الرئيسية / مقالات / إسرائيل -الفساد الأول و وعد الله- الحلقة الأولى
اسرائيل

إسرائيل -الفساد الأول و وعد الله- الحلقة الأولى

قبل البدء في تناول تفصيل ما جاء في الكتاب و السنة عن نهاية دولة إسرائيل أحب أن ألقي الضوء على أن لله سبحانه و تعالى سنن كونية و لن تجد لسنة الله تبديلا و لن تجد لسنة الله تحويلا ، حيث من سنن الله تعالى أن جعل الله النصر و التمكين في الأرض لعباده المؤمنين الذين ناصروا دين الله في السر و العلانية و انصاعوا لأوامره و سلكوا سبيل الحبيب المصطفى صلى الله عليه و سلم و من سنن الله في خلقه أن جعل الأيام دول { وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ .. } آل عمران 140 .

صراع بين رسالتين قال تعالى : ” سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصا الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هم السميع البصير – وآتينا موسى الكتاب وجعلناه هدىً لبني إسرائيل ألا تتخذوا من دوني وكيلا – ذرية من حملنا مع نوح إنه كان عبداً شكوراً ” لسورة الإسراء اسم توقيفي آخر هو سورة بني إسرائيل، وقد بدأت بالحديث عن إسراء الرسول صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام في مكة المكرمة إلى المسجد الأقصى في بيت المقدس، ثم أشارت إلى البركة التي جعلها الله في المسجد الأقصى وما حوله، ثم انتقلت مباشرة انتقالاً تاريخياً من الرسالة الإسلامية إلى رسالة موسى نبي إسرائيل عليه السلام، وإلى التوراة وما كلف الله بني إسرائيل فيها, للوهلة الأولى نجد أن الآية القرآنية ربطت بين مكة المكرمة و بيت المقدس و ذلك لعلم الله سبحانه و تعالى أن المسجد الأقصى سيسلب يوماً من أيدي المسلمين ، و حتى لا ينسى المسلمون مسجدهم جعل الله هذه العلاقة المقدسة في مسرى النبي صلى الله عليه و سلم ، فطالما المسلمون يقرئون القرآن فهم يذكرون هذه العلاقة .

وأخبرتنا عن إفسادين كبيرين مقترنين بالعلو الكبير يقعان على أيدي اليهود , فالمعروف أن المقصود هو علو و فساد في الوقت نفسه في كل الأرض و هذا لا يتحقق إلا في زمننا الحالي فإن وجهة أهميتها الواقعية -بعد الشرعية- هي أن اليهود المتمركزين فيها أصبحوا سادة النظام العالمي الجديد، والمحركين العقائديين والسياسيين، بل والماليين لأقطابه الرئيسية أمريكا وبريطانيا ومعظم دول الصليب المجتمعة في حلف الناتو .. حيث يسيطر هذا الحلف الصهيوني الصليبي اليوم على مقدرات الأرض، ويستنزف خيرات وقوت شعوب العالم المستضعف بأسره –إسلامية وغير إسلامية- ويركز هذا الحلف المسمى (النظام العالمي الجديد) حربه اليوم على العالم الإسلامي ومن فيه بعد أن وقع عليه الخيار كعدو استراتيجي للغرب بعد زوال الاتحاد السوفيتي وأذياله في حلف وارسو و سورة الإسراء أطلعتنا على وضع اليهود في كل منهما، وحددت ملامح الرجال العباد الربانيين، الذين يزيلون الإفسادين اليهوديين . إن الله يريد تعريفنا على طبيعة صراعنا مع اليهود وهو صراع بين رسالتين : رسالة الحق التي يمثلها المسلمون ورسالة الباطل التي يمثلها اليهود وسيبدأ على الأرض المباركة وينتهي فيها .

إفسادان لبني إسرائيل قال سبحانه : ” وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علواً كبيراً – فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عباداً لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعداً مفعولاً – ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيراً – إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها فإذا جاء وعد الآخرة ليسوءوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيراً – عسى ربكم أن يرحمكم وإن عدتم عدنا وجعلنا جهنم للكافرين حصيراً ” سورة الإسراء : 4-8 وقال تعالى في آخر السورة عن الإفساد الثاني : ” وقلنا من بعده لبني إسرائيل اسكنوا الأرض فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفاً ” سورة الإسراء : 104 اختلف العلماء في تفسيرهم للإفسادين ولكن جميع التفاسير السابقة لا تنطبق عليها الأحداث التي وردت في الآيات فلا بد من إعادة النظر في فهم النصوص وأحداث التاريخ. لقد علا اليهود قديماً وأفسدوا إفسادات كثيرة، ونظراً لربط الآيات الكريمة بين المسجد الأقصى والتاريخ اليهودي فإننا نؤكد أن الإفسادين متعلقان بالمسلمين بعد بعثة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم و ها هم اليوم قد علوا في الأرض فأهلكوا الحرث والنسل، وأفسدوا في البلاد، و ها هو يرزح المسجد الأقصى اليوم تحت احتلال اليهود، وترفرف فوقه راياتهم النجسة، ويحتلون من حوله كامل فلسطين وأجزاء من بلاد سوريا والشام وجنوب لبنان وضفة الأردن الغربية، ويسيطرون بحسب المعاهدات على شبه سيناء بالتعاون مع الصليبيين. وقد حفظوا وجودهم من خلال التوازن الدولي والإقليمي المحيط بهم، وأقاموا دولة إسرائيل منذ عام 1948 , وإنّا لنسأله تعالى أن يعجّل لهم ما توعّدهم به وأن يجعل ذلك على أيدي الصالحين من عباده بمنّه وفضله سبحانه، فقد قال تعالى في كتابه الكريم {وإذ تأذّن ربّك ليبعثّنَّ عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوءَ العذاب إنَّ ربّك لسريع العقاب وإنّه لغفورٌ رحيم} [الأعراف: 167].

نحن نعيش إفسادهم الأول :

” فإذا جاء وعد أولاهما….. ” ” إذا ” ظرف لما يستقبل من الزمان، أي أن المجيء يأتي بعد نزول آيات الإسراء المكية، وبالتالي فإن عباد الله الربانيين سيكونون أيضاً بعدها. ” بعثنا عليكم ….” إن التعبير بالبعث مقصود ومراد، فالله سيبعث المسلمين بعثاً من العدم. كما أن كلمة ” بعثنا توحي أن مجيء هؤلاء الربانيين لم يكن متوقعاً ، فالله سيبعث المسلمين بعثاً فيزيلوا إفساد اليهود ويرثوا قوة اليهود، في فلسطين ” عباداً لنا…..” هذه الجملة لا تنطبق إلا على المسلمين أصحاب الريات السود لأن الله سماهم ” عباداً ” وأضافهم إليه ” لنا ” إن كلمة ” عباد ” لا تنطبق على الكافرين السابقين الذين نسب لهم المؤرخون إزالة الإفسادين مثل بختنصر وغيره. ذكر عباد لنا يشترط أن يكونوا مؤمنين إذ لابد أن الذي يقاوم الفساد هو الإصلاح و لو تصفحنا تاريخ بني إسرائيل لوجدنا أن معظمه فساد و لكن حدد هذا الفساد في عهد الأمة الإسلامية أنه سيكون مرتين ، هناك فرق بين كلمتي عباد وعبيد لأنه لا ترادف في كلمات القرآن، فكلمة ” عبيد ” ذُكرت في القرآن الكريم خمس مرات في الكلام عن الكفار ومعظمها بصيغة : ” وما ربك بظلام للعبيد ” أي أن الله يحاسب الكفار بعدله. أما كلمة ” عباد ” فهي مذكورة خمساً وتسعين مرة منها أكثر من تسعين مرة عن المؤمنين. إن الألف في هذه الكلمة توحي بالعزة والكرامة وهي صفات المسلم. ” أولي بأس شديد….” تشير الى قوة المسلمين أصحاب الريات السود وبأسهم في مواجهة اليهود في جانبين : الجانب المادي الذي سيتمثل في شدة قتالهم لليهود كذالك لسابقتهم و تمرسهم في القتال لسنين طوال . والجانب المعنوي الذي سيتمثل في تحديهم لليهود وإذلالهم لهم ” فجاسوا خلال الديار…” الجوس هو تخلل الشيء والتغلغل فيه، وسيدخل المسلمين ديار اليهود، و يحتلوها ويجوسوا فيها . و سيزيلوا كيانهم في فلسطين ، ثم سيساق بقاياهم الى سبي و الشتات .

إذا علمنا أن إفساد اليهود الأول نعاصر أحداثه ، وأن المسلمين هم الذين سيقضون على ذلك الإفساد، نعلم أن الكَرّة تعود لليهود في الإفساد الثاني على الأجيال اللاحقة من المسلمين، وهي الأجيال التي تعيش في زمن الدجال .

إن المعركة بين المسلمين واليهود لا ينتج عنها إبادة اليهود وإفناؤهم والقضاء عليهم، وإنما ينتج عنها إزالة فسادهم الأول وتدمير كيانهم، وتحويلهم إلى مجموعات يهودية ذليلة مهزومة مسحوقة، فالبعث الرباني لا يعني إفناؤهم.

فالمعركة عند الإفساد الأول بين اليهود والمسلمين ستكون معركة إسلامية إيمانية، وليست معركة قومية أو يسارية أو إقليمية وليست معركة فلسطينية أو عربية أو غير ذلك.

علامات العباد الربانين الذين سيدخلون الأقصى أول مرة :

أ- حشد قوى المسلمين تحت راية واحدة تحكم شرع الله، وتوحد أراضي المسلمين طوعا أو كرها، من حكامها العملاء الموالين لليهود والنصارى .

ب- ظهور أمير مسلم مخلص مسلم مجاهد يلتف حوله نخبة من أهل الإخلاص لشرع الله يتولى الجهاد، ويوحد قوى المسلمين، وخاصة حول بيت المقدس .

ج- عودة المسلمين إلى ربهم والتفافهم حول هذه النخبة المجاهدة .

د- التوكل على الله والاعتماد عليه، والأمل ببشائر النبي صلى الله عليه وسلم .

البشارة النبويّة :

وأمّا البشارة النبويّة التي أخبر بها الصادق المصدوق صلوات الله وسلامه عليه فقد روى البخاري في صحيحه وأحمد في مسنده والترمذيّ في السنّن من حديث ابن عمر رضي الله عنه أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «تقاتلون اليهود، حتّى يختبئ أحدهم وراء الحجر، فيقول: يا عبدالله، هذا يهودي ورائي فاقتله». وفي رواية عند البخاري أخرجها في كتاب المناقب: «تقاتلكم اليهود، فتُسَلَّطون عليهم، ثمّ يقول الحجر: يا مسلم، هذا يهودّ ورائي فاقتله». وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تقوم الساعة حتّى تقاتلوا اليهود، حتّى يقولَ الحجر وراءه اليهوديّ: يا مسلم، هذا يهوديّ ورائي فاقتله». وفي هذه الأحاديث تأكيدُ الأمرِ بوقوع قتالِ اليهود وقتلهم لا محالة، وظاهِرُ قوله في الحديث «لا تقوم الساعة» وقوعُ القتال قبل ذلك وأنّه ليس مُقيّداً بكونه من أشراطها و هل يحتمل وقوع هذه البشارة المذكورة بقتالهم مرّتين الأولى على ما في حديث الصحيحين والثانية عند نزول عيسى عليه السلام /فيقاتل الدجّال ويستأصِلُ اليهودَ الذين هم أتباعه؟ – راجع الافساد الثاني-

 وفي هذا كلّه دلالة على أنّ هذه الأمّة موعودة بالنصر والتمكين متى أخذت بأسباب ذلك من إعداد العدّة والقتال في سبيل الله عزّ وجلّ، وما لليهود ودولتهم بعد ذلك من بقاء، عجّل الله تعالى بزوال ملكهم وجعلنا من جنده الذين قال فيهم في كتابه الكريم سبحانه مبيّناً وعدَه لأنبيائه ولهم {ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين. إنّهم لهم المنصورون. وإنّ جندنا لهم الغالبون} [الصافّات: 171-173]. وصلّى الله على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً كثيراً، والحمد لله ربّ العالمين .

البشارة :

في عام 1367هـ (1948 م) بدأت دولة إسرائيل و بدأ معها الإفساد و العلو الأول في الأرض عامة و في الأرض المباركة خاصة. ثم في عام 1424 \ 1425هـ (2004 م) تنهزم إسرائيل أمام جيوش المسلمين أصحاب الريات السود (و هذا لا يعني نهاية فسادهم العالمي لكن سيتم القضاء على فسادهم في الأرض المقدسة أولا تمهيدا للقضاء عليهم نهائيا) و يدخل المسلمون للمسجد الأقصى للمرة الأولى.

 

 

عن المحرر

شاهد أيضاً

عندما يستفحل مرض الاستبداد في نفس أي طاغية

عندما يستفحل مرض الاستبداد في نفس أي طاغية فضيلة الشيخ عبد الكريم مطيع الحمداوي مؤسس …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *