الرئيسية / الحركة الإسلامية المعاصرة / الشيخ عاصم عبد الماجد يطرح مشروع إحياء الأمة -2-

الشيخ عاصم عبد الماجد يطرح مشروع إحياء الأمة -2-

حانت ساعة الحقيقة
مشروع إحياء الأمة

 

《 روابط العمل الجماهيري 》

لا تحتاج الجماهير المسلمة لابتداع روابط جديدة لتلتحم وتلتئم حول نصرة دينها.
فالروابط قائمة بالفعل..
وهي قوية بما يكفي..
ودائمة لا تنقطع
وشاملة لا تستثني أحدا.
إنها رابط العقيدة والإسلام
وعنوانها (كلمة التوحيد)
نعم نحتاج لتجلية معناها في النفوس ليكون سعيها وعطاؤها أكبر وأعظم.
لكننا لا نحتاج لروابط جديدة ولا لشروط كثيرة ولا قليلة.
أرى البعض ممتعضا !!!
يريد روابط جديدة
كلمات مرصوصة زخرفها البشر!!
روابط بها ضوابط أكثر صرامة..
روابط بها عهود وعليها مواثيق تمنع الأتباع من التفلت والنكوص.
روابط بها شروط للدخول وبها مواصفات للداخلين فلا يدخل معنا كل من هب ودب ولا يبقى بداخلنا إلا من حقق على الدوام شروطنا.
وأقول هذا كلام ظاهره حسن..
وباطنه بدع قاتلة لنا مميتة لحركتنا..
وأيضا مزرية بديننا وعقيدتنا !!
أحسبت يا صاح أن الرسول وهو ينشئ هذه الأمة إنشاء.. قد غاب عنه ما تقوله أنت اليوم!!
ستقول
لا
ولا يسع المسلم إلا أن يقول
لا
فاعلم إذن أن (كلمة التوحيد) تفي بكل ما ذكرته بل تفي بما لا يبلغه فهمك ولا تسطيع التعبير عنه.
واعلم أن الرسول جعل (الإقرار بكلمة التوحيد) شرطا كافيا للدخول في جماعته التي هي أمته.
وأنه جعل (نقض كلمة التوحيد) هو الطارد خارج هذه الجماعة.
نعم..
أنا أعني ما تنكره أنت الآن..
نعم..
أريد الأمة على ما هي عليه طالما أنه لا ينقض كلمة التوحيد.
أريدها بعاصيها وبليدها وطائعها
وهي الأصناف المذكورة في قول الله تعالى:
《 ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا ۖ فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ 》
أسمعت!!
فالظالم لنفسه
والبليد في سعيه
والسابق بالخيرات بإذن ربه
جميعهم من الذين اصطفاهم الله من عباده!!
ونحن سنعمل مع الذين اصطفاهم الله من عباده.
فابتدع أنت ما شئت من روابط تفرق بها الأمة وتجعل من أقر بروابطك في شق وبقية الأمة في شق.
وأحد أدوارنا وأقلها جهدا أن نهدم بدعتك!!

 

《 ساحات العمل الجماهيري 》

قلنا إن الجماهير لا التنظيمات ولا الجماعات هي القادرة بإذن الله على خوض الصراع مع أعداء الأمة.
ونقول أيضا إن العمل الجماهيري الذي نريد إطلاقه لن يقتصر على مصارعة الأعادي.
ففروض الكفايات التي تتوزع بين مجالات العمل الإسلامي المختلفة هي ساحات واسعة أمام الجماهير.
والجماهير عندما يحسن توجيهها ستكون أقدر على أن تؤدي فيها أداء هو أعظم من أداء الجماعات.
وأهم هذه المجالات التي ينبغي تحفيز الجماهير على القيام بها:
١- الدعوة إلى الله تعالى..
سواء دعوة الكافر كي يسلم أو وعظ العاصي كي يتوب ويرجع.
٢- (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)
وهي فريضة متسعة تبدأ بالتعريف والوعظ وتتمدد لتنتهي بالجهاد في سبيل الله.
٣- تهذيب الأنفس وتزكيتها.
٤- التعلم والتعليم.
٥- التكافل الاجتماعي بصوره المتعددة.
هذه أهم مجالات العمل الإسلامي التي تفتقر إلى جهود واسعة..
وإذا كانت الجماعات الإسلامية التقليدية نجحت في بعض هذه المجالات وأدت فيها أداء طيبا..
فإن الأمة عندما توجه جهودها توجيها صحيحا ستحقق بلا شك نجاحا أكبر..
وفي نفس الوقت سيكون أداؤها خاليا من لوثة التحزب التي تحرف بعضا من أعمال الجماعات عن جادة الطريق.
ولسوف نفرد هذه المجالات بمزيد بيان إن شاء الله تعالى.
°°°°°°
إذا امتنع العلماء وأصحاب الرأي عن تنبيه الأمة إلى ضرورة العمل الجماهيري خاصة بعد فشل الجماعات التنظيمية أكثر من مرة خلال المائة عام الماضية..
فماذا نحن فاعلون؟؟!!
هكذا سألني بعض الفضلاء.
قلت:
==《 يحمل الشباب هذه الفكرة وينطلقون بها.. وقد أقام الشباب قبل خمسين عاما (الصحوة الإسلامية) التي أعادت لمصر وللعالم العربي هويته الإسلامية
وأعتقد أن الشباب (لا أمثالنا من الكهول) قادر على إعادة إنتاج صحوة شعبية جماهيرية جديدة.
وقادر على حمايتها لئلا تتخطفها بعض الجماعات الأنانية العنصرية.. كما حدث للأسف من قبل 》

°°°°°°°

《 ضوابط العمل الجماهيري》

لكي لا ينزلق العمل الجماهيري المنفتح إلى عمل تنظيمي منغلق لا بد من ضوابط..
أهمها:
١- رفض وضع أي حواجز من كلام بشر (سوى الرسول فقط) يقسم الأمة بين مقر بهذا الكلام فيكون معنا.. وغير مقر به فلا يكون معنا.
هذه بدعة خطيرة وهي تفرق الأمة الواحدة.
الرسول عليه السلام فقط هو صاحب الحق في ذلك بإذن من ربه.
وقد وضع صلى الله عليه وسلم الحد الفاصل بين من يكون منا ومن لا يكون منا.. وهو الإقرار بكلمة التوحيد.
فمن أقر بها فهو المسلم وإن عصى فهو معنا ومنا.
ومن لم يقر بكلمة التوحيد فليس بمسلم.. وبالتالي فهو ليس معنا وليس منا.
٢- رفض أي بناء هرمي للسلطة والاكتفاء بالقدر الضروري جدا من القيادة.
وهو القائد صاحب المواصفات العالية.
ليكن له مستشارون أو مساعدون أو غير ذلك.
لكن لا يكون لهؤلاء سلطة على الجماهير قط.
٣- أن يعين القائد الكفء من الجماهير مباشرة.. وهذا من إبداعات العمل الجماهيري..
بل هنا إبداعان لا يتوفر أي منهما في غير العمل الجماهيري..
أولهما أن الأمة هي التي تختار القائد مباشرة..
واختيارها له بأن تقرر الجموع الغفيرة على اختلاف مشاربها ومذاهبها الإنصات إليه والعمل بتوجيهاته ونشرها والدفاع عنها.
ثانيهما أنها لن تجتمع على ذلك إلا لأنه بهرها بحكمته وفطنته وإقدامه..
وبذلك نضمن أنه لن يصل لهذا الموقع الخطير موقع قيادة الأمة بأسرها إلا من هو أهل له بشهادة من هم شهود الله في الأرض أعني أمة محمد صلى الله عليه وسلم.
فلو افترضنا أن هذا القائد ضل بعد هدى أو انحرف بعد استقامة أو ضعف بعد قوة أو تهور بعد حكمة عزلته الجماهير بلا تردد ولم يستطع مقاومة إجراءات العزل..
لأن إجراءات العزل هي فقط انصراف الأمة عنه وانفضاضها من حوله.
٤- مشاورة القائد للجماهير وامتثال أمرهم.
قد يبدو هذا كلاما إنشائيا..
فكل الجماعات وكل الأحزاب بل وكل الدول تقول نشاور مرؤوسينا.. وكثير منهم يفعل عكس ذلك!!
لكن بقليل من التأمل سنكتشف أن ذلك الضابط لا يمكن الالتفاف عليه في العمل الجماهيري الحقيقي الذي ندعو إليه!
قد يستبد حاكم ولا يستشير شعبه أبدا.. لأنه يقهرهم بالقوة العسكرية.
وقد يستبد أمير جماعة أو رئيس حزب لأنه يقهرهم بالقوة المعنوية وهي العهود والمواثيق والتلويح بالطرد والإبعاد والاغتيال المعنوي..
او لأنه يملك تحقيق نفع مادي لهم.
لكن أي شيء يملكه قائد لم يتبوأ مكان الزعامة إلا لأن الجماهير أنصتت إليه فاستساغت ما يحثهم عليه فأطاعته فارتفع شأنه وعلا نجمه.
ما الذي يدفع الجماهير للاستمساك به ودوام طاعته وهو قد خالفهم واحتقرهم.
الحقيقة أنه في ذات اللحظة التي يصم القائد أذنيه عن سماع صوت الجماهير.. ستلفظه الجماهير ليعود مجرد قائد سابق فاشل!!
٥- وهذا يقودنا إلى ضابط مهم للغاية في العمل الجماهيري وهو مراعاة ملاءمة القرارات (أو لنقل التوجيهات) التي تصدر من القائد لأحوال الأمة وقدراتها وأخذ الظروف المحيطة في الاعتبار..
وهذا مرده إلى أمرين اثنين:
فطنة القائد وبصيرته وكفاءته.
وصدق إحساسه برأي الأمة وإصغاء عقله لمشورتها ومسارعته إلى تنفيذ وصاياها.
فإن فقد القائد هذه المواصفات وضاعت منه هذه الملكات عزلته الأمة كما سبق بيانه.

《 الدعوة الجماهيرية 》

تتردد كلمة الدعوة كثيرا جدا داخل كل الحركات الإسلامية.
لكن مدلولها ليس واحدا.. بل تستعمل في عرف التنظيمات الإسلامية بعدة معان..
♤ والعجب أن أقل معنى تستعمل فيه لفظة (الدعوة) هو المعنى الشرعي.. أقصد دعوة الكفار للدخول في الإسلام.
♤ وتستعمل بصورة أكبر بمعنى (الوعظ) وعظ المسلمين وتذكيرهم وحثهم على الطاعة.
والفارق بينهما أن الكافر خارج عن الإسلام فأنت تدعوه للدخول فيه.
أما العاصي أو الغافل فليس خارجا حتى تدعوه للدخول. بل هو في صفوف الأمة ولكنه غافل أو عاص فأنت تذكره وتعظه.
ولا ضير في استعمال الدعوة بمعنى الوعظ شريطة أن يكون واضحا عند الجميع أنه ليس ثمة من هو خارج عنا ندعوه للدخول.
♤ وتستعمل الدعوة أيضا بمعنى حث من لم يدخل (الجماعة) للدخول فيها.
واستعمال لفظ الدعوة في هذا المعنى سيء للغاية لأنه يوحي بأن من ليس في جماعتنا فهو بمنزلة الكافر الذي ندعوه لدخول الإسلام.
أو على أحسن الأحوال بمنزلة العاصي التارك لواجب الانضمام لجماعتنا (كل يرى واجبا على العامي أن ينضم لجماعته!!)
وليس استعمال اللفظ في هذا المعنى بأسوأ من الفعل ذاته.
بل ارتكاب حماقة حشر عامة المسلمين داخل بعض الجماعات وتصارع الجماعات على العامة أيهم يقتنص أكبر قدر منهم.. هذا أسوأ..
وهو من أسوأ ما تراه في بعض التنظيمات الإسلامية.
♤ وأخيرا تستعمل لفظة الدعوة بمعنى التنظيم ذاته كما قيل انضم فلان للدعوة العباسية والمراد أنه انضم لتنظيم العباسيين الذي تشكل لاقتناص الملك من بني أمية.
وفي العصر الحديث يتردد لفظ الدعوة بهذا المعنى كثيرا فتسمع قائلهم يقول هذه دعوة مباركة يريد هذه جماعة مباركة.
………… ……….. …………
والدعوة الجماهيرية لا يفهم منها قط معنى (التنظيم) فالجماهير ليست تنظيما.. الجماهير هي الأمة.
ولا يفهم منها – لنفس السبب السابق – معنى الحث على الانضمام لتنظيم.
وإنما يصح استعمالها في دعوة غير المسلمين للدخول في الإسلام وهو معناها الشرعي كما أسلفنا.
ولا بأس باستعمالها بمعنى وعظ المسلمين وتذكيرهم.
………… …………. ………
والذي يليق بهذه الرسالة المختصرة هو محاولة تخليص الدعوة من المعاني غير اللائقة التي علقت بها في زمن التنظيمات..
وبيان الفرق بين الدعوة في العرف الجماهيري حيث تقف عند حد إصلاح الفرد وبين الدعوة في عرف التنظيمات.. حيث تتضمن الزج به في داخلها.. أما قبل ذلك فيظل المدعو مدعوا للدخول!!!!
وأما ما وراء ذلك كالحديث عن مضمون الدعوة أو وسائلها أو آدابها فقد سارت به المصنفات وأدلى كثيرون بدلائهم فيه.
فلا معنى لتكراره.

عن المحرر

شاهد أيضاً

من خطوات التأسيس الأولى للحركة الإسلامية المغربية ( الحلقة الثامنة)

من خطوات التأسيس الأولى للحركة الإسلامية المغربية ( الحلقة الثامنة)  فضيلة الشيخ عبد الكريم مطيع …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *