الرئيسية / المنبر الحر / آداب الطعام في الإسلام

آداب الطعام في الإسلام

آداب الطعام في الإسلام

 

الشيخ وحيد عبدالسلام بالي

 

آداب الطعام في الإسلام

 

1 – التسمية في أول الطعام:

ففي الصحيحين عن عمر بن أبي سلمة رضي الله عنه، قال: كنت غلامًا في حِجْر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت يدي تطيشُ في الصَّحْفة، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا غلام، سمِّ الله، وكُلْ بيمينِك، وكُلْ مما يَليك))، فما زالَتْ تلك طِعْمَتي بعدُ[1].

 

2 – فإذا نسي أن يُسمي في أول الأكل، فليَقُلْ: بسم الله أوله وآخره:

فقد روى الترمذي – وقال: حسن صحيح – عن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا أكل أحدُكم طعامًا، فليقل: بسم الله، فإن نسي في أوله، فليقل: بسم الله في أوله وآخره)). وفي رواية عن عائشة رضي الله عنها، قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يأكل طعامًا في ستة من أصحابه، فجاء أعرابيٌّ فأكله بلقمتينِ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أما إنه لو سَمَّى لكفاكم))[2].

 

3 – الأكل باليمين:

روى مسلم في صحيحه عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا أكل أحدُكم فليأكُلْ بيمينه، وإذا شرِب فليشرَب بيمينه؛ فإن الشيطان يأكل بشِماله، ويشرب بشماله))[3]. وروى عن إياس بن سَلَمة بن الأكوع أن أباه حدَّثه أن رجلًا أكل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بشِماله، فقال: ((كُلْ بيمينِك))، قال: لا أستطيع، قال: ((لا استطعتَ))، ما منعه إلا الكبرُ، قال: فما رفعها إلى فيه[4].

 

4 – الأكل من الجانب الذي يليه:

ففي الصحيحين عن عُمر بن أبي سلمة رضي الله عنه، قال: كنت غلامًا في حِجْر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت يدي تطيش في الصَّحْفة، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا غلامُ، سَمِّ اللهَ، وكُلْ بيمينك، وكُلْ مما يليك))، فما زالت تلك طِعْمَتي بعدُ[5].

 

5 – الأكل من جوانب القصعة أو الطبق:

روى أبو داود – بسند حسن – عن عبدالله بن بُسر رضي الله عنه قال: كان للنبي صلى الله عليه وسلم قصعةٌ يقال لها الغرَّاء، يحملها أربعةُ رجالٍ، فلما أضحَوا وسجدوا الضحى، أُتِي بتلك القصعة، يعني وقد ثُرِد فيها، فالتفُّوا عليها، فلما كثُروا حثا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أعرابيٌّ: ما هذه الجِلسة؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الله جعلني عبدًا كريمًا، ولم يجعلني جبارًا عنيدًا))، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كُلُوا مِن حوالَيْها، ودَعُوا ذروتَها[6] يُبارَكْ[7] فيها))[8]. وروى الإمام أحمد – بسند صحيح – عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((كُلُوا في القصعة مِن جوانبها، ولا تأكلوا من وسطِها؛ فإن البركةَ تنزِل في وسطِها))[9].

 

6 – عدم الأكل متكئًا:

روى البخاري في صحيحه عن أبي جحيفة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا آكلُ متكئًا))[10].

 

7 – ألا يعيب طعامًا:

ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ما عاب النبي صلى الله عليه وسلم طعامًا قط، إن اشتهاه أكله، وإلا تركه[11].

 

8 – ثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفَسه:

فقد روى الترمذي وقال حسن صحيح عن مقدام بن معدي كرب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ما ملأ آدميٌّ وعاءً شرًّا من بطنٍ[12]، بحسب ابن آدم أكلات يُقِمْن صلبه، فإن كان لا محالة فثُلُث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفَسه))[13].

9 – عدم النفخ في الطعام والشراب:

روى الإمام أحمد بسند صحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النفخ في الطعام والشراب[14]. وروى الترمذي – وقال: حسن صحيح – عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن النفخ في الشُّرب، فقال رجلٌ: القذاة[15] أراها في الإناء، قال: «أهرِقْها[16]»، قال: فإني لا أُروَى مِن نَفَس واحد، قال: فأَبِنِ القَدَح[17] إذًا عن فيك[18] [19].

 

10 – عدم ترك اللقمة الساقطة:

روى مسلم في صحيحه عن جابر رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن الشيطان يحضُرُ أحدَكم عند كل شيء من شأنه حتى يحضره عند طعامه، فإذا سقطت من أحدكم اللقمة فليُمِط ما كان بها من أذًى، ثم ليأكُلْها، ولا يدَعْها للشيطان، فإذا فرغ فليَلْعَق أصابعه؛ فإنه لا يدري في أي طعامه تكون البركة))[20].

 

11 – عدم القِران في التمر ونحوه إذا كان يأكل مع أحد إلا بإذنه:

ففي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يقرِنَ الرجل بين التمرتينِ جميعًا حتى يستأذن أصحابه[21].

 

12 – الحمد بعد الطعام:

♦ في سنن أبي داود – بسند صحيح – عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أكل أو شرب قال: ((الحمد لله الذي أطعم وسقى[22] وسوَّغه[23]، وجعل له مخرجًا))[24] [25].

 

♦ وروى البخاري في صحيحه عن أبي أمامة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رفع مائدته قال: ((الحمد لله كثيرًا طيبًا[26] مباركًا[27] فيه، غير مَكْفيٍّ[28] ولا مُوَدَّع[29] ولا مُستغنًى عنه[30] ربُّنا))[31] [32].

 

♦ وروى الإمام أحمد – بسند حسن – عن عبدالرحمن بن جبير أنه حدَّثه رجلٌ خدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثماني سنين، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم إذا قُرِّب إليه طعامه، يقول: ((بسم الله))، وإذا فرغ من طعامه، قال: ((اللهم أطعمتَ وأسقيتَ، وأغنيت وأقنيت[33]، وهديت وأحيَيْتَ، فلك الحمد على ما أعطيتَ))[34].

 

فالحمد بعد الطعام من أسباب رضا الله عن العبد، وقد روى مسلم عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلةَ، فيحمَده عليها، ويشرب الشربة، فيحمَده عليها))[35].


[1] متفق عليه: رواه البخاري (5376)، ومسلم (2022).

[2] صحيح: رواه الترمذي (1858)، وقال: حسن صحيح.

[3] رواه مسلم (2020).

[4] رواه مسلم (2021).

[5] متفق عليه: رواه البخاري (5376)، ومسلم (2022).

[6] ذروتها: الذروة – بالضم والكسر -: أعلى الشيء، والمراد الوسط.

[7] والبركة: النماء والزيادة ومحلها الوسط، فاللائق إبقاؤه إلى آخر الطعام؛ لبقاء البركة واستمرارها، ولا يحسن إفناؤه وإزالته.

[8] صحيح: رواه أبو داود (3773)، بسند حسن، وهو صحيح بشواهده.

[9] صحيح: رواه أحمد (2375)، بسند صحيح، وفيه عطاء بن السائب، وهو ثقة إلا أنه اختلط في آخر حياته، ولكن سفيان الثوري روى عنه قبل الاختلاط.

[10] رواه البخاري (5398)، فيكره أن يأكل متكئًا؛ لهذا الحديث.

واختلف في صفة الاتكاء:

فقيل: أن يتمكن في الجلوس للأكل على أي صفة كان.

وقيل: أن يميل على أحد شِقَّيِه.

وقيل: أن يعتمد على يده اليسرى من الأرض.

قال الخطابي: هو المعتمد على الوطاء الذي تحته، قال: ومعنى الحديث: إني لا أقعد متكئًا على الوطاء عند الأكل، فعل مَن يستكثر من الطعام، فإني لا آكل إلا البلغة من الزاد؛ فلذلك أقعد مستوفزًا.

قال ابن الأثير: إن مَن فسر الاتكاء بالميل على أحد الشِّقينِ، تأوله على مذهب الطب، بأنه لا ينحدر في مجاري الطعام سهلًا، ولا يسيغه هنيئًا، وربما تأذى به.

قلت: فعلى هذا، يجوز الأكل متربعًا من غير كراهة؛ لأنه لم يثبت نهي عنه، وليس هو من الاتكاء إلا إذا جلس على وسادة ونحوها، على تفسير الخطابي.

قد قعَد فلانٌ مُستوفِزًا؛ أي: قد قعَد على وَفْز من الأرض، والوَفْز: ألا يطمئن في قعوده، ويقال: قعد على أوفاز من الأرض.

[11] متفق عليه: رواه البخاري (3536)، ومسلم (2064).

قوله: «ما عاب رسول الله صلى الله عليه وسلم طعامًا قط، كان إذا اشتهى شيئًا أكله، وإن كرهه تركه»، هذا من آداب الطعام المتأكدة، وعيبُ الطعام؛ كقوله: مالح قليل المِلْح، حامض، رقيق، غليظ، غير ناضج، ونحو ذلك، وأما حديث ترك أكل الضب، فليس هو من عيب الطعام، إنما هو إخبار بأن هذا الطعام الخاص لا أشتهيه.

[12] وقال طبيب العرب ابن كلدة: المعدة بيت الداء.

[13] صحيح: رواه الترمذي (2380) وقال: حسن صحيح.

[14] صحيح: رواه أحمد (2813) وقال: حدثنا عبدالرحمن بن مهدي عن إسرائيل عن عبدالكريم عن عكرمة عن ابن عباس به، وهذا سند صحيح.

[15] القَذاة: الوسخ.

[16] أهرقها: أرقها وصبها.

[17] أبِنِ القَدَح: أبعِدْه.

[18] عن فيك: عن فمك.

[19] حسن: رواه أبو داود (3722) والترمذي (1877) وقال: حسن صحيح.

[20] رواه مسلم (2033).

[21] متفق عليه: رواه البخاري (2489)، ومسلم (2045).

[22] أطعم وسقى: رزقنا الطعام والشراب.

[23] سوغه: سهَّل دخوله وجعل الجسم يقبله ولا يتضرر به.

[24] مخرجًا: أي من السبيلين؛ فيخرج منهما الضار وتبقى منافعه.

[25] صحيح: رواه أبو داود (3851) بسند صحيح.

[26] طيبًا: أي خالصًا من الرياء والسمعة.

[27] مباركًا: حمدًا ذا بركة دائمًا لا ينقطع؛ لأن نعمه لا تنقطع عنا، فينبغي أن يكون حمدنا غير منقطع أيضًا، ولو نيةً واعتقادًا.

[28] غير مكفي: لا يكفيه أحدٌ رزق عباده؛ يعني أنه تعالى هو المطعم لعباده، والكافي لهم، فالضمير راجع إلى الله تعالى.

[29] ولا مودع: غير متروك.

[30] ولا مستغنى عنه: غير مطروح ولا معرض عنه، بل محتاج إليه.

[31] ربنا: بالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف؛ أي: هو ربُّنا.

[32] رواه البخاري (5458).

[33] أقنيت: أرضيت.

[34] حسن: رواه أحمد (4 /562 /375) بسند حسن.

[35] رواه مسلم (5022).

عن habib

شاهد أيضاً

المانيا تعلن الحرب على “حماس” والمتهمين بدعمها في أراضيها.. ما هي الأسباب الحقيقية والنتائج السياسية والأمنية الخطيرة التي يمكن ان تترتب عليها

المانيا تعلن الحرب على “حماس” والمتهمين بدعمها في أراضيها.. ما هي الأسباب الحقيقية والنتائج السياسية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *