عند باب رسول الله
للشاعر الدكتور عبد الحق الهواس
سلامٌ لأرضٍ تصطفيك إماما
|
وبيتٍ به صمتي يفيض سلاما
|
|
نُنافحُ فيها بالكلام بلاغةً
|
فنقصرُ فيها بالكلامِ كلاما
|
|
يفيض بنا اللفظُ الجميلُ فصاحةً |
فنختزلُ اللفظَ الجميلَ علاما
|
|
ونركب بحراً للمعاني ودُرِّها
|
فتأتي المعاني الرائعاتُ زِماما
|
|
ونرشفُ من نبع الأصالة رشفةً
|
لعلَّ بها بعضَ الطموحِ ختاما
|
|
وقفتُ وقلبي في مخالبِ طائرٍ
|
إذا ذُكروا ضجَّ الوتينُ وهاما
|
|
سلامٌ لِروحٍ تسكنُ القلبَ روضةً
|
ومجدٍ عظيم يجتبيكَ إماما
|
|
وعين بكتْ في الشامخات مواجداً
|
تؤجج دمع العاذلات ضِراما
|
|
تعيد لنا الماضي المجيد منارةً
|
فترفعنا رغم القصور وسَاما
|
|
فيأخذنا التاريخُ سيرةَ عاشقٍ
|
فنحملهُ تاجًا يُعِيَدُ عِظاما
|
|
يعيدُ لنا صبر الرجال مناقباً
|
وروحاً إلى الماضي تعود حُساما
|
|
وقفتُ هنا والروحُ لهفى لسيدي
|
فصافحتُ دنيا للعلا تتسامى
|
|
وملتُ إلى باب الحبيب مسلّماً
|
فردَّ أبو الزهراء قالَ سلاما
|
|
فأمسكت شُبَّاك النبوة راجفًا
|
فقال رويداً لا تخف وعلاما
|
|
فقلتُ له والقلبُ فرَّ بخفقه
|
كطيرٍ يرى حريةً ووئاما |
|
مقامُكَ يا خيرَ الأنامِ وهيبةٌ
|
وقلبُ محبٍّ في هواك تنامى
|
|
وبي عصفَ الحبُّ المؤثَّلُ طافحاً
|
ونادى هنا خيرُ الأنامِ أقاما
|
|
فقلت حبيبٌ جاءَ يحملُ جرحَهُ
|
ويذرفُ دمعًا للحبيبِ جِماما
|
|
وأطرقتُ في نفسي أسيرَ هنيهةٍ
|
تُسائِلُ في المجدِ العظيمِ هُماما
|
|
فقلتُ له والدمعُ أحرقَ مَدمعي
|
وألفُ سؤالٍ يستحيلُ كِلاما
|
|
هنا صنعَ التاريخَ يوماً محمدٌ
|
هنا وقفَ التاريخُ ثُمَّ تسامى
|
|
فما أعظمَ التاريخَ حين أتيتَهُ
|
وأعظمْ به للسامقاتِ مَراما
|
|
أتيتَ وقد عمَّ البلاءُ بأمةٍ
|
فكنتَ لها الغصنَ النضيرَ قَواما
|
|
وطفت بها غيمًا عميمًا ورحمةً
|
ومن خلفِ مسراكَ العبيرُ تنامى
|
|
بكم وقفَ التاريخُ يرنو لأمةٍ
|
وأنت بها تزجي العطاءَ دواما
|
|
أشرتَ فقال الكونُ هذا محمدٌ
|
فصلَّتْ عليكَ الكائناتُ قياما
|
|
فيا أجملَ الجود الذي جاد ربُّه
|
به إننا بعدَ الحبيبِ يتامى
|
|
أتيتُ وبي شكوى جريحٍ معذَّبٍ
|
إذا لم يَبُحْ ضجَّ الضميرُ ولاما
|
|
بلادي خرابٌ بالمجوسِ وحقدِهمْ
|
وصهيونُ غذّاها الدماء ضِراما
|
|
وكلبٌ من الروسِ البغال وطغمةٌ
|
وجيشُ أنو شروان عادَ وسَاما
|
|
هناكَ هوتْ عينُ الضمير ونورُها
|
وحلَّ بنا الظلمُ الغشومُ قَتاما
|
|
فهذا يرى الموتَ الزؤام يحيطه
|
فصاحَ بلا عقلٍ وساحَ وهَاما
|
|
وهذا من الأهوال ألقى بنفسه
|
ببحرٍ وفي الحيتان طاف وعاما
|
|
أولئكَ في عصفِ اللهيب صراخُهمْ
|
وأشلاءُ أطفالٍ تضجُّ بماما
|
|
وعينٍ غدت مفقوءةً وكأنها
|
ترى ما ترى حيثُ الجميعُ تعامى
|
|
لقد طفحَ الرعبُّ المخيّمُ فوقنا
|
وهامَ به شبهُ الرجالِ هُياما
|
|
فعالمُ هذا العصرِ ألقى حِمامَهُ
|
علينا بلاءً قاتلاً وأثاما |
|
وأيُّ حِمام طائرٌ بسمائنا
|
وكم نال منا كم فحاما وحاما
|
|
تعملقَ فيه العلقميُّ بعارِهِ
|
فهل أفلت العارُ القديم خطِاما
|
|
وهل ظن أن البعدّ يوماً أماته
|
وهل ماتَ عارٌ في الخيانةِ عاما
|
|
وهل ينتجُ النذلُ الخؤونُ بطبعهِ
|
إذا كان طبعُ الخائنين لئاما
|
|
ولو ماتَ عارٌ للجبان بيومهِ
|
لغطوا على عارِ الرغالِ رُكاما
|
|
أقمتم نظاماً للخائنين بسحقنا
|
وهل كان إلاّ للقرود نظاما
|
|
فهل كان حسن الظنِ غيرَ سفاهةٍ
|
وأسوأ ظنٍ أنْ يكونَ مَلاما
|
|
وأسوأ ما في العمر غفلةُ نابهٍ
|
وأقبحْ بها في الباهظاتِ سُخاما
|
|
فهل حصد الظانون غيرَ ندامةٍ
|
وهل عتبي في الغارقين نياما
|
|
فما أجبنَ الأذنابَ حين تفلتوا
|
وحين نزعنا ربقةً ولجاما
|
|
أيحكمنا فَدْمٌ خسيسٌ وطغمةٌ
|
يسوموننا سوءَ العذابِ سَواما
|
|
فيا سيدي في كلِّ بيتٍ وحارةٍ
|
نُواحٌ لثكلى أو نحيبُ أيامى
|
|
ونحن ثباتٌ كالجبال جباهُنا
|
ونحنُ أباةُ الضيم إنْ هو ضاما
|
|
ترانا بها والموتُ كشّر نَابَهُ
|
وقوفًا إذا ما الموتُ صارَ زؤاما
|
|
وقوفاً على ظهر الخيول نسوقهم
|
وفي حومة الموت الرهيب قياما
|
|
ففاضت نفوسٌ والقلوب حناجرٌ
|
وفارتْ وألقتْ في اللاهبات ضراما
|
|
فضاقت رحابٌ والسيوفُ تشابكتْ
|
لبسنا لها عزم الصحابة لاما
|
|
فما رفّ رمشٌ والعيونُ شواخصٌ
|
وبحرُ المنايا خلفنا وأماما
|
|
وقوفًا لعمري يخجلُ الموتَ موتُنا
|
وما خجلَ القردُ القبيحُ فخاما
|
|
فكنا جنودَ الله في كلّ صولةٍ
|
وكنا بها أمضى السيوف حُساما
|
|
وكنا رجالَ الصدق إنْ عاهدوا وفوا
|
ونحن إذا عدّوا الصفاتِ سَناما
|
|
ونحن و إن صرنا للطغاة فريسةً
|
نُسامُ عذابًا قاتلاً وغَراما
|
|
وقفنا أباةً لا نقرّ لظالمٍ
|
وطاغوتَ موتٍ يستحلُ حراما
|
|
ونحن عباد الله يمشون هونًا
|
نردّ خطاب الجاهلين سلاما
|
|
فجئنا ننادي يا محمدُ إننا
|
صبرنا على مرّ الطغاة لزاما
|
|
نجدّد إيمانًا بنا وعزيمةً
|
ونستلهمُ المجدَ العظيمَ دواما
|
|
فهذا عليٌّ للحواسمِ سيفُها
|
وهذا أبو بكرٍ إذا قامَ قاما
|
|
وهذا أبو حفصٍ للعدالةِ فيصلٌ
|
وعثمانُ في بحرِ العطاءِ تسامى
|
|
إلينا أبا بكر إلينا بوقفةٍ
|
ويا عمرُ الفاروقُ قم وإلاما
|
|
وياذا الحياء الفدِّ جوداً ورفعةً
|
ونورُكَ أضحى للتمام تماما
|
|
ويا حيدرُ الكرارُ إني متيمٌ
|
وحبّي لآلِ البيتِ شفَّ وداما
|
|
فضجَّ بي التاريخُ حتى تزاحمتْ . |
وشدَّتْ على ظهر العصورِ زماما
|
|
فقلتُ لهم والشامُ بين دمي دمٌ
|
يسيلُ وعينٌ تستحيلُ غماما
|
|
ألا من عليٍّ يومَ نادى بخيبرٍ
|
|
ألا خالدُ اليرموكِ إنْ هو راما
|
ألا عمرُ الفاروقُ يأتي بصوتِهِ
|
وساريةٌ للصوتِ فاقَ وقاما
|
|
ألا يا رجالَ الله أينَ سراقةٌ
|
وأسوارُ كسرى في يدٍ تترامى
|
|
وسعدٌ ينادي إنّهٌ وعدُ أحمد
|
يعيدُ إلى الحقِّ المصانِ ذماما
|
|
ألا من مثنى يضربُ الفرسَ ضربةً
|
تغنَّتْ بها شيبان والناس ياما
|
|
ومن خفقِها نخلُ العراق تمايلت
|
به سعفاتٌ تستطيبُ صِراما
|
|
ولمّا تنادى القومُ يوم كريهةٍ
|
وألقت على صبر الرجال سهاما
|
|
وشدت لها فوق النوائب رايةً
|
وقفنا لها بالخافقات عصاما
|
|
فظنوا بنا والوهم جمَّل ظنّهم
|
فقُمنا لهمْ بالباقياتِ قياما
|
|
فجئنا بهم والذلُ سرَّبلَ حالَهمْ
|
يهيبُ بهم هذا المآلُ إذاما
|
|
فما أجملَ الظنَ الجميلَ بأهلِهِ
|
وأقبحْ به في الخائبين سَقاما
|
|
وما أقبحَ العمرَ الذليلَ دَمامةً
|
وأقبحْ بهِ في النازلاتِ دِماما
|
|
لنا ما تغنى الناس يوماً بمجدهم
|
فإن سألوا قال الجميع لناما
|
|
فكنتم لنا النبعَ النميرَ مروءةً
|
وكنتم على مرّ العصور كراما
|
|
وكنتم لنا في العَادِياتِ مرابعًا
|
وكنتم لنا في الساغباتِ خياما
|
|
وأنتم لنا في النائبات سوابغٌ
|
فأكرمْ بكمْ في النائباتِ حزاما
|
|
فجئني بمثل الراشدين قيادةً
|
وهاتِ مثالاً للرسول إماما
|