الرئيسية / أخبار / “إيران وتونس: صراع التجارب وتأثيرها على المرأة والمجتمع

“إيران وتونس: صراع التجارب وتأثيرها على المرأة والمجتمع

“إيران وتونس: صراع التجارب وتأثيرها على المرأة والمجتمع

في ظلّ التحديات الثقافية والسياسية التي تواجهها المجتمعات العربية والإسلامية، تبرز قضية المرأة كأحد أهمّ المحاور التي يتمّ التلاعب بها من قبل قوى خارجية تسعى إلى فرض رؤاها وقيمها على مجتمعاتنا. وفي هذا الإطار، انتظمت يوم الأحد 9 فيفري 2029 ندوة علمية بعنوان “مكانة المرأة في المجتمع الحديث: التجربة الإيرانية والتجربة التونسية”، تحت إشراف السفارة الإيرانية بتونس. هذه الندوة لم تكن مجرد حدث ثقافي عابر، بل كانت محاولة لفرض رؤية إيرانية شيعية على مجتمع تونسي سنّي، مما أثار تساؤلات كبيرة حول أهداف إيران الحقيقية من وراء هذه الأنشطة.

التجربة الإيرانية: تدمير كرامة المرأة

عند الحديث عن التجربة الإيرانية في تعاملها مع المرأة، لا يمكن إغفال الإشارة إلى ما يُعرف بـ”نكاح المتعة”، وهو نظام يبيح زواجاً مؤقتاً يعتبره أهل السنة زناً بكلّ معنى الكلمة. هذا النظام لا يقلّل من كرامة المرأة فحسب، بل يحوّلها إلى مجرد أداة للّذة الرجل، مما يجعلها تفقد قيمتها الإنسانية والاجتماعية. إنّ إباحة مثل هذه الممارسات في إيران يُظهر مدى الانحدار الأخلاقي الذي وصلت إليه التجربة الإيرانية، والتي تُقدَّم على أنها نموذج يُحتذى به في بعض الأوساط.

الشيخ خميس الماجري، في تحليله الدقيق، أشار إلى أنّ أسوأ سياسة تجاه المرأة موجودة في إيران، حيث يتمّ تقويض كرامتها وتحويلها إلى مجرد وسيلة للّذة. هذا ليس افتراءً، بل هو واقع تشهد عليه القوانين الإيرانية والممارسات الاجتماعية التي تكرّس دونية المرأة. فهل هذه هي التجربة التي تريد إيران تصديرها إلى تونس؟ وهل يمكن لتونس، التي تحمل تراثاً سنياً عريقاً، أن تقبل بمثل هذه الممارسات التي تتعارض مع تعاليم القرآن الكريم وسنّة النبي محمد صلى الله عليه وسلم؟

الشيخ خميس الماجري
الشيخ خميس الماجري

التجربة التونسية: تمرد المرأة وانهيار الأسرة

من جهة أخرى، فإنّ التجربة التونسية في تعاملها مع المرأة، رغم ما تحمله من إيجابيات في مجال تعليم المرأة وحقوقها، إلا أنها لم تخلُ من سلبيات أدّت إلى انهيار الأسرة وفساد المجتمع. أحد أبرز هذه السلبيات هو منع تعدّد الزوجات، الذي يعتبره البعض حقاً شرعياً للرجل في ظلّ ظروف معينة. هذا المنع أدّى إلى تمرّد المرأة على الرجل، مما أثر سلباً على تماسك الأسرة وأسهم في تفككها.

الشيخ الماجري يرى أنّ التجربة التونسية، رغم ما تحمله من نوايا حسنة، إلا أنها انحرفت عن المسار الصحيح عندما جعلت المرأة تتمرّد على الرجل، مما أدّى إلى خسارة كبيرة على مستوى الأسرة والمجتمع. فبدلاً من أن تكون المرأة شريكة للرجل في بناء الأسرة والمجتمع، أصبحت في صراع دائم معه، مما أضعف الروابط الأسرية وأسهم في انتشار الفساد الاجتماعي.

إيران في تونس: أهداف خفية وخطيرة

ما يثير القلق أكثر هو النشاط الإيراني المكثّف في تونس، وخاصةً في ما يتعلق بالمرأة. فمن خلال ندوات ومؤتمرات تُقام تحت ستار ثقافي، تحاول إيران فرض رؤيتها الشيعية على المجتمع التونسي السني. فمثلاً، تمّ دعوة “آية الله أحمد مبلغي” في ديسمبر 2024، ثمّ “نائبة رئيس جمهورية ورئيسة جامعة الزهراء بإيران سابقاً أنسيه خزعلي” في فيفري 2025، للحديث عن المرأة ودورها في المجتمع. هذه الأنشطة ليست بريئة، بل هي محاولة لاختراق المجتمع التونسي وتغيير قيمه وتقاليده.

السؤال الذي يطرح نفسه هنا: ماذا تريد إيران بنسائنا في تونس؟ هل تريد أن تكون تجربتها هي النموذج الذي تقتدي به تونس؟ هذا أمر خطير يتطلب وقفة جادة من الحكومة التونسية والمجتمع المدني. فتونس، بتراثها السني العريق، لا يمكن أن تقبل بمثل هذه المحاولات التي تهدف إلى تغيير هويتها الثقافية والدينية.

الخلاصة: الحفاظ على الهوية والتمسك بالثوابت

في النهاية، فإنّ ما يحدث في تونس من محاولات لفرض تجارب أجنبية على مجتمعنا هو أمر خطير يتطلب منا جميعاً اليقظة والحذر. يجب على الحكومة التونسية أن توضّح موقفها من هذه الأنشطة، وأن تحمي المجتمع من أيّ محاولات لفرض قيم وتجارب تتعارض مع ثوابتنا الدينية والثقافية. كما يجب على المجتمع التونسي أن يتمسك بهويته السنية وأن يرفض أيّ محاولات لتغييرها.

قال تعالى: {فَإِن شَهِدُوا فَلَا تَشْهَدْ مَعَهُمْ}، وهذا تذكير لنا بأن نكون حذرين من أيّ محاولات لفرض قيم وتجارب تتعارض مع ديننا وثقافتنا. فلنحفظ تونس من كلّ الفتن، ولنعمل معاً على بناء مجتمع قويّ ومتماسك، يحترم المرأة ويحافظ على كرامتها دون المساس بثوابتنا الدينية والاجتماعية.

ألا هل بلغت! اللهم فاشهد.

 

عن habib

شاهد أيضاً

ملح الأرض” لزكرياء بوغرارة: رحلة في عمق الإنسانية والوجود

“ملح الأرض” لزكرياء بوغرارة: رحلة في عمق الإنسانية والوجود **مقدمة:** “ملح الأرض” للكاتب زكرياء بوغرارة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *