الرئيسية / عاجل / الصيام في المناطق التي يطول فيها النهار بما يعجز عن الصوم

الصيام في المناطق التي يطول فيها النهار بما يعجز عن الصوم

الصيام في المناطق التي يطول فيها النهار بما يعجز عن الصوم

الشيخ عبد الكريم مطيع الحمداوي

فوجئت هذه الأيام بفتاوى تبيح للمسلم المقيم في أرض يطول نهارها بما يُعجزه عن الصوم، أن يقدِّر ساعات صوم نهار رمضان بقدر طاقته أو قياسا على توقيت مكة أو غيرها، فيكون إفطاره تبعا لذلك قبل غروب الشمس. مما فرض عليَّ إنكار هذه الفتوى، والجهر بهذا الإنكار، حرصا على أحكام الدين وصونا لها من الابتداع والتحريف، وحرصا على فريضة أجرها عظيم، لاسيما والنصوص الفقهية كتابا وسنة واضحة لا لبس فيها.

ذلك أن صوم رمضان واجب على كل مسلم مكلف قادر، متعلقٌ بزمن مخصوص هو شهر رمضان من كل عام كما قال الحق سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} البقرة 183، وقال:{ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} البقرة 185، ووقت مخصوص هو من تَبَيُّنِ الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر إلى غروب الشمس كما قال تعالى:{ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} البقرة 187.

إلا أن الله تعالى وضع لهذا الواجب رخصا يستفيد منها المسلم في حالات العجز عن الصيام لأسباب وضرورات وإكراهات لا لبس فيها، فقال تعالى:{فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} البقرة 184.

ويستفيد من هذه الرخصة كل من:

العاجز لمرض يرجى شفاؤه.

والعاجز لمرض لا يرجى شفاؤه.

والعاجز لطول في النهار يجعله غير قادر على الصيام، فيؤجل الصوم إلى فصل يقصر فيه النهار ثم يصوم.

وعليه فإن من تورط في الإفطار قبل مغيب الشمس بدعوى التقدير أو القياس لا صيام له، وعليه أن يقضي صيامه في الفصول التي يستطيع فيه الصيام بشكل عادي وحسب الأحكام الشرعية المرعية..

وعليه فإن المسلم المقيم في أرض يطول نهارها بما يعجزه عن الصوم لا يجوز له تقدير فترة الصيام بما قبل مغرب الشمس، ولكن رخصته أن يؤجل الصوم إلى فصل يقصر فيه النهار بالقدر الذي يطيقه. على أن يكون القضاء فرديا كل واحد يقضي باختياره وحسب ظروفه، وليس لسكان البلد الواحد أن يتفقوا على الصيام جماعة في شهر معلوم، كيلا يؤدي ذلك منهم إلى تحويل دائم للصيام عن شهره المحدد شرعا، فيسقطوا فيما سقط فيه أهل الجاهلية من النسيء، كما قال تعالى:{ إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ} التوبة 37.

هذا ما أدى إليه اجتهادي في القضية وفهمي للنصوص المتعلقة بها والله من وراء القصد.

 

 

مؤسس الحركة الاسلامية في المغرب

عن المحرر

شاهد أيضاً

ذكريات أم في القدس   قصيدة للشيخ أبي عبد الله الزليطني

ذكريات أم في القدس   قصيدة للشيخ أبي عبد الله الزليطني من أين أبدأ هذا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *