الرئيسية / عاجل / ايران من السنة إلى الشيعة-العقلية الإيرانية في ظل الإسلام

ايران من السنة إلى الشيعة-العقلية الإيرانية في ظل الإسلام

 ايران من السنة إلى الشيعة-العقلية الإيرانية في ظل الإسلام

 

د أبومنتصر البلوشي

لم يهتم أحد من الفلاسفة المنسوبين إلى الإسلام بالنفس كابن سينا، ومع أن أكثر آرائه فيها أرسطوطاليسية، فإن له آراء وتعليلات يخالف بها أرسطو، تأثرا بالمذهب

النفس (الروح) وقواها عند ابن سينا :

لم يهتم أحد من الفلاسفة المنسوبين إلى الإسلام بالنفس كابن سينا، ومع أن أكثر آرائه فيها أرسطوطاليسية، فإن له آراء وتعليلات يخالف بها أرسطو، تأثرا بالمذهب الاسكندراني أو هرباً من مخالفة الإسلام(6) صراحة.

العالم (قدمه وحدوثه) عند ابن سينا :

إن الله سبحانه سبب وجود العالم ، فالعالم محدث (لأن له علة سابقة عليه) ولكنه في الوقت نفسه قديم لأنه فاض عن الله منذ الأزل وهذا صريح المخالفة مع الدين، لأن القدم من صفات الله تعالى وحده، دون خلقه، فلذا يرد عليه الإمام الغزالي ويكفره(1) . وأما ابن تيمية فيقول إن: “هذا المعنى أحدثه الملاحدة كابن سينا وامثاله من قول ارسطو: وقالوا: نقول: العالم محدث اي معلول لعلة قديمة أزلية أوجبته، فلم يزل معها وسموا هذا الحدوث الذاتي، وغيره الحدوث الزماني، والتعبير بلفظ “الحدوث” عن هذا المعنى لا يعرف عن أحد من أهل اللغات، لا العرب ولا غيرهم، الا من جهة هؤلاء الذين ابتدعوا لهذا اللفظ هذا المعنى، والقول بأن العالم محدث بهذا المعنى فقط ليس قول – أحد من الأنبياء ولا اتباعهم، ولا أمة من الأمم العظيمة، ولا طائفة، من الطوائف المشهورة التي اشتهرت مقالاتها في عموم الناس بحيث كان أهل مدينة على هذا القول، وإنما يقول هذا طوائف قليلة مغمورة في الناس وهذا القول إنما هو معروف عن طائفة من المتفلسفة المليين، كابن سينا وأمثاله، ويحكون هذا القول عن ارسطو وقوله الذي في كتبه: إن العالم قديم(2) وجمهور الفلاسفة قبله يخالفونه، وقيل: إنه محدث، ولم يثبت في كتبه للعالم فاعلا موجبا بذاته، وإنما أثبت له علة يتحرك للتشبه بها، ثم جاء الذين أرادوا اصلاح قوله فجعلوا العلة الأولى(3) لغيرها، كما جعلها الفارابي وغيره، ثم جعلها بعض الناس آمرة للفلك بالحركة، لكن يتحرك للتشبه بها كما يتحرك العاشق للمعشوق، وإن كان لا شعور له ولا قصده وجعلوه مدبرا بهذا الاعتبار، كما فعل ابن رشد وابن سينا وجعلوا ما سواه ممكنا”(1).

ويقول في مكان آخر: وأما القائلون بقدم العالم فقولهم يستلزم امتناع حدوث حادث فإن القديم اما واجب بنفسه أو لازم للواجب بنفسه، ولوازم الواجب لا تكون محدثة ولا مستلزمة لمحدث، فالحوادث -ليست من لوازمه، وما لا يكون من لوازمه يتوقف وجوده على حدوث سبب ذلك، فان كان القديم الواجب بنفسه، أو اللازم للواجب، لا يصدر عنه حادث، امتنع حدوث الحوادث، وهذا حقيقة قولهم، فانهم يزعمون ان العالم له علة قديمة موجبة له، وهو لازم لعلته، وعلته عندهم مستلزمة لمعلولها ومعلوم معلولها فيمتنع ان يحدث شيء في الوجود اد الحادث المعين يكون لازما للقديم بالضرورة واتفاق العقلاء(2) .

العلم الإلهي (الإلهيـــات) :

إن ابن سينا أقرب في الإلهيات إلى أرسطو منه إلى أفلاطون، إلا أن نظره إلى الله اقل مادية من نظرالفارابي الى الله .

الله الواحد وصلته بالوجود :

إن الله تعالى ليس مبدأ لوجود معلول (أي ليس سببا لوجود بعض الموجودات فقط) بل هو سبب للوجود المعلوم كله، انه سبب الوجود بمجموعه .

وهو تام بذاته (كل ما يليق به وكل ما يمكن ان يكون له موجود فيه منذ الأزل)، بسيط (لا يتكثر ولا يتجزأ اذ أنه ليس بجسم ولا مادة ولا صورة) واجب الوجود بنفسه (لا علة له) وهو سبب الحركة في العالم، وهو يعلم أوائل الموجودات منذ الأزل لأنها نتيجة حتمية للقوانين التي خلقها ووضعها(1) .

وكل هذه المصطلحات والطامات ما انزل بها من سلطان، فضلا عن انها الحاد في صفات الله العليا وأسمائه الحسنى، ولم ترد في كلام النبـي صلى الله عليه وسلم والصحابة وصدر الأمة والأئمة والواجب في ذلك اتباع ما أنزل الله تعالى على رسوله، لأنه أخبر وأعلم بصفاته العليا وأسمائه الحسنى، ويقول ابن تيمية وأما العلم الإلهي(2) الذي هو عند الفلاسفة مجرد عن المادة في الذهن والخارج ليس له معلوم في الخارج، وانما هو امور كلية مطلقة لا توجد الا في الذهن، وليس هذا من كمال النفس في شيء، وإن عرفوا واجب الوجود بخصوصه، فهو علم بمعين يمنع تصوره من وقوع الشركة -فيه- وهذا مما لا يدل عليه القياس الذي يسمونه البرهان(3) ، فبرهانهم لا يدل على شيء معين بخصوصه، لا واجب الوجود ولا غيره، وانما يدل على امر كلي، والكلي لا يمنـع تصوره من وقوع الشركة فيه، وواجب الوجود يمنع العلم به من وقوع الشركة فيه، ومن لم يتصور ما يمنع الشركة فيه لم يكن قد عرف الله، ومن لم يثبت للرب الا معرفى الكليات -كما يزعمه ابن سينا وامثاله- وظن ان ذلك كمال الرب. فكذلك يظنه كما لا للنفس بطريق الأولى، لا سيما اذا قال: ان النفس لا تدرك الا الكليات، وانما يدرك الجزئيات البدن -فهذا في غاية الجهل وهذه الكليات لا تعرف بها الجزئيات الموجودة. لا كمال فيها البتة، والنفس انما تحب معرفة الكليات، لتحيط بها بمعرفة الجزئيات، فاذا لم يحصل ذلك لم تفرح النفس بذلك(4) .

ويقول ابن تيمية وأما كلام أرسطو وكلام أتباعه كالإسكندر والأفروديسي(1) وبرقليس(2) وثامسيطوس(3) والفارابي وابن سينا والسهروردي(4) المقتول وابن رشد الحفيد وأمثالهم في الإلهيات فما فيه من الخطأ الكثير والتقصير العظيم ظاهر لجمهور عقلاء بني آدم، بل في كلامهم من التناقض ما لا يكاد يستقصي وكذلك اتباع رؤوس المقالات التي ذهب اليها من ذهب من أهل القبلى، وإن كان فيها ما فيها من البدع المخالفة للكتاب والسنة واجتماع سلف الأمة، ففيها ايذا من مخالفة من العقل الصريح ما لا يعلمه إلا الله، كأتباع أبي الهذيل العلاف(5) وأبي اسحاق النظام(6) وأبي القاسم الكعبـي(7) وأبي علي وأبي هاشم(8) وأبي الحسين البصري(9) وأمثالهم، وكذلك أتباع من هو أقرب إلى السنة من هؤلاء كأتباع حسين النجار(10) وغيره وكذلك أتباع متكلمي أهل الإثبات،

كأتباع ابن كُلاّب(1) وأبي الحسن الأشعري(2) وغيره، بل هذا موجود في أتباع أئمة الفقهاء و أئمة شيوخ العبادة كأصحاب أبـي حنيفة والشافعي ومالك وأحمد وغيرهم، تجد أحدهم دائماً يجد في كلامهم ما لا يراه هو باطلاً، وهو يتوقف في ردّ ذلك، لاعتقاده أن إمامه أكمل منه عقلاً وعلماً، ولا تجد أحداً من هؤلاء يقول: إذا تعارض قولي وقول متبوعي قدمت قولي مطلقا، فكيف يجوز أن يقال: إن في كتاب الله وسنة رسوله الصحيحة الثابتة عنه ما يعلم زيد وعمرو بعقله أنه باطل؟ وأن يكون كل من اشتبه عليه شيء مما أخبر به النبـي صلى الله عليه وسلم وقدم رأيه على نص الرسول صلى الله عليه وسلم في أنباء الغيب التي ضل فيها عامة من دخل فيها بمجرد رأيه، بدون الاستهداء بهدي الله والاستضاءة بنور الله الذي ارسل به رسله وانزل به كتبه، مع علم كل احد بقصوره وتقصيره في هذا الباب، وبما وقع فيه من أصحابه وغير أصحابه من الاضطراب(3) .يتبع
(6) – عمر فرّوخ، الفكر العربي. وله أيضاً عبقرية العرب في العلم والفلسفة، ص 5-134 .

أبو حامد الغزالي، تهافت الفلاسفة، ص 100 ثم هو يردّ على أرسطو وابن سينا بضرب أمثلة كثيرة.والملاحظ أننا لا نفصل في الآراء الفلسفية = = المنوه عنها، لأنها من الكثرة في جميع المصادر تغنينا عن التطويل ولذا نشير إلى بعض رؤوس المسائل لنصل إلى هدفنا المنشود وهو أن الفكر الإغريقي ماذا عمل في الإسلام وإيران .

(1) – أبو حامد، تهافت الفلاسفة، ص 96-97 . ابن تيمية، موافقة صحيح المنقول لصريح المعقول، ج1/ ص 108 .
(2) – أرسطو، ما بعد الطبيعة، ص 26، القسم الثاني .
(3) – أرسطو، ما بعد الطبيعة، ص 30، القسم الثاني .
(1) – ابن تيمية، موافقة صحيح المنقول لصريح المعقول، ج1/ ص 108 .
(2) – ابن تيمية، المصدر ذاته، ص 389 .
(1) – عمر فرّوخ، الفكر العربي، ص 232 . ابن تيمية، موافقة صحيح المنقول لصريح المعقول، ج1/ ص 108 .
(2) – ابن تيمية، المصدر ذاته، ج1/ ص 55، ط دار الكتب العلمية، بيروت، 1405هـ/1985م .
(3) – أرسطو، نصّ تلخيص منطق أرسطو، ج5/ ص 369-389، ط دار الفكر اللبناني، بيروت

 

عن habib

شاهد أيضاً

السيف والقلم ( رحلتي مع الجماعة الإسلامية ) (6)

السيف والقلم 》  ( رحلتي مع الجماعة الإسلامية ) (6) الشيخ عاصم عبد الماجد أما …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *