الرئيسية / الحركة الإسلامية المعاصرة / مقدمات التمهيد لمصالحة بدون انصاف

مقدمات التمهيد لمصالحة بدون انصاف

مقدمات التمهيد لمصالحة

بدون انصاف

بقلم زكرياء بوغرارة

 مشرف موع أدب السجون

معتقل سياسي سابق

بعد مرحلة من التضييق الخانق في السجون اضطر قطاع من المعتقلين للقبول بفكرة خوض اضرابات متتالية وجماعية عن الطعام لفك زنار القهر السجوني وهي مرحلة 2004 الى 2005 كانت تفشل في مجملها في تحقيق الغاية من خوضها لاعتبارات يطول شرحها إلا انها كانت تحرك راكد المياه في الحياة السجنية وكانت ادارة السجون عقب الانتهاء من تلك النضالات تمنح المعتقلين مقابل كل اضراب لعاعة من الحقوق السجونية وبعد ان عيل صبرهم و مع كثرة المطالب الحقوقية جاؤوا للمعتقلين بكتيب صغير طبع لتعريفهم بحقوق السجين في مرحلة اعتقاله وكان ينص على ما يتاح للمعتقل وما ينغي له في السجن حتى يقضي العقوبة السجنية حسب معاييرهم… لاحقا سأشرح طبيعة السجون المغربية منذ ان استقبلت بين جوانحها المعتقليين السياسيين اسلاميين ويساريين ايام كان نشطاء اليسار يقضون في السجون سنين عددا

كثيرون اطلعوا على ما تضمنه بين جوانحه من نصوص ولم يلفت انتباههم بعض مفرداته وقطاع عريض لم يأبه له.. أو يعره انتباها وفي الجملة كانت محاولة تيئيس لسحب المعتقلين للرضا باللعاعات التي تمنح منا وسلوى.. حتى يقبلوا بقضاء المدد السجنية في تلك الأوضاع الرديئة

لكني اليوم استرجع نقاشا دار بيننا في تلك المرحلة عن الحقوق المكفولة للسجين عندما يصنف كمعتقل رأي وكان نقاشا كثير الشجون

الكتيب كان يعبر عن ادارة السجون وما يجوز وما لايجوز في السجون حسب وجهة نظرها كمؤسسة تقضى فيها مرحلة الاعتقال…

لكن تعريف معتقل الرأي حسب منظمات حقوق الانسان وهيئاته له تفصيل اخر وحقوق اخرى لم نجد لعاعة منها في كتيب ادارة السجون

مع ان معظم من كان يضطلع بالمسألة الحقوقية في المغرب كانوا من خريجي المعتقلات سنوات الجمر والرصاص كما يحلو لهم تسميتها…ولم نجد لهم حسا ولا همسا في الدفاع عن معاناة المعتقلين في السجون وهم بين الظلف والناب…

حتى أني أذكر ان وفدا زار نا في السجن المركزي القنيطرة بمهاجع المعتقلين الاسلاميين وكان يضم بعض برلمانيي حزب العدالة والتنمية وفي ذروة القهر والمعاناة قالت برلمانية من الحزب الاسلامي لمعتقل تحدث عن سوء زنزانته ومعاملته

– مالكم راكم زوينين

اي انه ليس بكم بأس أنتم في حالة ووضع جيد

_____

واذكر من ذلك النقاش ما قاله لي الشيخ شعيب أرقيبة وهو يمسك بالكتيب وقد قرأه سطرا سطرا

تأمل في هذه المفردة – الإمتثال-

تبسم ضاحكا ثم قال لي – انها تلخص ما يريدون منا ان نصل له

ان يمتثل المعتقل امتثالا كاملا يوصله لان يكون نموذجا للمعتقل المؤهل للعودة للمجتمع والاندماج فيه

ولنا وقفات اخرى مع مفردة الاندماج وضحايا الادماج….

تعلمت في مرحلة انشغالي بالعمل الحركي أهمة المصطلخ و حساسية المفردات واصولها لعلاقتها بالتصور والمفاهيم لمعرفة ما هو طارئ علينا او وماهو منبثق من فكرنا الإسلامي من اجل ذلك كانت لدي حساسية بالغة من المفردات خاصة ان كانت تحيلنا لمفاهيم تناقض العقيدة والاستعلاء بالايمان وخاصية التميز التي هي عنوان المسلم

لم تكن تلك المرة الاولى التي كانت ملاحظة هذا الشيخ تدهشني في تلك العتمة….

جاء في تعريف مفردة اِمتثال: (اسم)

مصدر امتثلَ/ امتثلَ لـ/ امتثلَ من

(مصدر اِمْتَثَلَ) لَمْ يَكُنْ أمَامَهُ إلاَّ الامْتِثَالُ لِقَرَارِ الْمَحْكَمَةِ : أَي الخُضُوعُ، الانْقِيَادُ

أمر بالامتثال أمام المحكمة: (القانون) وثيقة قانونيّة صادرة بالأمر لأحد الأفراد بأن يظهر أمام المحكمة في وقتٍ مُعيَّن، والإخلال بهذا الأمر قد يُعرِّض الفردَ للعقوبة

الامتثال: (مصطلحات)

الطاعة. (فقهية)

مفردة الامتثال هي من تحيلنا للمآلات وتختصر لنا المسافات كلها لتصل بنا لفهم سؤال كبير غاية في الضخامة لماذا تقام المصالحة بدون انصاف …… تلك المصالحة التي عنونتها قناة الجزيرة كمؤسسة اعلامية معنية بانها مفردة تفسر كاعلان توبة

ولعمري مم التوبة إذن ؟؟؟

ان كان كتيب ادارة السجن يحتم على السجين الامتثال فهذا يعني ان من يؤهل للمصالحة بدون انصاف سيمر بنفس المعايير… للوصول الى مفردة الطاعة

ولنفهم عن عمق معنى ان تكون معتقلا ضمن ملفات الارهاب ويطلب منك الامتثال الطاعة التي تعني التوبة بتفسير أخر للمفردات الجامعة للمصالحة

لابد ان اسوق هنا مثالا حيا حدث معي لمقاربة واقع السجون

فقد كنا في مرحلة الاعتقال في صراع يومي متواصل مع السجان الذي كان يطالب بالإمتثال ولو في ادنى حدوده وكنا نرفضه جملة وتفصيلا اقصد قطاعا من المعتقلين كانوا يرفضونه بالجملة

وكانت معارك السجون شتى وكلها تافهة لكن المتأمل للواقع السجوني ومن يعرف تلك العتمة يدرك انه لاخيار لابد ان تخاض حتى لاتصل بالمعتقل لان يكون والسجين الجنائي سواء في المعاملة والتصنيف وما يترتب على ذلك ف عالم مغلق

كان ممر سجناء الحق العام في اتجاه يوصل للفسحة وكان الممر لزنزانتي المنفردة في العزلة خاصا لأنه ممر السجانة وكنت أمر منه… وارفض المرور عبر بوابة السجناء.. وكان العرف عند كل موظف ان لايقوم باعتراضي ذهابا او ايابا لكن احيانا كانوا يأتون بسجانة جدد فيتم منعي من المرور فأخوض معه صراعا ينتهي بفتح الباب ثم مروري منه بعد ان يتدخل رؤساء السجان ويفهمونه ان فلان من الملفات الخاصة وانه يقيم في العزلة..

ذات صراع بيني وبين سجان جديد مستحدث قال لي معتذرا

-قد ظننتك سجينا جنائيا ونحن تخرجنا حديثا وكانوا يلقنوننا في مرحلة التأطير ان السجن قطاع بغلي

وشرح لي معنى القطاع البغلي ومفاده انهم يعتبرون السجناء كالبغال واصول التعامل مع البغال معروفة كاصول التعامل مع القرود

ولهذا لم اجد بديلا عن التعامل معك بغلظة

ان من يهمهم الامر في القطاع البغلي حسب تعبيره يريدون من السجين امتثالا كاملا لايقبله مسلم يأبى الرق

وهذه من خلاصات ما يراد بمسلم يرفض ان يكون عبدا لغير الله تعالى …

وللحديث بقية

عن habib

شاهد أيضاً

ذكريات أم في القدس   قصيدة للشيخ أبي عبد الله الزليطني

ذكريات أم في القدس   قصيدة للشيخ أبي عبد الله الزليطني من أين أبدأ هذا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *