الرئيسية / عاجل / تحت غربال المحنة -بقلم :زكرياء بوغرارة

تحت غربال المحنة -بقلم :زكرياء بوغرارة

 

 

في مدرسة محمد صلى الله عليه وسلم الجامعة تعلم ذلك الجيل الفريد المنتجب دروسا قمينة بأن تكتب بماء الذهب  في أخلاق الأخوة وشرف الأخوة وطهر الأخوة في الله…

 تأمل معي في هذه القواعد الذهبية التي نثرها من درر الحكمة الصحابي الجليل  عبد الله بن مسعود وهو يقول

{كنّا إذا افتقدنا الأخ أتيناه، فإن كان مريضاً كانت عيادةً، وإن كان مشغولاً كانت عوناً، وإن كان غير ذلك كانت زيارةً}..

 عناية كاملة من كل الجوانب بلحمة البناء ودعامته العظمى التي بها يقوم كل شيء في الدولة النبوية…

 ولكن …

خلف من بعدهم من ضّيعوا عراها عروة عروة حتى أصبحت مجرد عناوين

خاوية  بلا معنى   مجردة من الحياة لاحراك فيها جامدة

ومن اعظم ما في الأخوة عندما تزهر وتنمو وتترعرع بالإيمان.. والإستعلاء .. أن يكون الأخ أشد الناس حرصا على كرامة أخيه .. من أي شيء يمسها بسوء أو  يخدشها  بعيب   أو منقصة

 وهنا تتجلى ذروة الحرص عليها فلايهرق ماء وجه موّحد في مسألة.. بل يصان  ويكرم

 و لتعرف للأخوة في الله قدرها ..

 إليك مثالا يقتدى

قال أبو بكر السهمي : حدَّثني شيخٌ لنا يُكنَّى أبا بكر أن مُطرف بن الشخير قال لبعض إخوانه :

{{ يا فلان إذا كانت لك حاجة فلا تُكلِّمني فيها ، ولكن اكتُبها في رقعة ثم ادفعها إلي ، فإني أكرهُ أن أرى في وجهِكَ ذُلَّ السؤال }}

شتان شتان بين من يستلذ ويستمرئ إهراق ماء وجه اخيه ..

 ومن لا يكثرث له أصلا وبين من يعلو للقمة السامقة ويكون

{{ مطرف }} قدوته.. وعلامته على الفارقة الطريق

إنها الأخوة في الله…

عندما تزهر تكون في مرضاة الله وطلب عنايته حينها تثمر أينع الثمرات وأنظرها1   وانضجها وابهاها ففيها تكمن الروعة بلحظاتها الفائقة

قلت متأملا المقولة النفيسة : لله درّك يا {{مطرف }} !

وأين أنت ممن يسره أن يرى افتقارَ إخوتِه إليه وذلهم بين يديه !!

بل من لايكترث لأحدهم.. كأن أمرهم لايعنيه..

وكم من ماء وجه أريق ذلا لم يجد من يصنه..

وذل السؤال شعبة من {{شعب العبودية }}، فرحمة الله على سلفنا الصالح كيف كانوا لا يحبون أن يروا{ الذل} إلا لمن يستحق أن تخضع له الرقاب وتذل له الجباه ..{{ جل جلاله}}

 وكيف أن حب إخوانهم في الله.. أوجب عليهم أن لايروا وجوها سجدت لله تعالى في موطن ذل لغيره….

 

 إن هشاشة الأخوة في الله وترهلها.. إنما تكون من مرض عضال وداء مزمن كشف عنه طبيب القلوب وشفاؤها..

محمد صلى الله عليه وسلم.. عندما قال

{{ ما توادَّ اثنان في الله فُيفرَّقُ بينهما إلا بذنبٍ يُحدِثُه أحدُهما “

أخرجه البخاري في الأدب المفرد…

 ولا يحدث افتراق  الا بسبب   وما أجل كلمة كاشفة  للعجز والخلل

{انما تفرقنا المعصية وقسوة القلوب وتجمد المشاعر }

 لأنها تلغي الالفة والمودة والرحمة وكل المعاني الايمانية وهذا من البلاء النازل بنا… في مرحلة فاصلة… تحتاج منا إحياء أخوة الجيل الأول الفريد..

  حقيقة   عسيرة

بيننا وبين ذاك الجيل مسافات ومفازات هائلة تدير الرؤوس وبلاءات

والمحن غربال.. وتمحيص ومنها.. وهو ملازم لها.. واقسى المحن ما تضطرك لتجرع  المحنة  الكبرى    وهي  اختبار الإخوان..

هنا تنكشف الاستار وتماط عنها الألثمة..

وما اشد مرارتها ان جائت مثقلة بالخذلان…

 لهذا قال ابن حزم رحمه الله عن هذا المنعطف الخطر في العلاقات الإنسانية والأخوة الإيمانية

({والسعيد كل السعيد من لم يضطره الزمان إلى اختبار الإخوان }}

وما ذلك الا لضراوة الصدمة ووهجها في مرارة الخذلان

  تلك بعض التأملات من وراء سجف القهر وقرار العتمة  والغربال في أوج  همته  ذهابا ومجيئا وقد عظمت النخالة والله المستعان

عن المحرر

شاهد أيضاً

ذكريات أم في القدس   قصيدة للشيخ أبي عبد الله الزليطني

ذكريات أم في القدس   قصيدة للشيخ أبي عبد الله الزليطني من أين أبدأ هذا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *