الرئيسية / مقالات / حل إشكال حديث “لا مهدي إلا عيسى ابن مريم”-9-

حل إشكال حديث “لا مهدي إلا عيسى ابن مريم”-9-

حل إشكال حديث “لا مهدي إلا عيسى ابن مريم”

-9-

شبكة وا إسلاماه الإخبارية

 

منهم من يزعم أن لا مهدي إلا عيسى ابن مريم الطاهرة الزكية.
فقلت له: أما من ينكر هذا كله بالكلية فلا التفات إليه، إذ لا يعلم له في ذلك مستند يرجع إليه.
وأما من زعم أن لا مهدي إلا عيسى ابن مريم، وأصر على صحة هذا الحديث وصمم، فربما أوقعه في ذلك الحمية والإلتباس، وكثرة تداول هذا الحديث على السنة الناس.
وكيف يرتقي إلى درجة الصحيح وهو حديث منكر، أم كيف يحتج بمثله من أمعن النظر في إسناده وأفكر.
فقد صرح بكونه منكراً أبو عبد الرحمن النسائي، وإنه لجدير بذلك إذ مداره على محمد بن خالد الجندي.
وفي كتاب العلل المتناهية للإمام أبي الفرج بن الجوزي، ما نقله في توهين هذا الحديث من كلام الحافظ أبي كبر البيهقي، قال: فرجع الحديث إلى الجندي وهو مجهول، عن أبان بن أبي
عياش وهو متروك غير مقبول، عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو منقطع غير موصول.
وحكى البيهقي عن شيخه الحاكم النيسابوري، وناهيك به معرفة بعلم الحديث وعلى أحوال رواته مطلع، أنه قال: الجندي مجهول وابن أبي عياش متروك وهذا الحدث بهذا الإسناد منقطع.
وقد نقل علماء الحديث في حق الإمام المهدي من الأحاديث ما لا يحصى كثرة، وكلها معرضة بذكره ومصرحة، وفي ذلك أدل دليلي على ترجيحها على هذا الحديث المنكر عند من كان له بهذا الفن خبرة وبعضها لبعض مصححة.
وقد ذكر الإمام الحافظ أبو عبد الله الحاكم في كتابه المستدرك على الصحيحين من ذلك ما فيه غنية، ونبه على ترجيح رواته الجم الغفير من كان له في ذلك بغية.
ولما انتهى في كتابه إلى ذكر هذه الرواية، بين حالها لمن له فهم ودراية، فقال قد ذكرت ما انتهى إلي من علم هذا الحديث تعجباً لا محتجاً به، وهذا غاية التوهين.
ثم قال: فإن أولى من هذا الحديث حديث سفيان الثوري وشعبة وزائدة وغيرهم من أئمة المسلمين، عن عاصم بن بهدلة، عن زر بن حبيش، عن ابن مسعود، عن النبي الصادق الأمين، أنه قال: “لا تذهب الأيام والليالي حتى يملك رجل من أهل بيتي، يواطئ اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي”. وهذا تصريح باسمه وتعيين.
وقد قال بعض العلماء الأماثل: إن معنى قوله يواطئ يشبه ويماثل.
فقد اتضح لمن أنصف لمن أنصف من جملة هذا الكلام، أن المهدي من ولد الزهراء فاطمة لا ابن مريم عليه السلام.
على أنا نقول: ولئن سلمنا صحة هذا الحديث فإنه يحمل على تأويل، إذ لا نجد لإلغاء ما يعارضه من الأحاديث الصحيحة سبيل، ولعل تأويله كتأويل: لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد إذ ألفاظ الحديثين يقرب بعضها من بعض ولا يبعد، وفي الحديث من هذا النوع كثير، وليس ذلك بمحمول على نفي المنفي بل على الترجيح والتوفير، أو لعل له تأويلاً غير ذلك، فوجوه العلم متسعة المسلك.
قال الشيخ الإمام الحافظ العلامة شهاب الدين أبو محمد عبد الرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم

الشافعي، رضي الله عنه: ولقوله صلى الله عليه وسلم: “لا مهدي إلا عيسى ابن مريم” وجه آخر من التأويل، وهو أن يكون على حذف مضاف، أي إلا مهدي عيسى. أي الذي يجيء في زمن عيسى عليه السلام، فهو احتراز ممن يسمى بالمهدي قبل ذلك من المملوك وغيرهم، أو يكون التقدي: إلا زمن عيسى. أي: الذي يجيء في ذلك الزمن، لا في غيره. والله أعلم.

عن عقد الدرر لسلمي

عن المحرر

شاهد أيضاً

ذكريات أم في القدس   قصيدة للشيخ أبي عبد الله الزليطني

ذكريات أم في القدس   قصيدة للشيخ أبي عبد الله الزليطني من أين أبدأ هذا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *