….

قلت يومها كان للمعتقل جلاد سحنته كوجه كابيلا كنا نسميه بهذا الاسم لشبه بينهما غير أن النسخة المغربية تميزت ببطن ضخم وصلعة تتعرق في حلقات التعذيب وقهقهات وهو يتبول على المعتقلين وهناك من روى قصته بعد وصوله للسجون وممن تبول عليهم من رحل عن عالمنا رحمه الله يشكو الى الله من ظلمه…..

اذكر الاخ هشام الزهري وهو يصل للزانزنة التي كنت أثوي فيها منفردا بعد ان خرج من معتقل تمارة ووصل للسجن المحلي بسلا وكان بعدها معنا في نفس الزنزانة حسن خطاب والاخ سعيد أغمير الذي حوكم فيما بعد ب30 سنة وقد افرج عنه من بضع سنوات…..

اهم ما توقفت عنده مليا تلك الوجوه التي عرفتها عن كثب في السجون كيف نحتها القهر وعجنها سواء من كانوا في المنصة متحدثين او بين الحضور مستعمين

ما رواه الاخ في تلك الشهادة سمعته من فمه بعد وصوله للزنزانة من 22 سنة ولأن ذاكرة القهر ضد النسيان فلا زالت في عنفوانها تذكرأدق التفاصيل……..

انها غربة المسلم الموحد في زمن كثرت فيه الفتن والضلالات غربة ستزداد وتمتد….

والله غالب على امره ولكن أكثر الناس لايعلمون

عن habib

شاهد أيضاً

الرابحون والخاسرون في اتفاق وقف الحرب في غزة:عامر عبد المنعم

الرابحون والخاسرون في اتفاق وقف الحرب في غزة:1- أهم مكسب في زيارة ترامب اليوم للمنطقة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *