الرئيسية / أدب السجون / حكاية وجع -2-  فضفضة تحت سقف الزنزانة

حكاية وجع -2-  فضفضة تحت سقف الزنزانة

حكاية وجع   فضفضة تحت سقف الزنزانة

 

يكتبها زكرياء بوغرارة

 مشرف موقع ادب السجون

أعظم نكسة مني بها التيار الاسلامي هي تربية الحشود والارتال التي يستقطبها لتوسيع القاعدة الجماهيرية..تربية خالية من اهم المعاني السامية لهذا الدين وأعلاها الايمان بالله والكفر بالطاغوت.. ورويدا رويدا اصبح التوحيد شأنا هينا لديهم.. كهوان الولاء والبراء والمفاصلة والتزيل.. والاستعلاء بالايمان حتى زاحموا العلمانيين بالأكتاف في كل ناد وتجمع..

وهنا الطامة الكبرى .. فهم في غفلة عن اهم شيء .. ان النصر والفتح لايتنزلان الا على الفئة التي تربت تربية ذاك الجيل الفريد المنتجب وشمت رائحة عبق كلمة ورقة بن نوفل للحبيب صلى الله عليه وسلم

{{هذا الناموس الذي نزل الله به على موسى ، يا ليتني فيها جذع ، ليتني أكون حيا إذ يخرجك قومك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أومخرجي هم . قال : نعم ، لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي ، وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا }

 

°°°°°

{{حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا }}
هنا فصل الخطاب هنا الموعد .. {{ اليس الصبح بقريب}}

قال موعدكم يوم الزينة وأن يحشر الناس ضحى

(عندما يتحدى الطغاة..🙁 (المصير)

°°°°°°
{{قَالَ سَآوِي إِلَىٰ جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ ۚ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَن رَّحِمَ ۚ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ}}
هنا يتضاءل العبد امام عظمة ربه وان لا عاصم من امره الا من رحم وان النجاة مصير انسان يعبر من ليل وغلس الدنيا الى صبح الآخرة..

°°°°°°
كان النبي صلى الله عليه وسلم وهو يدعو الى الله تعالى يبني الانسان .. واول البناء عقيدة تهدم الطاغوت.. من اجل ذلك لم يكن للمبنى والهيكل وكل بريق زائل من متاع الارض.. في الأرض..اي اعتبار او دور قبل هذا التوحيد الخالص.. وهكذا قام بناء ذاك الجيل الفريد الذي خاض اشرس المعارك.. ضد الهياكل والاصنام.. حتى يكون الدين كله لله…

°°°°°°
{{وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِّن قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ ۚ قَالَ إِن تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ}}
تامل انظر تعمق … غص في الآية والمعاني والدروس… ثم تزود… فخير الزاد زاد الكتاب والسنة

 

 

ذاكرة من لهب

في أول اضراب عن الطعام خاضه الاخوة بعد ترحيلنا الى السجن المركزي القنيطرة…
كتب الاخوة اوراقا للجهات المعنية للاعلان عن الاضراب واسبابه ودواعيه…
من اظرف ما كتب يومها اوراق الاخ محمد كيوي رحمه الله…
دفعها الي مبتسما لألقي نظرة عليها… فوجدته قد كتب {{ سآكل حتى أموت…}}
فانفجرت ضاحكا من قوله.. واوضحت له انه اضراب يعني امتناع عن الاكل…
فانفرجت اساريه وقال {{ كيف كيف}}..

ثم مضى باوراقه كما هي ليدفعها للجلاوزة…
ترى هل هناك فرق بين ان يموت المرء ممتنعا عن الطعام او ان يعانق المنية وهو يأكل حتى النهاية..؟؟؟

شذرات

كلما اشتدت بي الغربة في زمن الغرباء.. اذكر اخا أسيرا فرج الله عنه.. كان دائما وفي كل لقاءات الاخوة الترفيهية ينشدهم نشيدا هو مزيج من العامية والعربية.. لكنه بطريقته في الكلام والآداء وملامح الحزن في وجهه كلها تعبر عن حالة الغربة وهو ينهي نشيده {{ بقيت وحيدا}} فك الله اسرك يا اخي {{لصوينع.}}.

هذا الاخ عندما طلب منه القاضي ان يقول كلمته الاخيرة قبل النطق بالحكم قال اه

{{ أنا أكفر بالديموقراطية وأؤمن بدين الاسلام..}}

في الغد نقلت الصحافة كلماته في الصفحات الاولى مع {{ال15 سنة سجنا…}}

طيلة سنوات العتمة كنت انسى ان أسأله لماذا قال تلك الكلمات في موطن ربما يحتاج منه بيانا آخر..

ربما كان له فهم اوسع مما كان يجول بخاطري….

°°°°°
بشماتة تخفي حقدا وان حاول ان يبرز معها النصح والتباكي على ما أسماه{{الأحوال المتردية}} وماهي في حقيقتها سوى دموع تماسيح وكيف لجلاد ان يسح دمعة واحدة على ضحيته..

نطق كلمات آسنة كماء تعكر من زمن بعيد

{{ ما الذي تغير.. انت تعيش في حال اسوأ بكثير من كل ما مررت به في السجون.. ومع كل هذا لازلت مصرا على سوء خيارك.. واختيارك.. اما ترى لم يبقى احد من حولك اين رفاقك القدامى.. فلان وفلان وفلان قارن بين ما صرت اليه وبينهم.. يؤسفني ان تكون النهاية شاقة.. تتحمل فيها سيء اختياراتك…}}

هز مرافقه رأسه وقال {{ انصت راه ينصحك..}}

ثم اردف الأول{ قائلا

{ نحن لسنا ضدك .. احنا معاك.. ماشي ضدك..}}

كان كم النفاق والشماتة والحقد هائلين جدا

كم مرة سمعت هذه الكلمات على مر سنوات القهر العتيدة .. وها هي تطرق مسامعي مجددا في حريتي المنقوصة المغموسة بلون القهر… والاستبداد

لحظتها تمثلت ابياتا من ميمية القاضي الجرجاني رحمه الله

يقولون لي فيك انقباضٌ وإنما رأوا رجلاً عن موقفِ الذلِّ أحجما
وما زلتُ مُنحازاً بعرضيَ جانباً من الذلِّ أعتدُّ الصيانةَ مَغنما
إذا قيلَ هذا مَنهلٌ قلتُ قد أرى ولكنَّ نفسَ الحرِّ تَحتَملَ الظَّمَا
أُنزِّهها عن بَعضِ ما لا يشينُها مخافةَ أقوال العدا فيم أو لما
فأصبحُ عن عيبِ اللئيمِ مسلَّما وقد رحتُ في نفسِ الكريمِ مُعَظَّما
وأقبضُ خَطوي عن حُظوظٍ كثيرةٍ إذا لم أَنلها وافرض العرضِ مُكرما
وأكرمُ نفسي أن أُضاحكَ عابساً وأن أَتلقَّى بالمديح مُذمَّما
وكم طال بٍديني بنعماه لم يَصِل إليه وإن كَانَ الرَّئيسَ الُمعظَّما

عن المحرر

شاهد أيضاً

ذكريات أم في القدس   قصيدة للشيخ أبي عبد الله الزليطني

ذكريات أم في القدس   قصيدة للشيخ أبي عبد الله الزليطني من أين أبدأ هذا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *