الرئيسية / الحركة الإسلامية المعاصرة / في عمق أسباب محنتنا: لماذا تآمروا وقرروا تصفيتي؟

في عمق أسباب محنتنا: لماذا تآمروا وقرروا تصفيتي؟

في عمق أسباب محنتنا: لماذا تآمروا وقرروا تصفيتي؟

 

الشيخ عبد الكريم مطيع الحمداوي

عندما قررت البقاء في السعودية سنة 1975 بعد أن زرت الرياض تلبية لدعوة رسمية من الندوة العالمية للشباب الإسلامي، وعقب اقتحام البوليس لبيتي واضطهاد زوجتي ووالدتي المسنة المريضة التي توفيت عقب ذلك، واعتقال أحد أبنائي (16 سنة) والتصريح لأهلي بأنه رهينة عندهم إلى حين عودتي، ومحاصرة البيت بمن فيه مدة طويلة كأنه ثكنة عسكرية، انتقلت للاستقرار في مكة المكرمة، وهناك واظبت فيها على الاتصال الهاتفي بالمغرب، واستقبال بعض شبابنا فيها، للمشورة وتبادل الرأي، وفي الحرم الشريف التقيت مرارا بالأخ الشيخ المنتصر الكتاني رحمه الله، وكان عضوا في رابطة العالم الإسلامي، فتوطدت العلاقة بيننا بتبادل الرأي واستعراض أوضاع المسلمين.

فوجئت ذات يوم بأحد أبنائه يزورني في الفندق ويدعوني باسم والده لطعام الغذاء، فوافقت وأخذني بسيارته إلى البيت حيث استقبلني الشيخ المنتصر بالترحاب، وبعد الغذاء فاتحني بموضوع الدعوة وأنها بتكليف من السفير المغربي حينئذ بجدة الأستاذ الناصري.

قال الشيخ المنتصر حرفيا: السفير الناصري يقول لك: الملك الحسن الثاني غاضب بشدة منك، والسبب ليس مما لفق لك، السبب هو ما بلغه عنك من علاقة لك مع كبار الجنرالات في الجيش المغربي، ومحاولتك التأثير عليهم.

أجبته بأن هذه العلاقة والتحريض لم يسبق أن كانا أو فكرت فيهما مطلقا، فقال الشيخ أرى أن تكتب رسالة للملك في الأمر، أبلغها للسفير فينقلها للملك، فأجبته سائلا كيف اتصلت بالسفير فذكر لك هذا؟ قال: هو صديقي ويزورني في البيت كلما كان في مكة، فقلت: إذن مهِّد لي لقاء به في بيتك فأشرح له ما لا يشرح في رسالة، فقال: لا أظنه يقبل إلا إذا كتبت الرسالة، وحينئذ أمهد للقائكما. فقلت: دعني أفكر مليا هذا الأسبوع، ثم ودعته وأعادني ابنه إلى الفندق.

كان من عادتي أن أصلي المغرب في الحرم تحت المكبرية في مواجهة باب الكعبة ومقام إبراهيم، مع مجموعة من المشايخ فيهم الشيخ محمد محمود الصواف، وفي ذلك اليوم لاحظ الشيخ الصواف عليَّ نوعا من الوجوم، فسألني عنه وألح، فأخبرته بالأمر، فقال: لا تهتم للأمر فالسفير المغربي صديق لي، وغدا أسافر إلى جدة وأزوره للاستفسار، وفي اليوم الثاني عندما التقينا في الحرم مرة أخرى قال الشيخ الصواف: لقد زرت السفير الناصري وحدثته في الأمر، وقد وعدني بأن نلتقي نحن الثلاثة في الحرم عند صلاة المغرب يوم الأربعاء المقبل.

فعلا صلى معنا السفير الناصري المغرب في الموعد الذي حدده، وبعد الصلاة انتحيت به بعيدا عن الشيخ الصواف، وكانت الخلاصة أن أهم شيء يعوق حل الإشكال بيني وبين الدولة هو الحملة الصحفية التي تشنها الصحافة الإسلامية العالمية تضامنا معنا وشجبا للاضطهاد المسلط علينا. وأنهم يعتقدون أني المحرض على الحملة، وأن توقف هذه الحملة يمحو كل ما يعوق عودتي وخروج المعتقلين، فبينت للسفير أن الحملة تلقائية، وإذا كانت هي العائق فأنا مستعد للتدخل من أجل إيقافها، فقال السفير إذن اتفقنا، بعد توقف الحملة إن شاء الله تنجلي محنتك وتعود لوطنك، فسألته: فما بال ما ذكره لي الشيخ المنتصر عن العلاقة الملفقة لي بكبار الجنرلات المغاربة؟ فأجاب السيد الناصري: اصرف النظر عن هذا الموضوع واجعله كأن لم يكن.

وانتهت جلستنا في بيت الله الحرام، وتوقفت الحملة الصحفية ولم يكن أي وفاء بأي وعد من الوعود التي أعطيت لنا مرات عديدة.

 

 

–مؤسس الحركة الإسلامية في المغرب

عن habib

شاهد أيضاً

ذكريات أم في القدس   قصيدة للشيخ أبي عبد الله الزليطني

ذكريات أم في القدس   قصيدة للشيخ أبي عبد الله الزليطني من أين أبدأ هذا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *