إنصاف الحجاج القائد الفاتح
وتفنيد الافتراءات عليه
الحلقة11-12
الأستاذ محمد أسعد بيوض التميمي
شبكة وا إسلاماه الإخبارية
توصلنا من الأستاذ الفاضل محمد أسعد بيوض التميمي كتابه الجديد عن الحجاج بن يوسف الثقفي دراسة تاريخية استهدف من خلالها إنصاف هذا القائد المسلم المفترى عليه وقد استغرقت منه سنوات من البحث والتدقيق في مراجع التاريخ ليقدم للمكتبة التاريخية والإسلامية دراسته المدعمة بالأدلة التي نفذ من خلالها كافة المفتريات التي ألصقت بالحجاج عن الحجاج عليه فأننا ننشرها على حلقات…. إماطة اللثام عن الوجه الآخر للحجاج القائد المسلم
ونفتح باب النقاش العلمي الرصين لمن أراد أن يدلي بدلوه في هذا الإتجاه بغية أثراء النقاش..جاد في الإتجاه الذي يخدم العلم والحقيقة وبيانها …
ثانيا الحجاج وإخماد فتنة البصرة
بعد أن اخمد الحجاج فتنة الكوفة كانت امامه مهمة أخرى ولا تقل خطورة عن فتنة الكوفة وهي اخماد فتنة البصر ة ولكن قبل أن ينتقل الحجاج من الكوفة الى البصرة كان لا بد من تعين واليا على الكوفة يمنع اشتعال الفتنة والنفخ في نارها من جديد ولا بد ان يكون هذا الوالي له مواصفات خاصة وله منزلة في نفوس اهل الكوفة فيسمعوا له ويطيعوا ولم يختار بطاشا جبارا عنيدا فاختار احد أبناء الصحابة له منزلة عنده وعند المسلمين وعند اهل الكوفة خاصة وهو عروة بن المغيرة بن شعبة كان علي بن ابي طالب رضي الله عنه قد عينه واليا على الكوفة ووالده من كبار الصحابة هو الصحابي الجليل المغيرة بن شعبة والذي له مواقف ومشاهد
97
في الإسلام فهو قد حضر بيعة الرضوان من الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه ومن قادة الفتح الذين حضروا فتوحات العراق وبلاد الشام فهو قد حضر القادسية واليرموك وفقد عينيه في اليرموك وولاه عمر بن الخطاب رضي الله عنه على البصرة بعد فتح العراق وهذا يدل على تقديره وحبه لعلي بن ابي طالب ولجميع الصحابة ومنزلتهم في قلبه ولم يكن يكن ناصبيا كما يدعي الشيعة المجوس
وبعد ذلك غادر الحجاج الكوفة الى البصرة وهو مطمئن لاستقرار الوضع فيها وهو أيضا يتمتع بمعنويات تعانق السحاب نتيجة نجاحه بإخماد فتنة الكوفة بسهولة وبلسانه ودون إراقة دماء ومما جعله يزداد ثقة بنفسه وتصميما على استكمال مهمته بإخماد الفتنة في البصرة بأسرع وقت ممكن مما جعله متشوقا الى الذهاب اليها ولقاء أهلها لإخماد نار فتنتها وبنفس الأسلوب الذي استخدمه في الكوفة فكان ما فعله في الكوفة رسالة قوية وشديدة اللهجة قد سبقته الى البصرة فجعلت أهلها يترقبون قدومه الى البصرة بخيفة ويتفكرون ويتسألون ماذا سيفعل بنا الحجاج هل سيبطش بنا ويعمل السيف في رقابنا ويسفك دمائنا لبث الرعب في قلوبنا ويفعل بنا ما لم يفعله باهل الكوفة ام فقط سيكتفي باستخدام لسانه معنا كما فعل مع اهل الكوفة
98
فعندما وصل البصرة فعل كما فعل عندما وصل الكوفة فلم يعلن الأحكام العرفية ولا حالة الطواريء ولم يذهب الى الشوارع والأسواق ويقوم بقطع الرؤوس والأعناق وينكل بالناس وليبث الرعب في قلوبهم ونفوسهم وإنما ذهب فورا الى مسجدها الجامع واعتلى منبره واخذ يخاطب اهل البصرة بقوة وعنفوان بكلمات فصيحة بينة ثائرة غاضبة قاطعة لا تحتمل التأويل واشد حدة من الكلمات التي خاطب بها اهل الكوفة لترهيبهم وحتى يكفوه دماءهم وحتى يعلموا بأن كلامه جد لا هزل فيه
قائلاً لهم
أيها الناس من أعياه داؤه فعندي دوائه
ومن استطال أجله فعلي أن أعجله
ومن ثقل عليه رأسه وضعت عنه ثقله
ومن استطال ماضي عمره قصرت عليه ما فيه
وان للشيطان طيفاً وللسلطان سيفاً فمن سقمت سريرته صحت عقوبته
ومن وضعه ذنبه رفعه صلبه
ومن لم تسعه العافية لم تضق عنه الكهلة
ومن سبقته بادرة فمه سبق بدنه بسفك دمه
وإني أنذر ثم لا انظر
وأحذر ثم لا أعذر
وأتوعد ثم لا أعفو
إنما أفسدكم ترنيق ولاتكم
ومن استرضى لبه ساء أدبه
99
إن الحزم والعزم سلبا مني سوطي وأبدلاني به سيفي فقائمه في يدي ونجاده في عنقي وذبابة قلادة لمن عصاني
والله لأمر أحدكم أن يخرج من باب من أبواب المسجد فخرج من الباب الذي يليه إلا ضربت عنقه
ثم دعا الناس المتخلفين عن الجهاد وعن جيش الفتح بقيادة المهلب بن ابي الصفرة الى الالتحاق به فورا ودون تأخير قائلا لهم
ومن كان بالبصرة من جيش المهلب فليلحق به فمن وجدته بعد ثالث ضربت عنقه .
فما أن انتهى من خطابه حتى تسابق أهل البصرة الى تجديد البيعة لبني أمية وللخليفة عبد الملك بن مروان وسمعوا واطاعوا وصاروا يتحسسون رؤوسهم ويتفقدون أعناقهم وهكذا استطاع الحجاج بلسانه وبهيبة من الله وتأييد منه بأن يعيد البصرة الى سلطان خلافة بني امية فلم يستعمل سيفه الا مرة واحدة اثناء اخماده لفتنة الكوفة عندما امر بقتل عمير بن ضابيء التميمي والذي شرحنا قصته في اخماده لفتنة الكوفة فهذا الدم الوحيد الذي اريق في اخماد الفتنتين الكوفة والبصرة
فتخيلوا ماذا يحصل اليوم عندما تتمرد مدينة على حاكم من حكام اليوم يقوم بمسحها من الوجود وها نحن نرى بأم اعيننا ماذا يفعل الباطنيون الشيعة المجوس والنصيريون العلويون الذين يحقدون على الحجاج وبني امية وعلى الإسلام

100
والمسلمين بالمسلمين في سوريا والعراق حيث قتلوا وشردوا ويتموا ورملوا وثكلوا الملايين من المسلمين وهدموا مساجدهم ومدنهم ودون شفقة ولا رحمة وجعلوا العراق والشام خرابا يبابا
اما الحجاج اللهم ارض عنه فقد اخمد نار الفتنة وأعاد الأمن والأمان والاستقرار للمدن المتمردة بلسانه وكان يهدد بسيفه ولا يضرب به واستخدامه للسانه بدلا من سيفه لهو اعظم دليل على أنه لم يكن سفاكا للدماء متعطشا لها ولا كما يدعي المفترون عليه بأنه كان لا يعرف الا لغة السيف وبأنه اغلق المسجد على من فيه وقام بارتكاب مذبحة فيه (كبرت كلمة تخرج من افواههم ان يقولون الا كذبا )
فالله سبحانه حباه فصاحة اللسان وقوة البيان وموهبة الخطابة فكان تأثير لسانه في من يستمع له اقوى تأثيرا من حد السيف وعندما وجد أنه يستطيع أن ينجز مهمته بلسانه فقط لم يلجأ لسيفه وهذا أيضا من اعظم الأدلة على حرصه على دماء المسلمين فكيف بدماء الصحابة .
وبعد أن أتم مهمته بالبصرة بنجاح لم تنته الفتن ولم تنتهي مهمته فلا زال امامه مهمات ومهمات وإخماد الكثير من الفتن سنتحدث عنها بالتتابع
الحلقة 12
101
ثالثا الحجاج وإخماد تمرد ابن الجارود
بعد إخماد الحجاج لفتنة الكوفة والبصرة دون اراقة دماء فاذا بتمرد يندلع في البصرة بعد عام تقريبا واثناء انشغال جيشه بمحاربة الخوارج في مدينة في بلاد فارس اسمها رستقاباد قريبة من أصفهان وكان يقود هذا التمرد شخص يدعى( أبو محمد عبد الله بن علي بن الجارود النيسابوري ) وهو أحد أشراف البصرة وكان مسموع الكلمة وله تأثير على أهلها فالقول عندهم ما يقوله ابن الجارود وكان سبب هذا التمرد ليس ظلم الحجاج وبني امية وعدم شرعية خلافة بني امية كما هي الحجة التي تغطت بها جميع الفتن التي اجتاحت الدولة الأموية ولكن كان السبب مادي بحت والدفاع عن المكتسبات المادية التي حصلوا عليها من عبد الله بن الزبير ليألف بها قلوبهم لينحازوا له ضد بني امية فبعد أن اخمد الحجاج فتنة عبد الله بن الزبير والكوفة والبصرة واعادهم الى حضن خلافة عبد الملك بن مروان قرر الحجاج وقف هذه الأعطيات والمكتسبات المادية وكان قرار الحجاج مبني على أن هذه الأعطيات هي شراء الذمم والولاء بالمال وبما أن عبد الله بن الزبير لم يعد موجودا وانه قتل اثناء انهاء تمرده وبعد ان اخمد الحجاج فتنة البصرة واستقر الأمر فيها لبني امية فلم يعد هناك مبرر لهذه الأعطيات وخصوصا انها

102
كانت من عبد الله بن الزبير للخروج على بني امية , مما دفع ابن الجارود ان يرفض قرار الحجاج فقام بتحريض اهل البصرة على الخروج عن طاعة الحجاج فاليكم ما حدث وكيف اندلعت هذه الفتنة
وقف الحجاج عندما كان جيشه بقيادة المهلب بن أبي صفرة يخوض حربه ضد الخوارج الأزارقة يخطب في الناس ليشد أزر المهلب في محاربته للخوارج فكانت خطبة فيها وعظ وتذكير بخشية الله وفيها وعيد ونذير واعلن فيها الغاء الأعطيات التي كان يعطيها لهم عبد الله بن الزبير وكانت سببا في اندلاع الثورة ضد الحجاج , فقال بعد أن حمد الله واثنى عليه :
((ان الله كفانا مؤنة الدنيا وأمرنا بطلب الاخرة فليته كفانا مؤنة الاخرة وأمرنا بطلب الدنيا مالي أرى علمائكم يذهبون وجهلاكم لا يتعلمون وشراركم لا يتربون الا وإني أعلم بشركم من البيطار بالفرس الذين لا يقرأون القرأن إلا جهراً ولا يأتون الصلاة إلا دبرا وانما الدنيا عرض زائل يأكل منها البار والفاجر الأخرة أجل
103
مستأخر يحكم فيها ملك قاهر ألا فاعلموا وأنتم من الله على حذر واعلموا إنكم ملاقوه ليجزي الذين أساؤوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى
ألا وإن الخير كله بحذافيره في الجنة والشر كله بحذافيره في النار ألا وإن من يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره )
ثم اعلن الحجاج في هذه الخطبة وقف اعطيات ابن الزبير قائلا
(ألا وإن الزيادة التي زادها ابن الزبير في عطاياكم رواتب الجند زيادة فاسق منافق لسنا نجزيها))
فقال بن الجارود مُعترضاً على الغاء الحجاج لأعطيات ابن الزبير , إنها ليست بزيادة ابن الزبير وانما هي زيادة امير المؤمنين عبد الملك قد انفذها, ورفض ابن الجارود الانصياع لأوامر الحجاج والقبول بوقف الزيادة في الأعطيات لأهل البصرة ثم قام بتحريض الناس على الثورة على الحجاج فاستجاب له كثير من الناس والتف حوله مجموعة
104
من وجهاء القوم وعلى رأسهم ((عبدالله بن حكيم والهزيل بن عمران البرهمي وغيرهم من أشراف أهل البصرة )) واعلنوا مساندتهم ودعمهم لابن الجارود والوقوف الى جانبه وتأييد مطالبه واعلنوا الثورة والتمرد على الحجاج دفاعا عن مكتسباتهم التي حصلوا عليها من عبد الله بن الزبير وقاموا بمبايعة ابن جارود على اخراج الحجاج من العراق ثم قاموا بكتابة رسالة الى الخليفة عبد الملك بن مروان بصيغة التحدي والأمر طالبين منه خلع الحجاج وتولية غيره فإن لم يفعل خلعوا عبد الملك نفسه ولكن الخليفة عبد الملك رفض مطلبهم وتحديهم له
مما دفع ابن الجارود الى اعلان الثورة على بني امية فأيقظ ابن الجارود الفتنة من جديد في البصرة فشبت الثورة في أهل البصرة كالنار في الهشيم فوجدت جميع القوى الكارهة للحجاج وبني أمية في هذه الثورة فرصة سانحة للخروج على الحجاج وبني امية ومعتقدين بأن النصر هو حليف ابن الجارود خاصة وأن جيش الحجاج ما زال منشغلا في مواجهة الخوارج فمالوا مع الكفة والجهة التي ظنوا بأنها راجحة وغالبة
وحاول الحجاج بداية ان ينهي هذه الثورة سلميا فبعث الى ابن جارود رسولا يطلب منه الحضور اليه ولكن كان رد بن جارود مستخفا بالحجاج وفيه إهانة له فقال للرسول رافضا الحضور ((لا ولا كرامة





معقولة يتحول فاسق الى فاتح؟؟؟؟ّ!!!!