الرئيسية / مقالات / السيف والقلم ( رحلتي مع الجماعة الإسلامية ) (3)( 4)
مذكرات الشيخ عاصم عبد الماجد

السيف والقلم ( رحلتي مع الجماعة الإسلامية ) (3)( 4)

《 السيف والقلم 》

( رحلتي مع الجماعة الإسلامية )

(3) ( 4)

الشيخ عاصم عبد  الماجد

والآن وقد استقام القلم بعد أن استقام القلب
وقد كان من قبل -أعني القلم- قد أحسن إعداده آن له أن يكتب
فكان من أول ما كتب بعد استقامته بيانات الجماعة الإسلامية بأسيوط وكان أولها تقريبا بعنوان (ظهر الفساد في البر والبحر والجو !!!!!)عاصم عبد الماجد
عندما قرأ الأخ ناجح مسودته قبل الطباعة ضحك فعجبت فليس في الكلام المكتوب ما يضحك ثم زال عجبي عندما قال هذه آية فلماذا زدت فيها (الجو) من عندك فاعتذرت خجلا بأني لا أعرف أنها من القرآن أصلادكتور ناجح ابراهيم
فقد كنت حديث عهد بالتزام حديث عهد بالقرآن حذفت الكلمة الزائدة وطبع البيان تصويرا
فكان أول شيء كتبته من بنات أفكاري في طريقي إلى الله

ويالخوفي أن لا أجده في صحيفة حسناتي ويالمصيبتي إن قيل إنما كتبته ليقال (كاتب)

فاللهم رحمة منك بي وعفوا وكرما تقبل مني وتجاوز عما غفلت عنه أو فرطت فيه.

فليس لي سواك وقد وهن عظمي وشاب رأسي وما عاد في العمر بقية ولا عاد لي ميدان رحيب أعمل فيه مثلما عملت وأنا قوي فتي
فتداركني برحمة منك وفضل كي لا أكون ممن قلت فيهم ( أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَن تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ )

فاللهم إنا نعوذ بك أن تكون قد احترقت
ويالخيبة أملنا لو احترقت
وأنت يارب رجاؤنا حتى لو احترقت.

ظللت بعدها يشرفني إخواني بكتابة بياناتهم وطباعتها

وواله ثم والله ثم والله
وأشهد الله والناس أجمعين أنني لست صاحب فضل في شيء من ذلك
ولا ذلك مني أصلا
وأن الله تعالى لو خلى بيني وبين نفسي لما كتبت خيرا قط ولا قلت خيرا قط
ولكنت إلى يوم الناس هذا أكتب باطلا وأقول ضلالا

لكنه فضل الله على ومنته العظمى التي أعجز عن وصفها ولا أطيق شكرها وأذوب خجلا أني لم أوفها حقها ولا قدرتها حق قدرها

فهو الذي أخذ بيدي وأخرجني من الظلمات إلى النور
فالحمد لله رب العالمين

والآن دعونا نطوي الحديث عن الكاتب والقلم فلا للكاتب قيمة ولا له فعل ولا للقلم قيمة ولا له رسم

إنما هو محض فضل الله أسبغه علينا بلا استحقاق

ولننتقل للحديث عن رحمة الله بنا وإخراجنا من الظلمات

4

الفصل الثاني
(من الظلمات إلى النور)

لا أستطيع أن أفرق بين ظلمة خاصة كانت نفس كاتب هذه السطور تتيه داخلها
وظلمة عامة كانت مصر كلها تغرق فيها
وظلمة أعم كانت تلف عالمنا العربي

أما الظلمة الأعم فقد تسللت إلى المنطقة رويدا رويدا واستحكمت مع احتلالها وتقسيمها وفق سايكس بيكو

وكذا زحفت الظلمة على مصر شيئا فشيئا ثم استحكمت مع استيلاء الجيش على حكمها بعد انقلاب 1952

وفي وسط هذه الظلمات ولدت فابتعلتني الظلمة كما ابتلعت جيلي.

كان الجهل بالدين والإعراض عن أحكامه والتنكر لأخلاقه هو عنوان المرحلة بعد عامين فقط من استيلاء الجيش على السلطة

كانت الأمور قد دانت لعبد الناصر بعد أن أطاح باللواء محمد نحيب أول رئيس بعد الانقلاب وأطاح أيضا بالإخوان أكبر شركائه في الانقلاب

وعبد الناصر كان اشتراكي التوجه وكان مع ذلك عضوا في التنظيم السري للإخوان بالجيش وكان فوق ذلك -كما قيل- صاحب السر الذي آلت إليه وحده أسماء أعضاء الجهاز السري للإخوان داخل الجيش وذلك وفق رواية ذكرها عدد من الإخوان بأن الصاغ محمود لبيب قائد تنظيم الإخوان بالجيش أرسل وهو على فراش الموت يستدعي كلا من الضابطين عبد المنعم عبد الرؤوف وجمال عبد الناصر ليعطيهما أسماء أعضاء التنظيم فتخلف عبد المنعم وحضر عبد الناصر واستلم وحده القائمة

عبد المنعم عبد الرؤوف

قبل الانقلاب بمدة انشق عبد الناصر عن الإخوان وقال للأستاذ الهضيبي مرشد الإخوان وقتها إنه لا يريد قصر التنظيم على الإخوة الملتزمين دينيا وإنه سيضم إليه ضباطا يراهم وطنيين. فوافقه الأستاذ الهضيبي -مضطرا- مؤكدا له أنه الآن من طريق والإخوان من طريق.

لكن الإخوان -وياللعجب- هبوا لمساعدته عندما دعاهم لذلك قبيل الانقلاب وتؤكد أدبيات الإخوان أنه لولاهم (سامحهم الله) لما نجح الانقلاب

بعد خطة خداع زار خلالها عبد الناصر قبر الشيخ البنا وحاكم المتورطين في اغتياله بدأ يكشر عن أنيابه ويعلن أمام الهضيبي أنه لم يعد الإخوان بشيء وليس للإخوان عنده شيء.

انتهت الأمور بحل الجماعة التي حاول جهازها الخاص اغتيال عبد الناصر وفشل (ليس صحيحا أن محاولة الاغتيال كانت تمثيلية) فأطاح عبد الناصر بالإخوان

وشن حربا أمنية وإعلامية عليهم

وعلى الإسلام أيضا الذي صار قرين الإرهاب والرجعية والتخلف في وعي الناس بفعل عملية تضليل واسعة تمت

وتفرغ بعدها لبناء مجده الشخصي وهدم ما تبقى في البلاد من قيم الإسلام وأحكامه وزعزعة عقيدته ومحو أخلاقه

وعيت على هذه الدنيا لأشاهد آثار ذلك كله في المجتمع فانطبعت به نفسي كغيري من أبناء جيلي.

نعم كان دين الدولة الرسمي هو الإسلام لكنه إسلام مفرغ من كل شيء
فالناصرية هي المنهج
والميثاق هو المرجعية
والفساد الأخلاقي هو النبراس

تحضرني هنا قصة طريفة احتال فيها شيخي د/عمر عبد الرحمن لإرجاع حق رجل ضعيف غصبه ظالم مفتر
فقد شكا الضعيف للشيخ عجزه عن استرداد حقه فقال له اكتب شكوى وأرسلها للمسؤولين بأن ما فعله معك فلان مخالف للفصل الرابع من ميثاق العمل الوطني

فكتبها الرجل وأرسلها ففوجئ بالمحافظة قد انقلبت وأجهزة الدولة قد انتفضت حتى أرجعوا له حقه

يقول الشيخ ضاحكا لا أنا كنت أعلم شيئا عن الفصل الرابع من الميثاق
ولا كان الشاكي يعلم
ولا المسؤولون الذين هرعوا إليه يعلمون

(يتبع إن شاء الله)

(
 

عن habib

شاهد أيضاً

السيف والقلم ( رحلتي مع الجماعة الإسلامية ) (10)

《 السيف والقلم 》 ( رحلتي مع الجماعة الإسلامية ) (10) الشيخ عاصم عبد الماجد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *