الرئيسية / عاجل / المعتقل حميد مرزوك-يخوض إضرابه المفتوح عن الطعام حتى الموت..أُبْرِئُ ذِمَّتي لله ثم للتاريخ
حميد مرزوك

المعتقل حميد مرزوك-يخوض إضرابه المفتوح عن الطعام حتى الموت..أُبْرِئُ ذِمَّتي لله ثم للتاريخ

[اليوم 12 من الإضراب عن الطعام]

إضراب مفتوح عن الطعام حتى الموت..أُبْرِئُ ذِمَّتي لله ثم للتاريخ

ولجُمُوع المسلمين

أنا المعتقل الإسلامي المقبرِ ظُلما في أَلحاد العهد الجديد الصَّمَّاء منذ عَقد ونصف، أنا سجين الرأي المُطمَر في دهاليز القهر بِتُهَمٍ سخيفة وادِّعاءات باطلة زائفة، أنا حبيس أفكار قالت قَوْلَها في السياسة وطَرائق التدبير وسُبُلِ تصريف الثروة وأنماط التَّدَيُّن فأُلْبِسَت ثوب الإجرام وصُبِغَتْ بِلون الدَّم وأُدِينَت بقوانين الإرهاب، أنا المُغرَق قَسْراً في يَمِّ أعوام العَتَمات الجائرة وَمِشْجَبُ الإِدانة مُعلَّق في هواء خَواء بلا دليل صريح أو برهانٍ مُقنِعٍ مُريح، وَالفِرْيَةُ فَتوى من جِراب الإِفْك أزهقتْ روح امرأة مسكينة لا أَعْرِفُها ولا تَعرفني، أَحَقّاً نَسج عقلي الظلامي وقلبي الصَّخري القاسي حُكما بالقتل على قارورة أُخرجَت من رُكام المسحوقين لتدْمَغَني بالأحوال الثِّقال والأعوام الطِّوال، أفتيت بقتل امرأة كيف ولماذا ؟!! ما الذي جَنَتْهُ المِسكينة وما الصِّفَة التي خَوَّلَتْ لي إباحة رَقَبَتِها للمِقْصَلَة ؟! وما الحُجَج التي استنَد عليها المُتَّهِمون وبَنَى بها حُكمَهُم المُدِينُون؟

أَفتيْتُ بقتلِ امرأةٍ وَلَكأَنَّ دماء الناس نَهْباً مُستباحا تَرْكبها الفتاوى الهوجاء ويوقع بها سفها عن رب السماء!! ولَكأن أرواح المُستضعَفات أُطلِقَت هَمْلا تُسْتَحَلُّ بجاهلِ الأحكام وسَقيمِ الأفهام، إنَّ هَمِّي كل همي هو الوقوف أمام ربي وذِمَّتي مُبَرَّأة من دَمٍ لا أَعلم فيمَ أُزهق ولا أدري كيف أُهْرِيق، وإننا سَنَشْخَصُ أمامه جميعا وساعتها لا يَصمُدُ مِلفّ مُفَبرَك ولا يَنفع تَنَصُّل مُخادع، وإنَّني وهي وَمَن لطَّخَنِي بِجائِر الفِرَى تنتظرُنا جَولة الحَسْمِ حيث لا نُفوذ يَنفع ولا جبروت يدفع، وهَلْ الإفتاء إناءٌ مُشرَعٌ أمام كل وَالغٍ يَسترخص فيه فُسَحَ الدين ويَسْتَدِرُّ سخط رب العالمين؟!

وهل الحُكم بإعدامِ المُسلِمات سَهْلٌ مَيسور يُمنح على البياض كَقَصِّ شاربٍ ونَتْفِ إبط؟!

وهل صُكوك الإتهام تُفَصَّل للإنتقام وتُرَتَّقُ لتصفية الحسابات؟ ولو بإغراق الأبرياء في دماء ما سفحوا منها قطرة ولا حَرَّضُوا عليها بِخَافِتِ نَبْرَة..

إن مَحْكُومِيَتِي قَد ذابت ثلاثة أرباعها وهزيعُها الأخير في طريقه إلى النُّفوق، ولَأَنْ أَلْقَى رَبّي طالباً لحقٍّ في مَظْلَمَةٍ خَير لي مِن أن ألقاه مطلوباً في دَمٍ غدر، وإنَّ ما يَضَع المرء اعتباره ويَحسب له حسابه هو قُدومه على ربه حيث تُؤَبَّدُ المَصَائر وتُخلّد الجَزاءات، وإننّي بَريء من دم تلك المرأة، لا أقولها لنَيْل عفو أو استدرار عطف، بل تعزيةً لنفسي وادّخارها كفّارة لذنبي عند ربي، ولا يزال المرء في فسحة من دينه ما لم يُصِب دماً حراما.

شخص قَتَل زوجته وربُّنا أَدرى بالذي جَرى خلف الأبواب المُغلقة والستائر السوداء المُسدَلة، ربنا أدرى بدوافع مَن قَتَل وحَالِ مَن قُتِلَت، ربنا أدرى بالظالم الصراح البواح والمظلوم المُنتَهَك المُسْتَباح، وكل ما أعلَمُه وأَسْتَيْقِنُه أنَّنِي نُحِرْتُ على نَطْعِ المَأتم لِتُرْوَى بي نَزوة وتُغَذَّى بإِقبَاري شَهوة ويُسقى عطشُ انتقام، وكُلُّ ما أَعْلَمُه وأَسْتَيْقِنُه أن المُدِينَ عندما قَلَّبَ في رُكام التُّهَم، وَأَعْيَاه البَحث عن ما يُبِيدُ الخضراء ويَسْتأصِل الشَّأفة، رَشَّنِي بِدَم زُورٍ لِيُشْبِع نَهْمَتَه ويُطْفِئ ظمْأته، وها قَد تَصَرَّمَت الأعوام وتَتَالَت العقود، وتَغذَّى الجور على إحراق زهرة العُمر وتَثْكيل الأم وتَرْميل الزوجة وتَيْتِيم الولد، وعبّ الإفك مُدمِّرا العش ومُخَرِّباً المُستقبل ومُنكِياً في العقل والبدن، والحمد لله على بَلْواه فعندَه أَعزُّ ما يطلب و أسْمى ما يُرْغَب، والمبادِئ تُسْتَرْخَصُ لأجلِها الأعمار، وقِيَمُ الخَير تُضَاهي في سُمُوِّها الشُّموس والأقمار، إلا دَماً حراما يلطخ بعار الدنيا ويَكُبُّ على المَنخَر في نار الآخرة، إلا روحاً معصومة تَعْدِل في فداحة رُزْئِها جنابة قتل الناس جميعا، فاللّهُم اشهد أنني أسير هَمِّ أُمَّة وحَبِيسُ تَطَلُّعات شعوب وسجين حراك جيل، فاللهم اشهد أنني نظيف اليَد، ما مَدَدْتُهَا لاستباحة حِرْزٍ ولاَ لَطَّخْتُها بِجَرَاءة على دم وما نَجَّستُها بِاستِطالَة على عرض… أَبُتُّ مَنْ يَعْنِيهم أَمْرِي مَظْلَمَتِي، ولله ثم للتاريخ ولجُمُوع المسلمين أُبْرِئُ ذِمَّتي.. عُسْر الدُّنيا إلى زَوالٍ وإنْ طَال، وما عند الله أَسمى مَرْجُوٍّ وأَغلى نَوال، والحمد لك ربنا ذا العزة والجلال.

 

المعتقل حميد مرزوك

عن المحرر

شاهد أيضاً

ذكريات أم في القدس   قصيدة للشيخ أبي عبد الله الزليطني

ذكريات أم في القدس   قصيدة للشيخ أبي عبد الله الزليطني من أين أبدأ هذا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *